رسوم تصديق نقابة المحامين على العقود باطل قانونا
القضاء الإداري أبطل فرض الرسم بواقع 0.005% من قيمة العقود بحد أقصى 5 الاف جنيه فقررت عمومية المحاميين رفعه إلى 1% وبحد أقصى 25 ألف جنيه
خدمات – التلغراف: مع اقتراب موعد سريانها والمحدد له 6 مارس المقبل، أثارت تعديلات قانون الشهر العقاري الصادرة بالقانون رقم 186 لسنة 2020، والخاصة بالإجراءات الجديدة لشهر وتوثيق عقود بيع العقارات، عاصفة من الجدل ممتدة على مدار خمسة أيام توالت على أثرها البيانات التوضيحية من كلا من مجلس الوزراء منة جهة ووزارة العدل ومصلحة الشهر العقاري من جهة أخرى، تلك البيانات التي أظهرت آليات تنفيذ تلك التعديلات.
حسبة بسيطة تضمنتها ورقة مكتوبة بخط اليد ضجت بها صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، انتهى فيها كاتبها إلى أنه في ظل هذه التعديلات فإن شقة تبلغ مساحتها 100 متر مربع، ويبلغ متوسط سعرها 400 ألف جنيه، ستقدر رسوم توثيق عقدها بنحو 39 ألف جنيه، موزعة على رسوم طلب تسجيل الشقة في الشهر العقاري ورسم (1%) من إجمالي سعرها لنقابة المحامين، بالإضافة إلى ضريبة التصرفات العقارية المستحقة على البائع ورسوم المساحة والرسم الهندسي وغيرها.
واللافت هنا أنه بالبحث في الأحكام الصادرة من محاكم مجلس الدولة، توصلنا إلى العديد من الأحكام التي تبطل فرض رسم الـ(1%) الذي تحصله نقابة المحامين مقابل تصديق النقابة على توقيع المحامين لديها ودرجة قيدهم على العقود واجبة الشهر والتوثيق، حيث اعتبرته المحاكم رسما مخالفا للقانون ولا تقابله خدمة فعلية.
أول هذه الأحكام أصدرته محكمة القضاء الإداري برئاسة المستشار إبراهيم إسماعيل، نائب رئيس مجلس الدولة، في الدعوى رقم 35818 لسنة 61 قضائية، بجلسة 30 ديسمبر 2012، وقضت فيه المحكمة بعدم الاعتداد بالقرار الصادر من نقابة المحامين فيما تضمنه من فرض رسوم مقابل تصديق النقابة على توقيع المحامين على العقود واجبة الشهر والتوثيق برسوم تقدر بمبلغ 0.005% من قيمة تلك العقود بحد أقصى 5000 جنيه مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها إلزام النقابة برد مبلغ 1250 جنيه قيمة ما حصلته من مقيم الدعوى كرسوم تصديق وبمبلغ عشرون جنيها رسوم الدمغة وإلزامها المصروفات.
وقالت المحكمة في حيثيات حكمها إن الثابت من الأوراق أن نقابة المحامين قد أصدرت قراراً فرضت بمقتضاه رسما مقابلا لتصديقها على توقيع المحامين لديها ودرجة قيدهم على العقود واجبة الشهر والتوثيق يقدر بمبلغ 0.005% من قيمة تلك العقود بحد أقصى 5000 جنيه، ولما كانت صفة المحامي ودرجة قيده ثابتة بالنقابة بمجرد القيد في جداولها وسداد الاشتراكات السنوية وذلك وفقا لقانون المحاماة المشار إليه ومن ثم فإن هذا الرسم لا يقابله خدمة فعلية أو نشاط خاص أتته النقابة وإنما هو مجرد إقرار بصفة ودرجة ثابتة بجداولها.
واستطردت المحكمة : «أنه ولئن كان المشرع قد قرر فرض الرسوم من قبل السلطة التنفيذية إلا أن ذلك لابد أن يكون بناء على قانون صادر عن السلطة التشريعية يخولها هذه السلطة، وعلى أن يتضمن هذا التشريع الحالات المحددة لاستحقاقه وأحوال الإعفاء منه والحد الأقصى لقيمته، وإلا حلت السلطة التنفيذية محل السلطة التشريعية في اختصاص محجوز لها، وهو ما يمثل اعتداء على مبدأ الفصل بين السلطات.»
وأضافت المحكمة أنه لما كانت أحكام قانون المحاماة قد جاءت خلو مما يفيد صدور تفويض تشريعي لنقابة المحامين لفرض الرسم المشار إليه، الأمر الذي يكون قرار فرض هذه الرسوم غير قائم على سند صحيح من القانون بحسبان أنه قد أنطوى على غصب اختصاص مقصور على السلطة التشريعية دون سند قانوني وعدوان على حقوق مالية وفرض عبئا على الغير صدر ممن لا يملكه قانونا بالمخالفة لأحكام القانون والدستور بما ينحدر به لدرجة الانعدام مما يتعين معه القضاء بعدم الاعتداد به.
والغريب أنه بدلاً من تنفيذ ما انتهى إليه هذا الحكم وإلغاء فرض تلك الرسوم، قررت الجمعية العمومية للنقابة العامة للمحامين بجلستها المنعقدة بتاريخ 5 ديسمبر 2013 رفع رسوم دمغة التصديق على توقيع المحامين على العقود واجبة الشهر والتوثيق من 0,5 % (نصف في المائة ) إلى 1% ( واحد في المائة ) والتي يلتزم المحامي بسدادها عند التصديق بحد أقصى خمسة وعشرون ألف جنيه.
وعلى أثر ذلك صدر حكم آخر من محكمة القضاء الإداري برئاسة المستشار السيد المرسي، نائب رئيس مجلس الدولة، في الدعوى رقم 2788 لسنة 72 قضائية بجلسة 27 أغسطس 2019، قضت فيه المحكمة بوقف تنفيذ وإلغاء قرار الجمعية العمومية للنقابة العامة للمحامين الصادر بتاريخ 5/12/2013 فيما تضمنه من رفع رسوم دمغة التصديق على توقيع المحامين على العقود واجبة الشهر والتوثيق من 0,5 % (نصف في المائة ) إلى 1% ( واحد في المائة ) والتي يلتزم المحامي بسدادها عند التصديق بحد أقصى خمسة وعشرون ألف جنيه.
وكررت المحكمة في الحكم الجديد ما سبق وأن ذكرته محكمة القضاء الإداري في حكمها الأول، بشأن أن ذلك الرسم لا تقابله خدمة فعلية أو نشاط خاص قامت به النقابة وإنما هو مجرد إقرار بصفة ودرجة ثابتة بجداولها.
وأكدت المحكمة أنه لا ينال مما انتهى إليه حكمها ما دفعت به نقابة المحامين من فرضها الرسم المشار إليها استناداً إلي حكم البند (5) من المادة (166) من القانون رقم 17 لسنة 1983 بشان إصدار قانون المحاماة القانون المشار إليها والتي قررت أن من بين موارد النقابة الموارد الأخرى التي يوافق عليها مجلس النقابة، ومن ثم يجوز فرض رسوم ودمغات تحصل لصالح النقابة.
وردت المحكمة على هذا الدفع بأن المقصود بالموارد الأخرى المشار إليها في هذه المادة هي تلك الموارد التي يكون من سلطة مجلس إدارة النقابة قبولها أو رفضها كالهبات والتبرعات وما شابة ذلك من الأمور التي يكون له سلطة تقديرية بشأنها وتدخل في صميم اختصاصه، أو الالتزامات والأعباء المالية التي تفرضها على المحامي عضو النقابة ويتحمل عبئها الحقيقي لتعود إليه مرة أخرى في صورة خدمات اجتماعية أو صحية وغيرها ، وذلك شريطة ألا تتعارض مع مبدأ دستوري أو نظام قانوني آخر ، ودون أن يستطيل ليشمل فرض رسوم بغير سند من القانون يتحمل عبئها الحقيقي جموع المواطنين من الغير، ولو أراد المشرع غير ذلك لما أعوزه النص عليه صراحة وذلك بتقرير أحقية مجلس إدارة نقابة المحامين في فرض رسم على التصديق على توقيع المحامي على النحو المشار اليه واعتباره من موارد النقابة.
اقرأ ايضاً
وزير المالية ونقيب المحامين يتفقان على تجديد بروتوكول «القيمة المضافة»