إسبانيا في تراند العنصرية والهمجية على الأفارقة
تقرير: نوفل الحمومي – المغرب
كنت في غرفتي منهمكا في مشاهدة الأخبار فطالعتني فجأة صور جحافل المهاجرين والاطفال في نواحي سبتة ومليلية المحتلة . وكذا مهاجرون شباب من افريقيا جنوب الصحراء يبكون ويعانون بسبب عنف الشرطة الإسبانية ..رغم أنني هنا في إجازة في المغرب. لكن عملي مع المهاجرين الأفارقة جعلني احاول ان اقوم بشئ بسيط من اجلهم .لأنني ولأكثر من 3 سنوات قضيتها في دول افريقية في العمل في مناطق النزاع والأزمات مع منظمات إغاثات دولية . كنت اقيم في بيوت اسر افريقية في الحدود الكونغولية الرواندية وفي شرق أفريقيا ،كما عشت قبلها لسنة في غرب أفريقيا على الحدود السنغالية الغامبية والسنغالية الغينية ،حتى تنامت هويتي الإفريقية كمغربي إثرمعاملة رائعة من الإخوة الأفارقة كأنني وحد منهم.
زرت اكثر من 50 بلدا في العالم في امريكا واوروبا واسيا كزيارات سريعة . لكن اطول مدة اقمت فيها في قارة ما كانت في افريقيا. كنت أمزح مع الأصدقاء الأفارقة”الناس يهاجرون للشمال الى اوروبا وانا أهاجر لإفريقيا” نعم: افريقيا قارة غنية، كنت أعمل في جوار مناجم الذهب والماس والكوبالت،متأسفا الى كون القرى المجاورة لها قرى فقيرة لا تستفيد من تلك المناجم التي يستفيد منها الاوربيون . هناك مطارات صغيرة امام المناجم تنقل المعادن الثمينة في طائرات الى اوروبا. كما رايت طائرات تنقل ثروات الكونغوا الديمقراطية لبلجيكا.
كان الكثير من شباب الكونغو الديمقراطية والذين عملت معهم في التكوين على انشاء تعاونيات للنساء والشباب ومشاريع تكوين على الترافع على قضاياهم المحلية، وتكوينهم في مجال التواصل الاعلامي والتكنولوجيات الحديثة للدفاع عن حقوقهم وايصال أصواتهم، كانوا يندونني “موزنكو” و تعني باللغة المحلية السواحلية ” الأبيض الغني” إلى أن عرفوا أنني مغربي من قارة أفريقيا وجئت للعمل مع مؤسسة دولية براتب مواطن محلي للعيش على نفس مستوى الناس الذين أعمل معهم .
كان يقول لي الأطفال”أولئك الاجانب سرقوا ثرواتنا و نقلوها لأوروبا و نحن هنا فقراء معدمون. لا نملك ما نأكل. عندما نكبر سنهاجر لأوروبا لإعادة ثرواتنا المسروقة ونعمل ونعيش كما يليق بإنسانيتنا ” إنني أسخر دائما من المساعدات الأوروبية لافريقيا .. ينهبون ثرواتهم و يرمون لهم الفتات من مساعدات صغيرة..
قصص عيشي في افريقيا جعلتني أعشق انتمائي الإفريقي حتى لو كنت بلون بشرة مختلف.. كشخص أبيض من شمال أفريقيا . كمغربي وكمغاربة عندما نلتقي الأفارقة لما ياتون في سفر بري من اعماق افريقيا للمغرب كمعبر للعبور،نعتبرهم مغاربة بل كجزء منا لأننا ايضا عرفنا الاستعمار والعنصرية الاوروبيين وتمت سرقة ثرواتنا من طرف المستعمرين الاسباني والفرنسي ، لذلك نقدر معاناة الأفارقة لأننا جزء من افريقيا .ونحن المغاربة ننظر اليهم من الناحية الإنسانية.
انه قطع العشرات الالف من كيلومترات ومن حقه ان يكمل مسيرته لاوروبا،مثلما يفعل المغاربة بحثا عن فرص جيدة .والهجرة ايضا آلية لكسر الأحكام المسبقة بين الثقافات والأديان والتقاء الشعوب .
اوروبا تصرف الملايير من الدولارات لتلميع صورتها وعبر تمويل برامج حوار شباب بين ضفتي المتوسط بين اوروبا و شمال أفريقيا في مجال دعم ملتقيات وأنشطة حوار الثقافات.
لكن تلك الملاييرالتي تصرفها اوروبا تضيعها في تصرفات عنصرية مع المهاجرين الأفارقة من قبيل الضرب و التعذيب من الحرس الإسباني والتي تناقلتها وسائل الاعلام العالمية. بما أنني أعيش في المغرب قلت لما لا اسافر الى مدينة تطوان قرب سبتة لكي ارى الأمور بعيني بعيدا عن الإعلام .
وصلت لطنجة من الرباط على قطار فائق السرعة باكرا . التقيت في طنجة اصدقاء من جمعيات مختلفة يعملون على مفهوم روح المقاولة الاجتماعية مع الشباب ومع جمعيات تعمل مع المهاجرين الأفارقة.
كان الحوار عن احداث سبتة والهجرة والعنف المركز من طرف الحرس الإسباني اللا انساني. وعن تساؤلات حولنا كمغاربة لما لا نقوم بمبادرات بسيطة لصالح الشباب الافريقي ممن موري عليه العنف و تم طرده من طرف الحرس الإسباني الى الأراضي المغربية .
كان رد الشباب ايجابيا ،وكان حوارا جميلا. اخذت سيارة أجرة صغيرة الى تطوان ومن هناك الى الفنيدق والمضيق.
هناك التقيت العشرات من الشباب المغاربة والأفارقة. يحكون قصص المعاناة. وهناك مغاربة تعود اصولهم لمدينة سبتة. من الريف. في الواقع ينتقل سكان شمال المغرب الى سبته ومليلية فقط بجوزات سفر دون الحاجة الى تأشيرة لغالبية التمازج العائلي،وتاريخيا في حرب الريف، بين الاستعمار الاسباني و المقاومة المغربية،استعملت اسبانيا أسلحة محرمة دوليا كقنابل النبال والأسلحة الكيماوية لهذا جزء كبيرمن سكان شمال المغرب مصابون بالسرطان نتاج تلك الأسلحة الكيماوية .
إنها نازية أخرى ضد شعب أعزل من طرف الاحتلال الإسباني. وايضا قصص حكم فيشي .. عملية كبيرة في الحرب العالمية الا وهي طرد و ايضا فرار اليهود من اسبانيا في عهد النازية نحو المغرب. للاختباء عند اخواتهم المغاربة و حماية ملك المغرب أنذاك محمد الخامس اليهود ضد المحرقة النازية .ومن اليهود من استقر في شمال المغرب. لذلك لديهم إشكالية تاريخية مع اسبانيا.
يعتبرون سبتة ومليلية اراضي مغربي واصولهم من هناك. ولا اغفل عن استعمال الاحتلال الإسباني وسائل إبادة لتهجير السكان الأصلين من سبتة ومليلية نحو المدن المجاورة كتطوان او الناظور،فكان اتفاق على تنقلهم للعمل وزيارة اسرهم بدون تأشيرات ،لكن اسبانيا تستمر في اساليب الإبادة الجماعية العنصرية بوسائل أخرى نحن في زمن جديد لكن باساليب الماضي و الضحية الان بسبب التراكمات التاريخية هم المهاجرون الأبرياء.
في تطوان التقيت “ديالوا” هو مهاجر من مالي قطع مسافة كبيرة برا من مالي الى الجزائر ثم اعتقله الدرك الجزائري ورماه على الحدود المغربية في اطار الطرد التعسفي الى منطقة فارغة في الحدود بين المغرب والجزائر قرب وجدة.
بين الحدود المغربية الجزائرية امام وجدة. فأكمل مساره برا من وجدة الى تطوان ..يحكي لي “ديالوا” انه عندما تمكن من الدخول الى مدينة سبتة المحتلة وبالضبط قبيل الوصول سباحة الى صخرة في الشاطئ ،وجد بالانتظار عنصرا من الحرس الإسباني عمل على منعه وإعاقته من الصعود الى لصخرة . كان كلما يحاول الصعود .يرميه رجل الحرس الإسباني للبر متجاهلا إرهاقه الشديد وأنفاسه المقطوعة بل ويقول له بايماءات و حركات لا انسانية “مت في البحر.ولا تمت فوق صخرة الشاطئ…”
كان “ديالو” كلما يصعد يقوم عنصر الحرس الإسباني بضريه بقوة بالعصا .كاد المهاجر الإفريقي ان يموت، لولا شابين مغربين كان بجانبه قاما بمساعدته للعودة سباحة للجزء الاخر من الاراضي المغربية .
هذه الافعال من الحكومات تسيئ لكل جهود الشرفاء والفاعلين الحقوقين و الناشطين في الحوار الانساني وحوار الثقافات والأديان .
ان بعض الحكومات تستعمل الوضع كشعارات. لكن الواقع المزعج . هناك هوة بين الناس و المجتمعات تكبر وتكبر وتتعمق الفجوات.
ماتقوم به اسبانيا ضد المهاجرين على الحدود المغربية الإسبانية هو جريمة ضد الإنسانية. هناك بدائل إنسانية لمنع المهاجرين بالعنف والضرب والسجن والتعذيب. ثم ان القوانين الأممية تؤكد على حق اي مواطن في التنقل والسفر بعيدا عن كل العراقيل والحواجز التي تمنع التواصل الإنساني وتخلق فجوة بين الشعوب.،وتزيد قصص الجراح والندب الانسانية..
بالتأكيد هناك أزمات في العالم .
لكن يجب ان نعود الى انسانيتنا و نفكر في غيرنا بعيدا عن العنصرية ..بعيدا عن تمييز الآخر حسب دينه ولونه ولغته والمكان الذي قدم منه.او انه من جنس بشري اخر.. نعم كلنا بشر .فعلينا ان نحترم كرامة البشر .
اقرأ ايضاً
الإسلام السياسي وحق الشعوب في تقرير المصير