مُعَلَّقَةُ أَيَا عِيدَ فِطْرِي مَالَكَ الْيَوْمَ مُحْزِنِي؟ … “شعر” محسن عبد المعطي
الشاعر والناقد والروائي المصري: محسن عبد المعطي محمد عبد ربه شاعر الثّلَاثُمِائَةِ معلقة
هَـلَـلْـتَ وَقَـلْـبِـي كَـالْـقَـتِيلَ الْـمُـجَنْدَلِ … يَـطِيرُ مَـعَ الْأَحْـزَانِ فِـي الْـمَوْكِبِ الْعَلِي
رَأَيْـــتُ دُخَــانـاً أَسْـــوَدَ الــلَّـوْنِ قَـاتِـمـاً … يُـحَـوِّطُ قَـلْـبِي فِــي الْـجَـحِيمِ الْـمُـقَفَّلِ
يُـصَوِّتُ قَـلْبِي: ” أَنْقِذُونِي مِنَ الْوَغَى ” … فَـلَـمْ أُلْــفِ حَـوْلِـي أَصْـدِقَـائِي وَزُمَّـلِي
وَصِـحْـتُ: ” أَيَــا عِـيـدِي قَـتَلْتَ مُـغَطَّفاً … بِـــحُــزْنٍ وَغَـــــمٍّ وَافْــتِـئَـاتٍ بِــجُـوجَـلِ
أَيَــا عِـيـدَ فِـطْرِي مَـالَكَ الْـيَوْمَ مُـحْزِنِي … وَقَاتِلُ قَلْبِي فِي الْحَضِيضِ الْمُعَنْقَلِ؟!!!
أَسِـيـرُ مَــعَ الْأَمْـوَاتِ فِـي مَـوْكِبِ الْـعُلَا … عَــبَــاءَاتُ فِــقْـدَانِـي بِـأَجْـسَـامِ رُحَّـــلِ
وَنَــادَيْـتُ وَالـنِّـسْـوَانُ يَـلْـبَسْنَ أَسْــوَداً … وَيَـصْـرُخْـنَ مِـــنْ قَــلْـبٍ كَـلِـيمٍ مُـوَلْـوِلِ
وَأَقْـبَـلَ عِـيـدُ الْـفِـطْرِ فِــي كُــلِّ مَـنْـزِلِ … بِـــفَـــرْحٍ وَتَــهْـلِـيـلٍ وَتَــغْــرِيـدِ بُــلْــبُـلِ
وَكَـــبَّــرَ كُـــــلُّ الْـمُـسْـلِـمِينَ بِــفَـجْـرِهِ … وَقَــدْ عَـلَـتِ الْآيَــاتُ فِــي كُــلِّ مَـحْـفِلِ
فَـبَـعْـدَ امْـتِـنَـاعٍ عِـــنْ شَــرَابٍ وَمَـأْكَـلٍ … تَــمَــتَّـعَ قَــوْمِــي بِـالـلَّـذِيـذِ الْـمُـحَـلَّـلِ
وَبَـعْـدَ امْـتِنَاعٍ الـنَّفْسِ عِـنْ كُـلِّ شَـهْوَةٍ … غَــدَتْ فِـي الـنَّعِيمِ الْـمُسْتَبَاحِ الْـمُمَوَّلِ
فَــيَـا نَــفْـسُ قَـــدْ عُــدْنَـا بِـفَـوزٍ مُـؤَكَّـدٍ … وَفُـــــزْتِ أَخِـــيــراً بِـالـنَّـجَـاحِ الْــمُـنَـوَّلِ
عَـلَـوْتِ عَـلَى الْأَحْـقَادِ بِـالصَّوْمِ وَالـتُّقَى … وَعِـيـدُكِ شُـكْـرٌ فِــي الـطَّـرِيقِ الْـمُذَلَّلِ
يُـذَكِّـرُنَـا بِـالْـخَـيْرِ فِــي حُـسْـنِ مَـطْـلَعٍ … فَـنَـسْـعَـدُ دَوْمــــاً بِـالـثَّـوَابِ الْـمُـحَـصَّلِ
فَـفِـي الْـعِـيدِ نَـلْقَى كُـلَّ طِـفْلٍ وَطِـفْلَةٍ … بِـبَـسْـمَةِ إِشْـــرَاقِ الـسَّـعِـيدِ الْـمُـهَلِّلِ
وَفِــي الْـعِـيدِ نَـحْـيَا فِـي شُـمُوخٍ وَعِـزَّةٍ … وَنَـتْـلُـو قُــرَانـاً قَـــدْ تَــنَـزَّلَ مِـــنْ عَـــلِ
وَتَــسْــعَـدُ أَرْمَـــلَــةٌ بِــخَــيْـرِ تَــعَـاطُـفٍ … يَــحِــلُّ عَـلَـيْـهَـا مِــــنْ كَــرِيـمٍ مُـبَـجَّـلِ
فَـــإِنْ عَـــمَّ كُـــلَّ الْـمُـسْلِمِينَ تَـرَاحُـمٌ … فَــصَـرْحُ الْــوَفَـا وَالْــحُـبِّ لَـــمْ يَـتَـزَلْـزَلِ
أَيَـــا عِــيـدُ قَــدْ أَشْـجَـيْتَنِي وَجَـعَـلْتَنِي … أَنُــــوحُ نُــوَاحــاً كَـالْـحَـمَامِ الْـمُـثَـمِّلِ!!!
أَعَــدْتَ لِــيَ الـذِّكْـرَى وَجَــدَّدْتَ حُـزْنَـهَا … وَشَـيَّـبْـتَنِي وَقْـــتَ الـصِّـبَاءِ الْـمُـدَلِّلِ!!!
فَـفِـي لَـيْـلَةِ الْـعِـيدِ الْـجَـمِيلَةِ خِـلْـتُنِي … حَـزِيـناً كَـسِـيفَ الْـبَـالِ بَـيْـنَ الـتَّـأمُّلِ!!!
فَـــبِــتُّ كَــئِـيـبـاً لاَ أُفَــــارِقُ لَــوْعَـتِـي … وَبَــالِــيَ مَــشْـغُـولٌ بِــهَــمٍّ مُــثَـقَّـلِ!!!
وَوَدَّعْــــتُ أَحْـبَـابِـي وَلَـــمْ أَرَ طَـيْـفَـهُمْ … بِـلَـيْـلٍ طَــوِيـلٍ ظُـلْـمُـهُ لَـــمْ يُــبَـدَّلِ!!!
وَكَــيْـفَ أُطِــيـقُ الـصَّـبْـرَ بَـعْـدَهُمُ وَقَــدْ … تَـعِـبْـتُ وَآهَــاتِـي تَــفُـوقُ تَـحَـمُّـلِي!!!
مَــزَجْـتُ دُمُــوعِـي بِـالْأَمَـانِي فَـلَـيْتَنِي … وَجَـــدْتُ هَـنَـائِـي ثُــمَّ لَــمْ أَتَـمَـلْمَلِ!!!
ذَهَـبْـتُ إِلَــى الْأَجْـدَاثِ أَهْـوَى لِـقَاءَهُمْ … أُتَــمْـتِـمُ وَحْـــدِي بِـالْـقُـرَانِ الْـمُـرَتَّـلِ!!!
أُنَـادِيـهِـمُ يَـــا مُـنْـتَـهَى أَمَــلِ الـضُّـحَى … فَـكَيْفَ سَـكَنْتُمْ فِـي الـتُّرَابِ الْـمُرَمَّلِ!!!
أَجَــابَ مَـقَـالُ الْـحَـالِ: يَـا سَـاكِنَ الـدُّنَا … تَـمَـسَّكْ بِـتَـقْوَى الـلَّـهِ دَوْمـاً وَأَجْـمِلِ!!!
لَــقَـدْ جَـــاءَ عِــيـدُ الْـمُـؤْمِـنِينْ وَحَـوْلَـنَا … حُــــرُوبٌ وَوَيْــــلاَتُ الــدَّمَــارِ الْـمُـطَـوَّلِ
(فَـإِسْـرِيلُ)لاَ تَـرْضَـى الـسَّلاَمَ وَتَـبْتَغِي … شِـعَـارَ الْـهَـوَى فِــي كُــلِّ دَرْبٍ مُـضَلِّلِ
وَلُــبْـنَـانُ كَـالـطَّـيْـرِ الْـجَـرِيـحِ وَحُـسْـنُـهُ … غَـــدَا فِــي دُخَــانِ الْـقَـاذِفَاتِ الْـمُـقَتِّلِ
حَــدَائِــقُـهُ الْــغَــنَّـاءُ ثَــكْـلَـى حَــزِيـنَـةٌ … تُــــدَاوِي جِــــرَاحَ الْــغَـدْرِ لَــمَّـا تُــدَمَّـلِ
وَفِــي الْـقُـدْسِ قَــدْ دَوَّى زَئِـيـرٌ لِإِخْــوَةٍ … أُسُــودٍ سَـعَـوْا فِــي فَــكِّ قَـيْدِ الْـمُكَبَّلِ
أَيَــــا إِخْــــوَةَ الْآمَـــالِ وَالـــدَّرْبُ وَاحِـــدٌ … فَـسِـيـرُوا وَشُــجُّـوا جَـبْـهَـةَ الْـمُـتَسَوِّلِ
إِلَـــى وَحْـــدَةٍ كُــبْـرَى لِـخَـيْـرِ شُـعُـوبِنَا … وَمَـــا الـنَّـصْـرُ إِلاَّ فِــي عَـظِـيمِ الـتَّـكَتُّلِ
وَرُشُّــوا عَـلَى الْـوَاشِينَ مِـنْ طَـلَقَاتِكُمْ … يَـخِـبْ سَـعْـيُهُمْ وَسْــطَ الْـغُبَارِ الْـمُكَلَّلِ
فَــأَنْــتُــمُ فَـــخَـــارٌ لِــلْـعُـرُوبَـةِ كُــلِّــهَـا … وَتَـبْـنُـونَ مَــجْـداً بَــيْـنَ لَــيْـلٍ مُـجَـنْـدَلِ
بِـأَحْـجَارِكُمْ يَــا فَـخْـرَ أَسْـلِـحَةِ الْـوَغَـى … سَـتَـرْضَـوْنَ بِـالـنَّـصْرِ الْـعَـزِيـزِ الـمُـكَـمَّلِ
إِذَا كَــانَ هَـذَا الْـوَغْدُ قَـدْ جَـانَبَ الْـهُدَى … فَـأَنْـتُمْ حُـمَـاةُ الْـحَـقِّ فِـي كُـلِّ مَـدْخَلِ
فَـرُومُـوا حُـقُـوقاً قَــدْ تَـنَـاسَوْا عُـهُـودَهَا … تَـفُـوزُوا بِـوَجْـهٍ مُـشْـرِقِ الْـوَجْـهِ مُـقْـبِلِ
وَكُــونُــوا كَــجِـسْـمٍ وَاحِـــدٍ مُـتَـمَـاسِكٍ … يَــئِــنُّ أَنِــيـنـاً عِــنْــدَ وَخْــــزَةِ مَـفْـصِـلِ
وَلاَ تَـيْـأَسُـوا مِـــنْ رَوْحِ رَبِّـــي وَعَـطْـفِهِ … وَحُــلُّــوا قَـضَـايَـاكُـمْ بِــحُـسْـنِ تَـمَـهُّـلِ
وَهُــبُّـوا إِلَـــى الْـعَـلْيَا سَـرِيـعاً وَعَـاجـلاً … وَمُــــدُّوا الْأَيَـــادِي بِـالْـجَـدِيدِ الْـمُـغَـرْبَلِ
أَيَـــا أُمَّـــةَ الْــعُـرْبِ الْـكَـرِيـمَةِ أَبْـشِـرِي … بِــقَــوْمٍ إِلَــــى دَرْبِ الْـحَـنِـيـفَةِ مُــيَّــلِ
فَــيَــا رَبِّ وَحِّــدْهَــا وَلَــمْـلِـمْ شَـتَـاتَـهَا … لِـتُـصْـبِحَ كَـالـصَّـرْحِ الْـمَـشِيدِ الْـمُـجَمَّلِ
وَيَـــــا رَبِّ دَوْمـــــاً بِـالْـعِـنَـايَـةِ عُــمَّـهَـا … وَإِنْ قَــابَـلَـتْـهَـا مُــعْــضِـلاَتٌ فَــسَــهِّـلِ
وَيَـــا رَبِّ وَفِّـــقْ قَـــادَةَ الْــعُـرْبِ كُـلَّـهُمْ … لِــخَـيْـرِ بِــــلاَدِ الْـمُـسْـلِـمِينَ الْـمُـؤَمَّـلِ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هذه المعلقة من بحر الطويل
ثاني الطويل :
العروض تام مقبوض
والضرب تام مقبوض
الْقَبْض (حذف الخامس الساكن) فتصبح به (مَفَاْعِيْلُنْ): (مَفَاْعِلُنْ)، وتصبح (فَعُوْلُنْ): (فَعُوْلُ). ولا يجوز اجتماع الكف والقبض في (مَفَاْعِيْلُنْ). والْكَفّ والْقَبْض إن وقعا في جزء أو جزأين قُبِلا، فإن زادا عن ذلك لم يتقبلهما الذوق.
بحر الطويل لا يكون إلا تاما
ووزنه :
فَعُولُنْ مَفَاعِيلُنْ فَعُولُنْ مَفَاعِلُنْ = فَعُولُنْ مَفَاعِيلُنْ فَعُولُنْ مَفَاعِلُنْ
الطويل التام :
هو الذي وُجدت تفعيلاته الثمانية في البيت مثل :
هَـلَـلْـتَ وَقَـلْـبِـي كَـالْـقَـتِيلَ الْـمُـجَنْدَلِ … يَـطِيرُ مَـعَ الْأَحْـزَانِ فِـي الْـمَوْكِبِ الْعَلِي
رَأَيْـــتُ دُخَــانـاً أَسْـــوَدَ الــلَّـوْنِ قَـاتِـمـاً … يُـحَـوِّطُ قَـلْـبِي فِــي الْـجَـحِيمِ الْـمُـقَفَّلِ
يُـصَوِّتُ قَـلْبِي: ” أَنْقِذُونِي مِنَ الْوَغَى ” … فَـلَـمْ أُلْــفِ حَـوْلِـي أَصْـدِقَـائِي وَزُمَّـلِي
وَصِـحْـتُ: ” أَيَــا عِـيـدِي قَـتَلْتَ مُـغَطَّفاً … بِـــحُــزْنٍ وَغَـــــمٍّ وَافْــتِـئَـاتٍ بِــجُـوجَـلِ
أَيَــا عِـيـدَ فِـطْرِي مَـالَكَ الْـيَوْمَ مُـحْزِنِي … وَقَاتِلُ قَلْبِي فِي الْحَضِيضِ الْمُعَنْقَلِ؟!!!
أَسِـيـرُ مَــعَ الْأَمْـوَاتِ فِـي مَـوْكِبِ الْـعُلَا … عَــبَــاءَاتُ فِــقْـدَانِـي بِـأَجْـسَـامِ رُحَّـــلِ
وَنَــادَيْـتُ وَالـنِّـسْـوَانُ يَـلْـبَسْنَ أَسْــوَداً … وَيَـصْـرُخْـنَ مِـــنْ قَــلْـبٍ كَـلِـيمٍ مُـوَلْـوِلِ
اقرأ للشاعر
فِلِسْطِينُ تَصْرُخْ… “شعر” محسن عبد المعطي