خلود الحسناوي تكتب: العدالة وطلب الحرية

إنعدام العدالة .. وكثرة العنف ، ولّدَ المغالاة في طلب الحرية ،والدعوة الى التحرر (1)

لا أعرف لمَ  يرفض الرجال المساواة  التي تدعو لها المرأة ؟

وعدم تعميم العدالة بينهم وبين النساء ؟؟!! استغرب من ذلك ..

 إن المرأة عمود المجتمع، وعامل من عوامل نشأة جيل صالح، متوازن قادر على العطاء. ومثلما نرى في بعض الأحيان فهمها الضيق للتحرر قد يتسبب في كوارث بمجتمعاتنا العربية المبنية على  جملة من القيم الأخلاقية والتي تشكل اساساً في بناء مجتمعات متوازنة قادرة على الارتقاء وتحقيق نهضة فعلية، إنما التحرر يا سادة لا يعني التحرر من الأخلاق.. التحرر أخٌ للأفكار في كل عصر وحين .

ان المجتمع الإنساني عموماً وإلى عهد قريب، لم يكن يمنح النساء أبسط الحقوق؛خاصة إذا ارتبطت هذه الحقوق بمساحة من الحرية التي تكفل للمرأة مساحة أكبر من المشاركة في الرأي العام، أوحتى تحديد خياراتها الشخصية ذات الارتباط بالاستقلال الفردي. وحين بدأت المرأة تأخذ مساحة أوسع من الحرية ؛كان ذلك مرهونا بالتقدم الذي كان قد بدأ يتحقق على مستوى الأطروحات الإنسانوية التي أخذت تُراجع موقع الإنسان في التاريخ ،من خلال المراجعة الشاملة لكل الأطر المعرفية الموروثة التي تحكم نظام الفكر العام. وهذا ما بدأ يتحقق بوضوح ،وبزخم كبير ومؤثر ،في أوروبا في القرن الـثامن عشر وماعُرف بعصر العقل .. عصر التنوير  .

 ولابد لكل امرأة أن تحرر نفسها من التعصب بجميع أنواعه ومن أفكار المجتمع العقيمة التي لا تخدم تطورها الذاتي والمجتمعي مثل الزواج المبكر قبل نيل استقلالها المادي، فإن التحرر الفكري هو المحرك الأساسي لديناميكية تغيير المجتمعات نحو الأفضل،  كما لا بد من التحرر من فكرة أن وظيفتها الأساسية تتمثل في القيام بأعمال البيت وإنجاب الأطفال.. لا بد أيضا أن تتحرر من فكرة ان تعيش  روتين قاتل بين عملها وعائلتها فقط.. فالمرأة اليوم قادرة أن تخدم وطنها بالمشاركة في المشهد السياسي والمجتمع المدني.. المرأة اليوم  غير المرأة بالأمس فلا بد أن تملأ وقتها بالقراءة وجعلها عادة يومية وذلك لتتسع رقعة تفكيرها وتكسبه عمقا ومهارات تحليلية وامكانيات عالية من الثقافة والمعرفة .

المرأة في القرن الواحد والعشرين لم تخلق لمتابعة المسلسلات التركية وبرامج الطبخ والحديث عن جاراتها ومحلات التسوق وجديد أدوات المطبخ .. امرأة الواحد والعشرين لابد أن تكون أسمى من ذلك، وأكثر فاعلية. لابد أن تعمل بعقلها وتستغل ظاهرة العولمة لصالحها فتطور من مواهبها وقدراتها بفضل التكنولوجيا الموجودة. وهذا كله في سبيل إكسابها قدرة للابتكار والإبداع يجعلها صاحبة مشاريع تحرك اقتصاد البلاد.

نلاحظ مجتمعاتنا تبنت توجهاً لمعاقبة المرأة؛ فإذا ما قالت رأيها في العلاقات الإنسانية، تراها تتعرض للتقريع وسخرية قاسيين والاتهام بأنها “معقدة وكارهة للرجال”، أما إذا ما حصلت على حقوقها، تفجرت موجة تكفير عارمة مثل ما حدث في  تونس حين طرحت مسودة قانون المساواة في الميراث.

ونجد التبرير لكل هذه الاساءة للنساء وانتقادهن من باب الخوف على القيم المجتمعية

والاجيال القادمة وفي أغلب الاحيان يكون ذلك كرها بالنساء والخوف منهن باعتبارهن

مصدرا للفتنة فإن الرجل تعود على سلوكيات معينة ورثها من المجتمع دون ان يقاوم هذه النزعة ليتعايش بسلمية وانسانية مع الجنس الاخر الذي يعتبر مكملا له في الخلق والمعيشة وكل شيء ..

ومن هذا نجد ثورات تحصل بين الشباب بين الحين والأخر ، وقد  دعا كثير من الشباب للتغيير بدوافع … من أجل الخلق والمضي بخطوات واثقة بعيدا عن المكبوت المجتمعي وضغوط لا مبرر لها ..

فلِمَ  نغفـل هذا الكائن وحقوقه الطبيعية ؟ ! لا تستغرب هذا التساؤل ، فلو القيت نظرة بسيطة على واقع مجتمعنا العراقي في الوقت الحاضر وما آلت اليه الامور من تغيير عبر انتشار الجهل والتخلف الممنهج لأسباب كثيرة ، بالنتيجة وبتحصيل حاصل أدت الى التفكك الأسري والمجتمعي مما انعكس سلبا على ثمرتها وهم الأطفال الذين يشكلون نسبة كبيرة من المجتمع وما تعرضوا له من ايذاء وعنف  من قبل أولياء أمورهم من الوالدين تحديدا والذين من المفترض انص يكونوا أكثر حباً  لهم وأكثر حرصا عليهم لأنهم قطعة من القلب كما يقول أجدادنا قديما، فما الذي جعل الأب يحرق أولاده بمادة البانزين ويشعل بهم النار بغرفة مغلقة !!؟؟ لم يحدث هذا ؟

فلم يحدث مثله حتى بأتعس عصر من عصور الجاهلية !!! وما الذي يجعل الأم تعمد الى إغراق طفليها التوأم الرضيعين في خزان الماء بدارهم الذي تعيش به الأسرة ؟؟!!

وملاك التي أحرقتها أم زوجها لأسباب وخلافات عائلية .. لايمكن ان تحل أي مشكلة بحرق الطرف الأخر بالنار مهما يكن السبب أو الداعي ..

وغيرها قصص كثيرة كلها مبررها واحد وهو المشاكل العائلية وأغلب هذه المشاكل بسبب العوز وتسلط الذكور وبلا رادع ولا مراعاة للإنسانية ..

فكيف لا تكون لكل تلك التصرفات ردة فعل عكسية ؟؟

لا أبرر لهم فعلهم الشنيع ولا دفاعا عنهم لكن لكل فعل رد فعل يساويه بالمقدار ويعاكسه بالاتجاه ..

وهذا ما حصل وسيحصل أبشع منه وأبشع إن لم نقف أمامه بكل قِوانا ومتعاضدين عبر احتواء الأخر وتبني أفكاره مهما يكن رجلاً أم  امرأة  ..

لتكن المرأة أكثر كرماً من الرجل عبر تبي أفكاره أ كان  أخا أبا زوجاً … كي تحتويه وتفهمه لتعرف تتعامل معه بالطريقة المناسبة التي من خلالها تستطيع أن  تقوّمَ بعضا من أفكاره قدر استطاعتها وتدق ركيزة مهمة في أساس بناء الحياة بالمجتمع ..

هذا في معرض الحياة الزوجية لكن لو فتحنا نافذة أخرى بمجتمعنا وهي نافذة الشابات والمراهقات أي المرأة التي لم ترتبط بزوج كيف تكون ردة فعلها وهي تعيش بمجتمع يبالغ بحرصه على الأنثى هذا فيما لو افترضنا إنه ((حرصٌ )) من البعض ليس الكل …

أو يعمل على كبتها والتصادم المستمر معها ومع أفكارها على اعتبار إنها مازالت طفلة أو صغيرة  ولا تفهم أو تعي من الحياة شيئاً ..

لنتعرف على أفكارها…… أ تعلمون ان هذه الشريحة بدأت تطلب التحرر بطريقة مبالغ بها وفيها كثير من المغالاة  ؟؟؟!

التحرر على حساب شخصية المرأة وأنها بدأت تسيء لنفسها ولكرامتها دون أن تدرك ذلك ؟؟!!

فنحن نعرف ان كل شيء يزيد عن حده ينقلب ضده ..

فهي تحاول إيجاد مبررات لتصرفاتها المبالغ بها والمسيئة لمجتمعها .. نعم نطالب لها بالحرية لكن ليست الحرية  المفرطة ، فهي بهذه الحرية تصبح مخلوقاً نشاز، يغرد خارج سرب الطبيعة التي خلقها الله والفطرة التي أوجدها سبحانه لها بالمعقول ..

فلو كنا قد أعطيناها بعض الوقت واستمعنا لها واحتويناها ؛ لما بالغت في طلب الحرية ..

كيف نفهم في البداية معنى الحرية والتحرّر؟ كيف لنا أن نستغلّ الحريّة بالشكل الصحيح؟ ماذا عن ممارسة التحرّر دون التعرّض لمبادئ المجتمع أو الإساءة إلى طبيعته ؟ وماذا عن الإنعكاس النفسي لطريقة ممارسة الحرية والتحرّر؟

ولنعلم ان الحرية تختلف عن التحرر .

الحريّة هي نوع من الممارسة والإدراك يوم يصبح في أيدينا الحقّ في اتّخاذ أيّ قرار وفي أيّ مجال ..

فهناك حرية الابداع حرية الرأي حرية الكلام والتعبير .. الخ

والتحرر هو مصطلح يستخدم لوصف مختلف ما يبذل من جهود ترمي إلى الحصول على الحقوق أو المساواة، وعلى وجه التحديد في كثير من الأحيان لمجموعة محرومة .

اقرأ للكاتبة

خلود الحسناوي تكتب : متـى ينتصـر العقــل علـى الجيـب ؟

شكرا للتعليق على الموضوع