التلغراف يحاور الأمين العام لحزب اليسار السوري

عديدة هي الملفات الحارقة التي أفرزتها الحرب في سورية، ولا تزال العوائق تتناوب مرة وتجتمع أخرى، عوائق سياسية وعسكرية واقتصادية، في وقت يعاني فيه السوري من وضع اجتماعي وإنساني مأساوي.

الأمين العام لحزب اليسار، عبد الله حاج محمد، يتحدّث في حوار خاص ل”التلغراف” عن الأوضاع في سورية والتهديد الحقيقي الذي أصاب ثورة انطلقت سلمية – شعبية وأوصلوها إلى حرب من أكبر حروب القرن الواحد والعشرين.

ما هي أهداف الدفع بقوات النظام إلى ريف إدلب، وهل ينذر ذلك بمعركة جديدة، أم أن ذلك الحشد هو ورقة بيد الروس في المشاورات الجارية بين موسكو وأنقرة بشأن الوضع في منطقة خفض التصعيد في إدلب؟

الجميع يعلم أن النظام لا يملك قرار الحرب ولا السلم منذ استسلامه ورهن إرادته لكل من الحرس الإيراني، ومن ثم للقوات الروسية وميليشيا الطرفين، وأقصد مرتزقة فاغنر والحشود الطائفية، واليوم هو أضعف من ذي قبل، فبعد أن رهن قراره للمحتل هو غير قادر اليوم على تحريك قواته ليس فقط بسبب استلاب إرادته بل أيضا لافتقاره التمويل.. فالحروب لا تشن بالاستدانة.. وإذا وجدنا ميليشيا النظام تتحرك فلنبحث عن الممول الإقليمي وإرادة المحتل ومصالحه، فالروس والإيرانيون كما النظام جميعهم مدركون خطورة التسليم بالحل السياسي وإعلان انتهاء المعارك العسكرية، فبتقديم تنازلات سياسية لا يستطيع النظام الصمود بُعيْدَ أول تنازل مهما صغر، ولا يعود بمقدور الميليشيا الإيرانية ولا حليفتها الروسية أن يمنعوا أو يوقفوا انهيار هذه السلطة المهترئة ولا سبيل لإعادة إنتاجها، في وقت يتنامى الاحتقان لدى الشعب السوري القابع تحت سلطات الاحتلال وهو يعاني من الجوع المؤلم، ولا يستطيعون تقديم تنازلات نصت عليها قرارات مجلس الأمن في أي من السلال الأربع ولا يستطيعون تلميع النظام الذي استخدم الكيماوي والغازات السامة ضد المدنيين، ولا يستطيعون استبداله لأن في ذلك انهيارا للنظام، ما يؤدي إلى خسارة استثمارهم القذر في دماء السوريين، هؤلاء وأقصد الإيرانيين والروس قد يجدون من يمول هذه الحرب في الإقليم، فالروس لن يغامروا بأموالهم أكثر والإيرانيون أعلنوا إفلاسهم والحرب تحتاج الى أموال طائلة.

إن المصلحة الروسية تقتضي أن يبسط الروس باسم النظام سيطرتهم على كامل الجغرافيا السورية ليكون بإمكانهم ابتزاز الممولين وجعلهم يذعنون لإعادة إعمار وفق الأجندة الروسية، فإعادة إعمار غروزني كلف الميزانية الروسية ما عادل إعادة إعمار ألمانيا بعد الحرب، وقد أثرى أمراء الجيش الروسي واستخباراته والمافيا المرتبطة بهما، وهم تواقون إلى إعادة الكرّة في حلب ودمشق !. وقد تحرشوا بالقوات الأمريكية في الشهر الفائت فكلفهم كبير مستشاريهم وثاني جنرال في سورية. إن استهداف الشمال وقصف المدنيين المستمر مؤشر على رغبتهم في تنفيذ المخطط الروسي المعلن بالإستيلاء على إدلب كاملة لصالح قوات النظام، لكنهم جربوا ذلك مرارا واصطدموا بالمصالح التركية ولم يتراجعوا عن مسعاهم إلا بعد أن تعاظمت خسائرهم، ولأنه لم يدخل عامل جديد على موازين القوى، فأمريكا غير راغبة في التخلي عن تركيا ولن تتركها تهزم لصالح روسيا، وما من تفاهم روسي أمريكي يتجاوز تركيا، على الأقل إلى ما بعد الانتخابات الأمريكية، وروسيا تلعب بالوقت الضائع لصالح المصالح الإيرانية هذه المرة، وهي مصالح مهددة بالتبخر بعد ثلاثة أشهر، وأيا كان الرئيس المنتخب، فقد صرف الإيرانيون جميع حظوظهم، وإن تمادوا في غيهم أكثر مما فعلوا إلى حد الآن فستكون وحدة إيران مهددة، ولن يجدوا من يبكيهم.

لماذا تأخر الحوار السوري – السوري الذي كان من المؤمل أن يمهد الطريق إلى الحل السياسي في سورية؟ هل للمعارضة دخل في هذا التعطيل والتأخير؟

السؤال يوحي بوهم غير حقيقي، فالصراع ليس بين سوريين يختلفون في وجهات نظرهم حول مستقبل سورية لتقوم الأمم المتحدة بتقريب وجهات نظرهم.. أبدا الأمر ليس كذلك، نحن لدينا مفاوضات بين سوريين ينشدون دولة ديمقراطية، ونظام شمولي متحالف مع احتلال يريد إدامة القمع والبطش والنهب المافيوي والتمييز بين السوريين، والهدف الواضح من هذه المفاوضات هو تخليص أسلحة القتل من أيدي المجرمين وإسقاط شرعيتهم المتوهمة، واستطاع الشعب السوري مع أصدقائه أن يقنع المجتمع الدولي بخطورة النظام القمعي على السلم العالمي، فأصدر عدة قرارات تهدف إلى التخلص من هذا النظام وخشية الوقوع في الفوضى أوصى بضرورة تشكيل هيئة حكم إنتقالي شريطة أن لا تضم أحدا ممّن تلطخت أيديهم بدماء السوريين.

ولأن الأمر بهذا الشكل الحرج والحساس، نحن لا نتوقع من النظام الشمولي تيسير عمل لجان التفاوض/الحوار، فهو سيقوم بوضع كل العراقيل المتاحة لأسباب إجرائية أو تلك التي تتيحها له الأنظمة الشمولية المتحالفة معه كالصين وروسيا وإيران، والتي بدفاعها عن النظام ومحاولة شراء وقت إضافي له تدافع عن نظمها ومن ثم مصالحها.

ولدينا العديد من الملاحظات والانتقادات للمعارضة “الرسمية” وأقصد تلك المنضوية أو المنبثقة عن المؤسسات التي شجع أصدقاء الشعب السوري على تأسيسها كالإئتلاف وما انبثق عنه من لجان، ولكن فيما يخص المفاوضات مع النظام لابد من توجيه ملاحظة شديدة لتلك اللجان وهي ضرورة التوقف عن مجاملة الدولة الراعية لمقرها والتوقف عن الإنخراط في محادثات سوتشي أو أستانة التي ماتت تقريبا، والعمل على مناهضة العودة إلى هذه المسارات التي لا تهدف إلا إلى إعادة تأهيل النظام المجرم، فـالانخراط في أي مفاوضات جانبية غير مرعية من الأمم المتحدة وغير مؤسسة على ضرورة التخلص من النظام يعتبر خيانة لمصالح السوريين واستهتارا بتضحياتهم. كما لابد من تصحيح مسيرة المفاوضات خاصة أن جميع التنازلات والتساهل المشين لم يؤديا إلى إقلاع المفاوضات التي لا تزال تدور حول الشروط الإجرائية لانطلاقها، فالنظام لا يستطيع السماح لها بالإقلاع أبدا، لذلك يجب التوقف عن الاستجداء المهين، والإعلان أن أي مفاوضات يجب أن تبدأ بمناقشة آليات الدخول في المرحلة الانتقالية عبر كف أيدي المجرمين فورا وبقرار دولي ينص على ذلك دون مواربة وإلا لن ننتهي من مناقشات ستطول.

انتقادات عديدة واتهامات للمعارضة بالتشتت والانخراط في تطبيق أجندات دول أجنبية تسعى إلى إطالة أمد الحرب في سورية.. ما تقييمك لأداء المعارضة خلال عشرية من الحرب والدمار؟

سؤال جيد ومهم موضوع في إطار بائس، لذلك سأحاول الفصل بين السؤال وإطاره، فليس لدى المعارضة أيا كان تصنيفها أو توصيفها قوات عسكرية، فالقوات المتحاربة هي قوات ميليشيا النظام والحرس الإيراني وأذرعه من حزب الله إلى زينبيين وفاطميين ومن ثم جيش الاتحاد الروسي وميليشيا فاغنر التابعة لمطبخ قصر القيصر، تقابلها قوات من السوريين المستقطبين من دول عظمى أو دول الجوار الإقليمي بهدف الدفاع عن أنفسهم أولا ومن ثم الإنزلاق لخدمة مصالح الممولين ..فالعنف الممنهج والقتل العشوائي وحرق المدن بسكانها هو الذي حول الارتماء في أحضان الجوار، وأصبح النظام الذي ورث شرعية مزيفة، معادلا لمحتل يجب تحرير الوطن منه أيا كان حرص المجتمع الدولي على برمجة سقوطه مداراة للفوضى المحتملة التي لم يعد السوري معنيا بها بعد أن أصبح كل طفل مستهدفا بالموت الزؤام دون ما رادع دولي.. فالأمم المتحدة تقول أن 99% من الدمار كان بواسطة طائرات عمودية ومجنحة وليس لدى المقاومين إلا بنادق تعيسة.

وبناء على ذلك أقول بوضوح ليس لدى المعارضة أذرع عسكرية لتتهم بتصعيد الحرب وتوسيع الدمار، فالدمار مارسته دول عظمى والقتل مارسه النظام بمساعدة الميليشيا الطائفية.

الأن نعود إلى تقييم المعارضة السياسية لنقول أين أخطأت وأين أصابت.. لقد انخرطت المعارضة بتقاطع الأجندات الدولية والإقليمية ، وهي لا تستطيع أن تكون حيادية، فالخلاف بينهم يدور حول الوطن المستباح.. لذلك، كي لا يتم الاستفراد بها كلا على حدة، دعونا نجدد الدعوة إلى المعارضين من مختلف المشارب والتوصيفات إلى الدخول في تحالف وطني يضم الجميع على أرضية الحد الأدنى الذي يسمح بتحرير الوطن وإقامة نظام ديمقراطي يحترم حقوق الإنسان ويطبق العدالة بالتساوي بين الجميع.. على المعارضة أن تعي أنها تخوض معركة تحرير وطني من الاحتلالات التي يشكل النظام أحدها بل أصغرها.. يحلو للبعض خوض معارك جانبية، خدمة لتيارات تتصارع في الإقليم، بين اليمين واليسار أو الحداثة والرجعية.. إنها معارك مهمة ومشروعة ولكن ليس قبل أن نتأكد من أننا ضمنّا تحرير سورية من النظام والاحتلالات، ومن ثم لنختلف سياسيا ولنتخاصم بشرف في رسم صورة سورية المستقبل.

سوريون معارضون يتوقعون أن تتجه المنطقة نحو أحداث مفصلية وقد تنزلق الأوضاع إلى مواجهات قد تكون عواقبها كبيرة، خاصة في واقع التدخلات الخارجية والممارسات التركية التي تصبّ في خانة الزعزعة والسيطرة.. هل تتفق مع هذه التكهنات كقارئ للأحداث؟

مازال الصراع مفتوحا على جميع الإحتمالات، فالدول العظمى ودول الإقليم التي أنفقت الكثير غير مكترثة بحياة السوريين، سيتعاركون لتثبيت “حقوقهم “في كعكتنا وهم غدا عندما يبدأ الصراع سيفطنون إلى أن الحسم مرهون بموافقة السوريين ودون موافقتهم لن يجني أحد إلا السراب، لذلك على المعارضة وعلى جميع السوريين أن يحددوا مصالحهم ويظهروها، وأن يمتنعوا عن تأييد أي طرف لا يخدم أولا مصالح السوريين، وعلى رأسها مصالحنا السياسية ( الحرية، والديمقراطية، والمساواة دون أي نوع من التمييز)، فدون هذا الحد الأدنى، لن نستطيع إلغاء اتفاقيات جائرة أوإيقاف مشاريع فاسدة أو خاسرة، ونحن السوريين نستبق صراع الكعكة لنعلن بطلان جميع الإتفاقيات والتعهدات التي أبرمها النظام مع أي من دول العالم بعد 11 أذار 2011 ميلادية، فمؤسسات ما بعد الاستقلال عن حكم الاحتلال الأسدي، مع برلماننا الديمقراطي سيقر أو يرفض الاتفاقيات التجارية أو الصناعية وسيشرعن أو يسقط الاستثمارات التي بوشر فيها بعد ثورة الكرامة ..أعتقد أن المعارك العسكرية الكبرى أصبحت خلفنا إلا إذا سمحت الولايات المتحدة بها، فالروس لن يدخلوا معركة إلا إذا ضمنوا تمويلا خليجيا لها وهذا مرهون بموافقة أمريكية ،والإيرانيون لن يستطيعوا الإستمرار في أي حرب مالم تفرج الإدارة الأمريكية عن أموالهم وتجارتهم، والأتراك لن يمولوا حربا بعد أن خسرت ليرتهم نصف قيمتها، إلا إذا هُدد أمنهم القومي من قبل حزب العمال الكردستاني الذي يحتاج هو الأخر إلى تمويل من أبار المنطقة الشرقية وسلاح من المخزون الأمريكي، ولكننا نشهد سعيا أمريكيا لفصل سلطات المنطقة الشرقية عن أسيادها في قنديل..

خلال الشهر الماضي شهدت مناطق دير الزور تحركات مكثفة من قبل النظام السوري واستهداف عدد من الشخصيات العشائرية.. ما هو واقع الحال هناك؟

إن الصراع على دير الزور وعلى قلوب عشائرها، لن ينتهي إلا بتحرير كامل التراب السوري من الاحتلالات وإسقاط النظم القمعية التي تستهدف حريات السوريين وكرامتهم.. في علم الجرائم يعول على الدوافع بالدرجة الأولى، والمشكلة أن للجميع مصلحة ودافعا لممارسة القمع والقتل ضد أهلنا في دير الزور، فالميليشيا الإيرانية تريد أن تعبد طريقا آمنا من طهران إلى بيروت يمر من دير الزور، ولأن أهلنا يرفضون هذا التجاوز المسلح يتم قتلهم وتشريدهم بين الفينة والأخرى، بينما تريد الميلشيات الروسية وتلك المتحالفة معها السيطرة على أبار النفط لتمويل مجهودها الحربي فتدخل في اشتباك مع القوات الأمريكية غالبا ما يقتل فيه مئات من عناصر الميليشيا الروسية، وأحيانا يكون الصيد ثمينا ممثلا بجنرال كبير أومستشار ثمين فيكتفي الأمريكان به كرسالة لا تخطيء الهدف. أما قوات قسد فمصيبتها أكبر وإجرامها أوضح، فهي عندما قتلت زعيم العكيدات الشيخ مطشر حمود الهفل، بعد احتجاج عشيرته على المنهاج التعليمي المفروض من حزب العمال الكردستاني على مدارس العشيرة، ورفضه- رحمه الله -الحوار مع قادة قسد، اتهمت داعش بقتله، ولا شك عندي في أن داعش تحب القتل والتنكيل، ولكن من المحزن أن تكون داعش جاهزة لقتل كل من يشاكس قوات قسد كما سبق واغتالت سليمان الكسار بعد أن هاجم قمع قسد وبطشها، وأصبحنا معنين بفك ارتباط قسد مع داعش قبل الحديث عن الحريات والقمع الشوفيني والتلاعب بالديموغرافيا عبر قتل وتهجير السكان الذي تنتهجه قسد دون إدانة أو خوف من إدانة!

حديث عن الكشف عن شبكات تجسس تعمل لصالح الدولة التركية في مناطق شمال وشرق سورية وحتى العاصمة.. برأيكم ماذا تخطط تركيا بعد كل الدمار الذي تسببت فيه؟

سورية اليوم أكبر ساحة تجسس في العالم وقد احتلت مكانة لبنان وتنافس سويسرا.. فجواسيس الولايات المتحدة وإسرائيل يرصدون أي حركة عسكرية أو اقتصادية ويتبادلون بيانات تفصيلية عن الشارد والوارد، ألم تلاحظ دقة استهدافهم للقواعد الإيرانية والميليشيات المرافقة.. وبالإضافة إلى الإسرائيلين والأمريكان، تنشط في سورية المخابرات البريطانية والفرنسية، أما الإيرانيون فلديهم جهازان للاستخبارات، ولكل ميليشيا جهاز استخباراتها الخاص من حزب الله إلى فاطميين، وفي المجموعة الثانية لدينا الاستخبارات الألمانية والهولندية والتركية والإماراتية والسعودية والأردنية والعراقية، وقد رتبتهم بحسب شدة نشاطهم الاستخباراتي، أضف إلى هذه الأجهزة أربعة أجهزة استخبارات للنظام مع سبعة عشر فرعا يعمل بشكل مستقل، أما جهاز التجسس التابع لقوات قسد فقد تشكل كفرع من الأمن العسكري عام 1990 وهو اليوم يتبادل أهم المعلومات مع القوات الأمريكية ولا نعرف كم تسهم المعلومات التي يقدمها الأمريكان لقسد في النيل من حركة الرفض العشائرية ولا من مساهمتها في تصويب التفجيرات والمفخخات التي تنال من المدنيين شرق وغرب الفرات الشمالي.

أعلنت أربعة كيانات معارضة للنظام السوري في منطقة شرق الفرات، في 29 من يوليو الماضي، عن تشكيل “جبهة السلام والحرية”.. لماذا وصفها حزب اليسار بأنها تشكل تحديا لإرادة السوريين؟

إن ما أطلق عليه “جبهة السلام والحرية ” جاءت كرد فعل غير مدروس على فعل مشابه قامت به قسد في المنطقة الشرقية، لقد أعطت هذه المكونات الأربعة التي لاتمثل إلا شريحة من سكان المنطقة الشرقية، أعطت لنفسها الحق في إقامة كانتون بمواصفات قومية فاقعة دون استشارة باقي السوريين ودون التمسك بالوطنية السورية لا من حيث البنية ومآلاتها ولا من حيث الولاء، فقد صرحوا بولائهم للإقليم الكردي في شمال العراق منتهزين الترحيب الأمريكي في رعاية كانتون كردي يكون مخلبا لمصالحها عند الضرورة.. إنه مشروع انفصالي من طرف واحد، وحزبنا لا يرى في هذه التكتلات الصبيانية إلا تعميقا للشرخ الوطني والانقسام بين مكونات الشعب خدمة لأهداف فئوية في تحد صارخ لإرادة ومشاعر السوريين الذين سيناضلون لإجهاض هذا الكانتون وباقي الكانتونات المتخيلة.

سبق أن صرحتَ في أحد حواراتك، بأن أمريكا وقعت عقدًا مع “قسد” حول النفط بقصد الضغط على النظام للتوجه إلى الحل السياسي.. لو تفسر لنا أكثر حقيقة النوايا الأمريكية، وهل واشنطن عاجزة حقا عن إيجاد تسوية سياسية للأزمة السورية بدون اللجوء إلى مثل هذه المناورات؟

لم يكن ذلك اجتهادا أوتحليلا سياسيا قدمتُه، بل معلومة باح بها الأمريكان، يريدون حرمان النظام من الموارد التي تدعم جرائمه وتسمح لداعميه الاستمرار في دعم إجرامه دون أكلاف، بدءً من قانون قيصر مرورا بحرمان النظام من عائدات النفط، وقد صرحوا عبر وزارة الخارجية والمبعوث الخاص وترامب شخصيا بأنهم يريدون الضغط على النظام للدخول في مفاوضات سياسية، تفضي إلى حل عراه وتفكيكه لصالح نظام أقل إجراما. ألم ترَ كيف تميّز الروس غيظا مما أل إليه النظام على الصعيد الاقتصادي وأصبح عليهم أن يدفعوا بدل أن ينهبوا؟ .. ألم ترَ تداعيات ذلك على الاقتصاد اللبناني حيث أصبح رأس حليفه نصر الله مطلوبا لتسببه في الإفلاس الاقتصادي؟.

برغم أن هناك وفدا من النظام مشاركا في مفاوضات اللجنة الدستورية، إلا أنك اتهمته سابقا بتعطيل أعمالها وربطت ذلك بحماية الروس له، ورهانه على جعل مساري “سوتشي” وأستانة” طريقًا للحل بدلًا من مفاوضات “جنيف”.. أي طريق إذن للحل في سورية بعيدا عن هذه المسارات؟

إن النتيجة الصفرية لاجتماعات اللجنة المعنية بمناقشة الدستور في اجتماعها الأخير، وقدرة وفد النظام على تعطيل عملها متى شاء، دليل على ضرورة العودة إلى بيان جنيف الذي وجد أن الحل في تشكيل هيئة حكم انتقالي تكون مفاوضات السلال الأربع وتوقيتها بإشرافه، لا تحت رحمة النظام وداعميه. وعلى المجتمع الدولي أن يصدر قرارا ملزما بكف يد النظام وإحالته إلى العدالة، مع إحالة جميع الصلاحيات السياسية والإدارية لمجلس الحكم الإنتقالي.

فالتفسير الروسي للقرارات الدولية انطلاقا من تشوهات سوتشي ومن ثم استانة، والتي ترى أن أي إصلاح أو تغيير يجب أن يكون بإرادة النظام وموافقته حفاظا على “السيادة” يحمل إصرارا على متابعة القتل والتهجير ضد الشعب السوري، وقد كان وزير الخارجية الروسي واضحا عندما صرح من دمشق بأن انتخابات الرئاسة أو الانتخابات التشريعية يجب أن تكون مستقلة عن تقدم أو تعثر مفاوضات السلال الأربع، فالنظام سيحكم ويسحل السوريين ويورث الحكم لابنه عندما يشيخ، في حين تستمر مفاوضات اللجنة الدستورية، أو ربما يتم إيقافها للتسلي بإحدى السلال المتبقية ردحا من الزمن.. إنها أشبه باستحقاقات مواعيد رياضية.

ماهي السيناريوهات المحتملة في حال تم التوافق محليا وإقليميا ودوليا على أرضية لحل سياسي للأزمة في سورية ؟

السيناريوهات عديدة ولم يقلص السؤال بعضا منها فما زالت بعدد المتداخلين على التراب السوري، فالتوافقات الإقليمية عديدة، والدولية لا تقل عنها، والجمع بين المحلي والدولي يضاعف الاحتمالات، وإذا أضفنا إضافة إلى ذلك الاستعصاء السوري جزء من أزمات دولية أكبر، كصفقة القرن واتفاقات النووي الإيراني ومستقبل التجارة وعولمة النقد وخطوط إمداد الطاقة في المتوسط، واحتلال القرم وشرق أوكرانيا، ومستقبل ليبيا والجزائر ومالي والسودان وكشمير.

أريد أن أقدّم نصيحة لمجرمي الحروب وتجارها.. حذار أن يقبل أحدكم أن يعوض له عن مصالحه بمصالح الشعب السوري، فهذا هو الخسران المبين، فشعبنا مصر على انتزاع كافة حقوقه بعد الظفر بحريته وطرد المحتلين، جميع المحتلين.

أي نظام سياسي تراه الأنسب لسورية ويلبي طموحات الشعب السوري؟

نحن في حزب اليسار الديمقراطي السوري، نسعى إلى نقل سورية إلى الحداثة ليكون ممكنا تأمين التعليم والصحة والحياة الكريمة لجميع السوريين، ونرى الأنسب لشعبنا نظاما جمهوريا ديمقراطيا قائما على فصل السلطات، يحتكم فيه السوريون إلى قانون مدني واحد للجميع، لا يميز بينهم بالجنس أو العرق أوالجهة، يستند إلى دستور يحترم حقوق الإنسان وحرية الضمير، كما يحافظ على وحدة الأرض السورية ووحدة شعبها، وهكذا نظام يحتمل أشكالا عديدة من الإدارة والعدالة الإجتماعية، ويستطيع شعبنا أن يختار ما يخدم مصالحه منها.

اقرأ ايضاً

عبد الله حاج محمد يكتب : روسيا والنظام السورى

شكرا للتعليق على الموضوع