أسامة آل تركي يكتب: في الإتحاد قوة ‎

منذ فترة ونحن نتابع الصراع القائم بين أذربيجان وأرمينيا، وللأسف الشديد كانت التغطية الإعلامية العربية والعالمية ضعيفة جدا، بحيث تأتينا الأخبار بشكل غير واضح، وهناك أمور لم تكن واضحة بالشكل الصحيح، فقضية الحرب الدائرة في ذلك الإقليم قضية جوهرية هامة، كان ولابد من جميع المسلمين أن يعلموا بها، حتى نستخرج منها العبر والفوائد.

بدأت جذور الصراع في الحقبة السوفياتية في عشرينات القرن الماضي حين قام جوزيف ستالين بتطبيق سياسته في التفريق بين الإثنيات وإشعال نار العداء بينها وتفتيت قواها، فقد تعمدت السلطة السوفياتية في عام 1923 ضم الأقلية  الأرمينية (سكان كارا باخ) داخل حدود أذربيجان، وبحدود إدارية تُرسم لتجعل كل ما يحيط بها أذربيجانيا رغم رغبة السكان في التبعية الأرمنية، وفي المقابل تظل الأقلية الأذربيجانية في إقليم “ناخ تشيفان” معزولة داخل جمهورية أرمينيا، بالإضافة إلى أن السلطة السوفياتية منحت “كارا باخ” صلاحية الحكم الذاتي داخل جمهورية أذربيجان، وهو ما كان أشبه بقنبلة موقوتة .

وبعد تفكك الاتحاد السوفياتي في 25 ديسمبر 1991- أعلن الانفصاليون في إقليم “كارا باخ” في مطلع 1992 الاستقلال عن أذربيجان، ورفض الانضمام إلى أرمينيا، ومدّت أرمينيا مقاتلي “كارا باخ” بالسلاح والرجال، بل توغلت قواتها داخل أذربيجان، كما احتلت الشريط الأرضي الفاصل جغرافياً لقرة باغ عن أرمينيا (ويسمى رواق لا جين) وكذلك أراضي 6 مقاطعات أخرى شرق وجنوب قرة باغ واحتلت 20% من إجمالي أراضيها في منتصف 1993، وكانت النتيجة أن فر مئات الآلاف من السكان الأذريين هرباً من القوات الأرمينية الغازية، وانتقل اللاجئون إلى معسكرات كثير منها حول العاصمة الأذربيجانية باكو، وقد ساند الروس أرمينيا في هذه الحرب كثيراً مما سهل من النصر الذي حققه الأرمن، وفي مايو 1994 قبلت جميع الأطراف بما فيها أذربيجان المحتلة أراضيها اتفاقاً لوقف إطلاق النار، والاحتكام إلى المفاوضات السلمية، حقناً للدماء، وكان الوسيط الرئيسي في المفاوضات هو الاتحاد الأوربي الذي فوض مجموعة من الدول برئاسة فرنسا والولايات المتحدة وروسيا للاجتماع في مينسك عاصمة بيلاروسيا لبدء التفاوض، من جانبها أعلنت الميليشيات الأرمنية جمهورية ناغورنو قرة باغ التي لم تعترف بها أي دولة إلا أن أرمينيا تعاملها كجزء منها .

وكما هو الحال استمر المغتصب، يراوغ والضعيف يستنجد بالمفاوضات دون جدوى، والضعيف ليس له صوت ولا مكان في هذا الزمان، حتى تكاتف الاتراك مع الأذربيجان وشنت عليهم حرب وكما يقال ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة، انتصرت القوات الأذربيجانية بالتعاون مع شقيقتها التركية فكان النصر حليفهم، والعبرة أن المسلمين إذا اتحدوا لن تكون هناك أراضي مغتصبة، وأن لا يضع المسلم يديه في يد المغتصب، إنما يضعها لاسترجاع أراضيهم المغتصبة وأن لا يطعنوا بعضهم البعض من الخلف وكما قال سيد الخلق أنصر أخاك ظالم أو مظلوم فقالوا مظلوم نعم ولكن ظالم كيف قال تعينه على أن لا يكون ظالم .

ما حدث، يعود بنا إلى ما حصل في الأسبوع الماضي في الكركرات بالصحراء المغربية، كون مجموعة متمردة من الخوارج مدعومين من قبل جهات أجنبية أثاروا فوضى بالمنطقة، حيث أرادوا إقامة دولة ذات سيادة خارج نطاق القانون الدولي متحدين العالم كله، وكل ذلك من أجل استنزاف موارد المغرب وإضعاف اقتصاده، لكن القوات المسلحة كانت لهم بالمرصاد وطردتهم خارج المنطقة كونهم لا يمثلون سوى أنفسهم، للأسف الشديد هناك بعض الأشقاء يدعمون المنشقين، بل هم المصدر الأساسي في ذلك الخلاف والدعم المقدم لهم.

فمتى تتحد الدول العربية لتكون في صف وأحد وينصروا بعضهم البعض ويقفوا أمام الباطل كما فعلت تركيا مع شقيقتها أذربيجان.

اقرأ للكاتب

أسامة آل تركي يكتب: الانهيار الاقتصادي ‎

شكرا للتعليق على الموضوع