عن أضاحي العيد

3-1

ا د. محمد سلام – الأستاذ بجامعة الأزهر

 ليست مجرد لحوم تُؤكَل، أو دماء تُراق… بل هي قربى وتقوى قلوب، وتعظيم شعائر الله…

أولاً: تعريف الأضحية

الأضحية: إحدى الشعائر الإسلامية العظيمة التي يتقرب بها العبد إلى الله عز وجل بتقديم ذبح من الأنعام من الغنم الضأن والماعز، أو البقر أو الإبل بدءًا من أول أيام عيد الأضحى حتى آخر أيام التشريق وهو اليوم الثالث عشر من ذي الحجة.

فالأضحية: اسمٌ لما يُذكَّى -يُذبَح- تقرُّبًا إلى الله تعالى أيام العيد.

والتذكية: هي العمل والسبب الموصل لحِلِّ أكل الحيوان البري اختيارا، فتشمل الذبح والنحر، كما تشمل العَقْر أيضًا، كما لو شَرَد ثورٌ أو بعير، فطُعِنَ برمح أو نحوه مع التسمية ونية الأُضْحِيَّة.

ثانيًا: مشروعيتها وحكمها وحكمتها

١- مشروعيتها:

 شرعت الأضحية في السنة الثانية من الهجرة النبوية، وهي السنة التي شُرعت فيها صلاة العيدين.

والأضحية: شعيرة عظيمة كريمة يُثاب فاعلها، ولا يُعاقب تاركها، وهي مشروعة بالكتاب والسنة القولية والفعلية، والإجماع:

– أما الكتاب فقد قال الله تبارك وتعالي:

 (ولكل أمة جعلنا منسكاً ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فإلهكم إله واحد فله أسلِموا) سورة الحج، ٣٤.

وقال تعالى:

(إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الكوثر فصل لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) – سورة الكوثر

– وأما السنة، فقد ثبت أن النبي ﷺ كان يضحي، وكان يتولى ذبح أضحيته بنفسه، فمن ذلك ما رُوي عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ:

) ضَحَّى النَّبِيُّ ﷺ بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ، ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ، وَسَمَّى وَكَبَّرَ …) – متفق عليه.

– وقد أجمع المسلمون على مشروعية الأُضْحِيَّة.

٢- حكم الأضحية:

للفقهاء في حكم الأُضْحِيَّة مذاهب:

– المذهب الأول: الأُضْحِيَّةُ سنةٌ مؤكدةٌ في حق الموسر، وهذا قول جمهور الفقهاء الشافعية والحنابلة، وهو أرجح القولين عند مالك، وإحدى الروايات عن أبي يوسف تلميذ أبي حنيفة.

واستدل الجمهور على أن الأضحية سنة مؤكدة بما روته أُمُّ سَلَمَةَ رضي الله عنها أَنَّ النبي ﷺ قَالَ:

«إِذَا دَخَلَتِ الْعَشْرُ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّىَ فَلاَ يَمَسَّ مِنْ شَعَرِهِ وَبَشَرِهِ شَيْئًا» -أخرجه مسلم في صحيحه.

ووجه الدلالة في هذا الحديث أن رسول الله ﷺ قال: «وأراد أحدكم أَنْ يُضَحِّىَ …» فجعله مُفَوَّضا إلى إرادته، ولو كانت الأضحية واجبة لاقتصر على قوله: «فلا يمس من شعره شيئا حتى يضحي».

– وقد ورد أن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما “كانا لا يضحيان السنة والسنتين؛ مخافة أن يُرَى ذلك واجبًا”. – أخرجه البيهقي.

وهذا الصنيع منهما يدل على أنهما عَلِما من رسول الله ﷺ عدم الوجوب.

والمذهب الثاني: أنها واجبة عند أبي حنيفة في معظم ما روي عنه، وكذا عند مالك في أحد قوليه.

واستدلوا على رأيهم بأنها واجبة على حَمْل الأمر على الوجوب في قول الله تعالى: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) – سورة الكوثر.

كما استدلوا كذلك بقول النبي ﷺ: “من كان له سعة ولم يضح، فلا يقربن مصلانا” – اخرجه ابن ماجة.

وهذا كالوعيد علي ترك التضحية، والوعيد إنما يكون علي ترك الواجب.

٣- حكمة مشروعيتها:

الأضحية شرعت لحِكَم كثيرة منها: شكر الله سبحانه وتعالي علي نعمه التي لا تعد ولا تحصى، فالله سبحانه وتعالي قد انعم علي الانسان بنعمٍ كثيرهٍ لا تُعَدُّ ولا تُحصي، والأضحية صورهٌ من صور الشكر لله سبحانه وتعالي، حيث يتقرب العبد الي ربه بإراقة دم الأضحية امتثالًا لأمر الله سبحانه، وإحياء واتباعًا لسنة سيدنا إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام في امتثاله لأمر الله في رؤياه أن يذبح ولده إسماعيل عليه الصلاة والسلام، وفداء الله إياه بذبح عظيم جزاء صبرهما عليهما السلام وإيثارهما طاعه الله ومحبته علي محبة النفس والولد، فكان ذَلِكَ سبب الفداء ورفع البلاء ..

ومن الحِكَمٍ السامِيةٍ للتضحية كذلك:

– التوسعة على النفس والأهل والمساكين، وصلة الأرحام، وإكرامٌ الضّيوف، والتصدق على الفقراء والمساكين، ومهاداة الجيران ولو كانوا غير مسلمين.

– التصديق المطلق والتام لأمر الله عز وجل، وسرعةِ الامتثال لما يحبُّه ويرضاه.

– إحسان الظن بالله تعالى، والإيمان بميلاد المنحة من رحِمِ المحنَةِ، وأن الصبر سبب العطاء ورفعِ البلاء.

ثالثًا: فضل الأضحية وشروطها

١- فضلها: فضل الأضحية عظيم عند الله؛ حيث تكون في موازين أصحابها بجملتها حتى قرونها وأظلافها وأشعارها، بل يكون لهم بكل شعرة حسنة، كما أن دماءها تقع من الله موقع الرضا عن أصحابها؛ فعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله ﷺ:

«مَا عَمِلَ ابْنُ آدَمَ يَوْمَ النَّحْرِ عمَلًا أحَبَّ إلى اللهِ -عزَّ وجلَّ- مِنْ هراقةِ دَمٍ، وإنَّهُ ليَأْتِي يَوْمَ القِيامَةِ بِقُرُونِها وأظْلافِها وأشْعارِها، وإنَّ الدَّمَ لَيَقَعُ مِن اللهِ -عزَّ وجلَّ- بِمَكانٍ قَبْلَ أنْ يَقَعَ على الأرْضِ، فَطِيبُوا بِها نَفْسًا».  – الترمذي، وابن ماجة.

وعنْ أَبِي دَاوُدَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، قَالَ:

قُلْتُ: أَوْ: قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا هَذِهِ الْأَضَاحِيُّ؟

قَالَ: “سُنَّةُ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ.

قَالُوا: مَا لَنَا مِنْهَا؟

قَالَ : بِكُلِّ شَعْرَةٍ حَسَنَةٌ”.

قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَالصُّوفُ؟

قَالَ : بِكُلِّ شَعْرَةٍ مِنَ الصُّوفِ حَسَنَةٌ». -رواه أحمد وابن ماجة.

٢- شروط الأضحية:

– يشترط أَنْ تَبْلُغَ الأضحية سِنَّ التَّضْحِيَةِ، والسن المعتبرة شرعًا بيانها كالتالي:

– المسنُّ مِن الإبل: ما أتمَّ خمس سنين ودخل في السادسة.

– المُسنُّ من البقر: ما أتمَّ سنتَين ودخَل في الثالثة.

– المُسنُّ مِن المعز: ما بلغ سنَة ودخَل في الثانية.

– ويُجزئ الجذع من الضأن وهو: ما بلَغ ستَّة أشهر ودخَل في السابع.

ويشترط في الأضحية كذلك أن تكون خالية من العيوب، وذلك مثل:

– أن تكون عمياء، أوعوراء بَيِّنًا عورُها.

– أو أن تكون عرجاء بينًا عرجُها.

– أو أن تكون مريضة بينًا مرضُها.

– أو أن تكون عجفاء أو كسيرة لا تنقى.

وذلك لقوله ﷺ: “أربع لا يجزين في الأضاحي: العوراء البين عورها، والمريضة البين مرضها، والعرجاء البين ظلعها، والعجفاء التي لا تنقي”. – رواه أَحْمَدُ وَالْأَرْبَعَةُ، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ.

وفي رواية ” الكسير ” التي لا تنقي.

و” العجفاء ” الكبيرة الهزيلة.

و” لا تنقي ” لا مخ أعظمها ولا تبرأ.

وهناك عيوب مختلف فيها:

– يرى البعض أنها عيوب لا تجزئ قياسًا على العيوب السابق ذكرها في الحديث الشريف مِمَّا كَانَ أَشَدَّ مِنْهَا أَوْ مُسَاوِيًا.

– ويرى البعض أن من العيوب ما يعد أخف مما سبق، ولذا فهي تجزئ، ولكن لا تستحب تضحيتها، ويرى البعض الآخر أنها لا تجزئ كالعضباء (أي مقطوعة القرن والأذن) وكالمشقوقة الأذن، والمقطوعة اللسان، أو الجذماء، وهى مقطوعة الإلية أو الذنب، أو الجدعاء، وهى مقطوعة الأنف، أو مقطوعة الأذنين.

– وإنما كان الجواز استنادًا إلى قوله ﷺ: ردًّا على البراء حين قال: “فإنِّي أكرَه أن يَكونَ في السِّنِّ نقصٌ” فقالَ ﷺ: “ما كرِهتَ فدعهُ، ولا تحرِّمهُ علَى أحدٍ”.

– وكان الرأي بعدم الإجزاء، أو الكراهة لأن الأضحية قربة إلى الله، والله طيب لا يقبل إلا طيباً، وذلك تعظيمًا لشعائر الله، ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب.

رابعًا: على من تسن أو تجب؟ وما أفضل وقتها؟

١- على من تسن أو تجب الأضحية؟

    الأضحية تُسَنُّ، أو تجب على القادر عليها، وهو مَن مَلَكَ ما تتحصل به الأضحية، فضلًا عمَّا يملكه مما يحتاج إليه للإنفاق على نفسه وأهله وأولاده، ومن تلزمه نفقتهم أيام العيد والتشريق ولياليها.

٢- أفضل وقت للتضحية:

   أفضل وقتٍ لذبحِ الأضحية يبدأ من بعد صلاة العيد إلى ما قبل زوال الشمس، أي قبل دخول وقت الظهر بقليل في اليوم الأول.

وذلك لما روي عَنِ البَرَاءِ رضي الله عنه قَالَ: خَرَجَ النَّبِيُّ ﷺ يَوْمَ أَضْحًى إِلَى البَقِيعِ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ، وَقَالَ:

«إِنَّ أَوَّلَ نُسُكِنَا فِي يَوْمِنَا هَذَا، أَنْ نَبْدَأَ بِالصَّلاَةِ، ثُمَّ نَرْجِعَ، فَنَنْحَرَ، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ وَافَقَ سُنَّتَنَا، وَمَنْ ذَبَحَ قَبْلَ ذَلِكَ، فَإِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ عَجَّلَهُ لِأَهْلِهِ لَيْسَ مِنَ النُّسُكِ فِي شَيْءٍ» – أخرجه البخاري.

خامسًا: مباشرة الذبح وآدابه..

١- هل يجب أن يذبح المضحي ذبيحته بنفسه؟

  يستحب أن يذبح المضحي أضحيته بنفسه إن كان يقدر على الذبح؛ لأنها قربى لله، ومباشرة القربى أفضل من تفويض إنسان آخر فيها.

– وإذا لم يكن المضحي يحسن الذبح، فإنه يجوز أن يولي أو يوكل من يحسنه.

ويستحب في هذه الحالة أن يشهد المضحي ذبح أضْحِيَّته أو نحرها، فعن عمران بن حصين رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: «يا فاطمة، قومي إلى أضحيتك فاشهديها» – أخرجه الحاكم في المستدرك على الصحيحين.

٢- آداب التضحية:

   يستحب عند ذبح الأضحية عدة أمور، منها:

– استقبال الذابح القبلة، وتوجيه الذبيحة كذلك إليها؛ وذلك لأن استقبال القبلة مستحب فى القربات …

– أن يعرض عليها الماء قبل الذبح أو النحر.

– ألا تحد الشفرة قبالتها.

– ألا تُذبَح قبالتها ذبائح أخرى.

٣- دعاء المضحي عند ذبح الأضحية:

   يستحب أن يدعو المضحي عند ذبح الأضحية، أو نحرها، فيقول:

– إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له، وبذلك أمرت، وأنا من المسلمين.

– اللهم هذا منك وإليك.

– اللهم تقبل منى كما تقبلت من إبراهيم خليلك، ومحمد عبدك ورسولك صلى الله وسلم وبارك عليهما.

فعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ ضَحَّى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَوْمَ عِيدٍ بِكَبْشَيْنِ فَقَالَ حِينَ وَجَّهَهُمَا:

«إني وَجَّهْتُ وَجْهِيَ للذي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، إِنَّ صلاتي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ، اللَّهُمَّ مِنْكَ وَلَكَ عَنْ مُحَمَّدٍ وَأُمَّتِهِ». أخرجه أحمد في مسنده.

– وعند مباشرة الذبح أو النحر تستحب التسمية والتكبير ثلاثا، والصلاة والسلام على رسول الله ﷺ ..

قال الله تبارك وتعالى:

(وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ) – الحج، ٣٦.

سادسًا: ما الذي يستحب بعد التضحية؟ وكيف يتم توزيعها؟

– يستحب للمضحي بعد التضحية أن يأكل، منها، ويطعم ويدخر؛ لقول الله تبارك وتعالى:

(فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ) – الحج، ٢٨.

– وقوله تعالى أيضًا:

(وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) – الحج، ٣٦.

١- يجوز للمضحِّي الأكل من أضحيته أو الانتفاع بها لحمًا وأحشاءً وجِلدًا كلها أو بعضها.

٢- ويجوز له كذلك التصدق بها كلها أو بعضها.

٣- ويجوز كذلك إهداؤها كلها أو بعضها.

٤- والأفضل في الأضحية أن تقسم ثلاثة أثلاث: ثلث له ولأهل بيته، وثلث للأقارب، وثلث للفقراء.

– ويجوز أن يعطى الجار منها ولو كافرًا، لجواره، أو لفقره، أو لتأليف قلبه.

سابعًا: مسائل مهمة

١- هل يجوز الاشتراك في الأُضْحِيَّة؟

   يجوز الاشتراك في الأُضْحِيَّة إذا كانت من الإبل أو البقر، لأنها تُجزئ عن سبعة أفراد مختلفين، كل واحد منهم عن نفسه وأسرته الخاصة.

عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:

«نَحَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ الْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعَةٍ وَالْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ» – أخرجه مسلم في صحيحه..

– ولا يجوز الاشتراك في الشاة والماعز؛ لأن الواحدة منها لا تجزئ إلا عن شخص بأسرته الخاصة.

٢- هل صك الأُضْحِيَّة مشروع؟

الصك نوع من أنواع الوكالة، وهي جائزة في النيابة في ذبح الأُضْحِيَّة وتوزيعها.

ويجب على الوكيل أن يراعي الشروط الشرعية في الأُضْحِيَّة: من سِنِّها، وسلامتها من العيوب، وذبحها في وقت الذبح، وتوزيعها على من يستحقها.

٣-ما حكم الاقتراض من أجل الأضحية؟

 الأُضْحِيَّة سنة أو واجبة على من يكون لديه القدرة عليها، فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها.

قال تعالى: (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا) – البقرة، ٢٨٦.

فمن كان غير واجد للمال الذي يكفي لشراء الأُضْحِيَّة، فاشترى أضحيته بالثمن المقسط أو المؤجل لأجل معلوم وضحَّى بها أجزأه ذلك.

٤- شروط المضحى:

يشترط في المضحي أن تكون نيته مقارنة للذبح؛ لقول النبي ﷺ: «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ …» – رواه البخاري.

وذلك كأن يقول: اللهم إن هذه الأضحية عني وعن كذا …. فتقبل مني…

٥- الأضحية بالوكالة والرهن:

تصح تضحية الوكيل من مال موكله بعد طلب الإذن منه.

ولا تصح الأضحية بالمرهون.

٦- الأضحية في الإقامة والسفر:

 ذهب جمهور الفقهاء إلى أن الأضحية سنة مؤكدة على المُسافر كالمُقيم …

في حين ذهب الحنفية إلى عدم وجوبها على المُسافر، حيث اشترطوا لوجوبها أن يكون الشخص مُقيمًا؛ والسبب في عدم وجوبها على المسافر عندهم أنّه يشقّ على المسافر تحصيل أسباب الأضحية.

٧- الأضحية للحاج:

 يجب على الحاجَّ المتمتعَ والقارنَ – من يؤدي العمرة والحج- ذبح هدي تقرُّبًا إلى الله، وشكرًا.

فإن لم يستطع الحاج أن يضحي صام عشرة أيام، ثلاثة منها في الحج وسبعة ببلده بعد الرجوع.

قال الله تعالى:

(فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَام) البقرة،١٩٦

قال الإمام النووي: “قال الشافعية: الأُضْحِيَّة سنة على كل من وجد السبيل من المسلمين من أهل المدائن والقرى، وأهل السفر والحضر، والحاج بمني وغيرهم، من كان معه هدى، ومن لم يكن معه هدي”. – المجموع: ٨/ ٨٣٨.

٨- ما حكم عدم التضحية مع السعة؟

 من كان في سعة في نعمة الله، وكان قادرًا على التضحية غير أنه لم يضحِ فهو غير ممتثل لأمر الله، وسنة نبيه ﷺ، ولم يعظم شعائر الله، ولم يقابل نعمة الله بشكرها، وهو بهذا يعرض نفسه للبعد عن رحمة الله، كما يؤدي إلى خسارته ثوابًا عظيم، وخيرًا كثيرًا …

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ:

“من وجد سعة، فلم يضح، فلا يقربن مصلانا” – رواه أحمد وابن ماجة وصححه الحاكم، قال في فتح الباري: ورجاله ثقات.

٩- ما موقف الفقير الذي لا يجد ما يضحي به؟

 تسقط التضحية عن الفقير الذي لا يجد ما يضحي به؛ إذ (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا) – البقرة، ٢٨٦.

كما أن الرسول الكريم ﷺ قد أغنى الفقراء وكفاهم مؤنة التضحية، حيث ضحى عنهم أكرم تضحية فيما رواه جابر رضي الله عنه قال:

” شهدت مع رسول الله ﷺ الأضحى بالمصلى، فلما قضى خطبته نزل من منبره، وأتي بكبش فذبحه ﷺ بيده، وقال: ” بسم الله والله أكبر، اللهم هذا عني وعمن لم يضح من أمتي “.

 رواه أبو دود والترمذي وابن ماجة وأحمد، وقال الشيخ الألباني: صحيح.

١٠- هل تجوز الأضحية عن الميت؟

 الأضحية عن الميت تكون جائزة إذا أوصى الميت بالتضحية عنه، أو وقف وقفًا لذلك، حيث إن ذلك جائز بالاتفاق، ويجب على الوارث إنفاذ الوصية.

    والحمد لله رب العالمين في الأولى والآخرة..

وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان واجتهاد إلى يوم الدين..

           لبيك اللهم لبيك …

                    لبيك لا شريك لك لبيك …

                             إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك لبيك …

اقرأ ايضاً

تعرف على مظاهر العيد في بلاد المسلمين

شكرا للتعليق على الموضوع