رامي فرج الله يكتب: زيارة الرئيس عباس جنين.. الرسائل والدلالات

كسر الرئيس محمود عباس، رئيس دولة فلسطين، كل القواعد، و رسم معادلات جديدة بالضفة الغربية، تعزز صمود الفلسطينيين، و تنطق بوحدته و انسجامه مع القيادة الفلسطينية الشرعية ، و تدعم مقاومته المشروعة ضد الاحتلال الصهيوني.

تعتبر زيارة الرئيس عباس إلى مدينة جنين ومخيمها زيارة تاريخية بعد عقد من الزمن، حيث أنها جاءت في توقيت مهم، و دقيق، لها دلالاتها، و أبعادها الإنسانية، و السياسية.

فزيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى مخيم جنين توحي إلى أنه لم ينسلخ عن كونه لاجئ فلسطيني، تهجر قسرا مع والديه من مسقط رأسه ” صفد “، و هذا ينطوي على تمسكه بقضية اللاجئين، وعدم التفريط بها ، كونها تعد ثابتة من الثوابت الوطنية، و لا تسقط بالتقادم.

كما أن الزيارة كشفت عن إنسانيته، فهو قبل كل شئ إنسان يمتلك عواطف جياشه، دفعته إلى الإسراع بإتمام الزيارة لمؤازرة أهل جنين، فكسر بذلك حالة الجمود بينه و بين المواطنين، فبينت مدى التحام أهل المخيم مع قيادته الشرعية، و تناغمه مع سياسته باعتبارها إحدى وسائل مقارعة المحتل الغاصب، و التي اعتبرتها إسرائيل تحد صريح بإضفاء الشرعية على ” مقاومة شعبنا ” كفلتها المواثيق الدولية، إضافة إلى أن الزيارة رفعت من معنويات مدينة جنين و مخيم.

أما مدلول الزيارة سياسيا فإن الرئيس ضرب عرض الحائط بالمقولة التي تقول ” عباس منفصل عن شعبه وقضاياه وهمومه “، ليؤكد بمقولة أخرى:” سأزور جنين ونابلس وقباطيا و كل المدن الفلسطينية “؛ تأكيدا على حفاظه على قضية شعبه التي يناضلون من أجلها، و في مقدمتها تحقيق المشروع الوطني الفلسطيني، لذلك، فمن المتوقع أن تتكرر زيارة الرئيس عباس.

وأما رسالته لغزة، والتي حملتها الزيارة ضمنيا، أن الرئيس عباس لم ينس يوما غزة وأهلها، والانقسام الفلسطيني التي سببته حركة حماس سينتهي بلا رجعة، ومن المتوقع أن يزور أبو مازن قطاع غزة قريبا جدا، أتوقعها أن تكون في الربع الأخير من العام الجاري.

إيتان دانغوت، السكرتير الأمني الإسرائيلي السابق، اعتبر زيارة الرئيس عباس ضربة لحماس وإسرائيل اللتان تراهنان على إحداث شرخ بين قيادة السلطة الفلسطينية، والمواطنين، مبينا أن خروج أهل جنين عن بكرة أبيها دليل قاطع على محاربة الضفة استنساخ نموذجا حمساويا كما غزة.

صحيفة العرب الالكترونية كشفت اليوم أن زيارة عباس لجنين أذعرت الاحتلال الإسرائيلي، لأنها كانت تراهن على سقوط نظام عباس، لتكون حركة حماس بديلا عنه.

و أما في الطرف الآخر، فقد عمدت حركة حماس إلى التقليل من أهمية زيارة الرئيس عباس إلى جنين، متسائلا: هل حماس فعلا تبحث عن إعادة إنتاج نموذجها بالضفة الغربية على حساب الدم الفلسطيني؟!.

و في النهاية: ” زيارة الرئيس محمود عباس إلى جنين زيارة تاريخية بكل المقاييس، حملت عدة رسالات في اتجاهات عديدة، لاسيما أن السلطة الفلسطينية لن تسمح لأي كائن من كان بزعزعة الاستقرار، و ضرب و حدة الشعب الفلسطيني و التي سطرها مخيم جنين في أروع ملحمة بطولية رسخت مفهوم ( قوتنا في وحدتنا )”.

اقرأ للكاتب

رامي فرج الله يكتب: قراءة في العقلية الإسرائيلية

شكرا للتعليق على الموضوع