ناصر اللحام يكتب: أعادتنا إسرائيل ثلاثين سنة للوراء ولكنها أعادت نفسها ألف سنة للورا

بقرار سياسي من حكومة نتانياهو عملت سلطات الاحتلال على اعادتنا ثلاثين سنة للوراء، اقتصاديا واجتماعيا وعسكريا وامنيا. تماما مثلما كانت أيام الانتفاضة الأولى، وابشع بكثير.

صورة لجنود الاحتلال يضعون “مزوزا” على باب منزل في قطاع غزة. رفع العلم الإسرائيلي في داخل مقر المجلس التشريعي، ورفع العلم الإسرائيلي فوق المساجد والجامعات والجثث وفوق كل شيء ليس إسرائيلي واستخدام القوة المفرطة في تدمير الهوية العربية الفلسطينية. صورة لعشرات الجنود المسلحين بالرشاشات والكراهية يضربون الاسرى المدنيين ويجبرونهم على رفع علم إسرائيل وان يهتفوا نشيد “هتكفا”. صورة لمغني إسرائيلي يكتب عبارة كراهية وانتقام على صاروخ قبل ان يضرب الهدف التالي. صورة لعبارة على قذيفة (أتمنى ان هذه القذيفة تقتل الأبرياء في غزة). فيديوهات مدفوعة الاجر على تيك توك لمجندات ومستوطنين يشتمون النبي محمد صلى الله عليه وسلّم. وحثالة من المتطرفين يقضون حاجتهم فوق الجثث وفوق الاحياء، البصق والشتم على العمال وعلى طلبة المدارس وجرافات تهدم كل نصب تذكاري لعرفات او لاي رمز للشعب الفلسطيني.

والهدف كسر كرامة الشعب الفلسطيني على مرأى من العالم العربي والعالم الإسلامي.

ما تفعله إسرائيل بالشعب الفلسطيني في جميع أماكن تواجده داخل الخط الأخضر وفي القدس والضفة الغربية وقطاع غزة هو اعلان دخول مرحلة “التوحش” والانتقام والاذلال والضرب بالعصي. هناك محاكم تفتيش في الشوارع كما كانت أوروبا في الحرب العالمية الثانية، ويطلب الجنود من طلبة الجامعات والعمال والمدنيين أجهزة الهواتف ليفتشوا فيها، وينهالون بالضرب وتجريدهم من ملابسهم امام اعين المارة!! تذكرون من كان يفعل هذا وبمن كان يفعل هذا؟

نتانياهو يعلن للجيش ان نبوءة أشعياء وهو يقصد ذلك “وجاء يشوع يحمل سيف العدل الإلهي، جاء يحمل الامر الإلهي” “اقتلوا كل ما في المدينة من رجل وامرأة من طفل وشيخ حتى البقر والغنم والحمير بحد السيف .. واحرقوا المدينة بالنار مع كل ما بها ” يش 24,21:6.

وورد في سفرهم المذكور حرفيا اشعياء 16:13

وتحطم أطفالهم امام عيونهم وتنهب بيوتهم وتفضح نساءهم.

هوشع 16:13

تجازى السامرة لأنها قد تمردت على الهها. بالسيف يسقطون، تحطم أطفالهم والحوامل تشق.

ولا يقتصر الامر على الفلسطينيين . بل يطال كلام نتانياهو العراق وبلاد الشام ومصر. في سفر ارميا واصحاح 13 وسفر حزقيال وصولا لسفر المزامير: يا بنت بابل المخربة طوبى لمن يجازيك جزاءك الذي جازيتنا. طوبى لمن يمسك اطفالك ويضرب بهم الصخرة .

والقول هكذا .فان نتانياهو المريض بالسلطة يفتح حربا دينية عمرها الاف السنين على أطفال ولدوا في 2020 غزة عام وبعدها !!!

والقول هكذا . ان نتانياهو قد أعاد اليهود الفي سنة للوراء ويسلحهم بذكريات من أيام الحكم الوثني، وايام بابل والرومان. ويستحضر حرب السيف وبقر بطون الأمهات الحوامل وضرب الصخرة بالطفل !!!

طلب مني صديق قديم ان أنقل لكم رسالة. فقال ان سلطات الاحتلال اعتقلته وهو يبلغ من العمر 60 عاما، وان عملية الضرب والتجريد من الملابس والنقل من الخليل الى معسكر عصيون الى معسكر عوفر كانت من أيام الويل والكراهية .

ثم في سجن عوفر جميع السجانين يحملون السلاح ويعتدون بالضرب على الاسرى من دون سبب، ولا طعام ولا ماء ولا دواء ولا كرامة .

قال : من دون ان اعرف سبب اعتقالي، لم اعرف سبب الافراج عني. ثم سألت السجانين لماذا تحملون العصي وتضربوننا .

فرد عليه احد السجانين: هذه أوامر من الوزير بن غفير، وممنوع ان نعاملكم كبشر بل هي أوامر ان نعاملكم باعتبار انكم حيوانات. انتهى الاقتباس.

ثم أضاف لي الأسير المحرر : اخبر سفيرنا في الأمم المتحدة ووزير الخارجية وجميع القيادات العربية والفلسطينية وحماس ان الاسرى داخل السجون الإسرائيلي هم من يحتاجون الى وقف اطلاق نار مثل غزة. وانه في الوقت الذي تفاخر فيه فصائل المقاومة بالمعاملة المحترمة مع الاسرى الإسرائيليين وترغب بإطلاق سراحهم، يموت الاسرى الفلسطينيون تحت التعذيب والضرب !!

نعم فعلها نتانياهو. نعم نجح بن غفير وباقي المتطرفين ان يعيدوا الفلسطينيين 30 عاما للوراء وربما اكثر. وفقد الفلسطيني منزله وولده ومدينته وسلطته والنصب التذكاري والأشجار والشوارع.

ولكنهم لا ينتبهون انهم يفعلون بأنفسهم اكثر. الفلسطيني فقد بيته ولكنهم فقدوا انسانيتهم واخلاقهم وقيمهم وثقة الأجيال بهم. ولسوف يحدق مئات الاف الايتام في عيون الطيارين الإسرائيليين وضباط المدفعية وجيش الاحتياط لمائة عام وفي كل صباح ومساء .

وحين تنتهي الحرب. سوف ينظر كل طرف في المرآة. ليعرف كل طرف ماذا فقد في هذه الحرب .

نعم انا اعترف. انتصرتم علينا بعدد القتلى والضرب والاهانات والاسرى والصواريخ والقذائف، وفقدنا كل شيء نملكه،

وفقدنا كل سلطة .. باستثناء الامل، ومعرفتنا العميقة بسفر اشعياء.

وقريبا سوف يتوسل العالم كله للمثقف وللصحفي الفلسطيني ان يتدخل وان يكتب اي شيء لمنع الانتقام.ط .

ان نتانياهو يقود حكومة ” مجانين ” وهي جاهزة لفعل أي شيء من اجل لا شيء . بن غفير نفسه قال قبل نحو شهرين : على الرئيس الأمريكي ان يفهم ان إسرائيل ليست الولاية 52 في أمريكا وعليه ان يحترم نفسه ويعلم ان إسرائيل ذات سيادة وتستطيع ان تحل مشاكلها. ولكنه بعد طوفان الأقصى كان اول من استلم الأسلحة الامريكية وقام بتوزيع عشرات الاف البنادق على المستوطنين داعيا لقتل العرب فيها !.

نتانياهو شخصيا صعد على منصة الأمم المتحدة في شهر أيلول الماضي وقال : ان الفلسطينيين لا يشكلّون سوى 2% من سكان العالم العربي داعيا الى عدم الاكتراث بهم او برأيهم . ولكن بعد ان خرج مقاتلون من غزة وأبادوا فرقة غزة ، طلب النجدة من الرئيس الأمريكي طالبا الحماية من الـ 2% الذين هزموه شر هزيمة .

بعد 30 يوما من الحرب الدموية والعدوان على المدنيين والبنايات في قطاع غزة، ولمن يقرأ الصحف العبرية . يجد ان:

– وزير الخارجية الأمريكي بلينكن جاء يشجّع إسرائيل على مواصلة العدوان وينصحهم بعض النصائح الفنية خشية ان يهزموا مرة أخرى على يد نفس المقاتلين في غزة. واقترح على نتانياهو قتل المدنيين بقنابل صغيرة بدلا من القنابل الكبيرة.

– الحملة القاتلة التي يقوم بها المستوطنون والاحتلال على الضفة الغربية عنوانها منع التضامن مع غزة ، ولكن مضمونها هو الخوف الاسرائيلي من ان تنتقل الضفة الغربية من الدفاع الى الهجوم. وإسرائيل التي جمعت زعران الشوارع والمتطرفين وقامت بتعبئتهم في جيش الاحتياط ونشرتهم ينشرون الرعب والقتل والخوف في الضفة الغربية، تخشى ان المقاومة في الضفة تنتقل الى الهجوم وتضرب في داخل المدن الإسرائيلية فيصبح ظهرها مفتوحا. ولكن فرصة إسرائيل فاشلة لان مواصلة العدوان على الضفة بهذا الشكل وقمع السكان ومواصل حصار المدن وقطع الطرقات هو الذي يدفع الشباب الى الهجوم بعدما فقدوا مصدر رزقهم واولادهم وتعرضوا للإهانات على جميع الحواجز العسكرية.

– نتانياهو لا يفكر بالاستقالة, ولم يفكر, ولن يفكر بالاستقالة . وطالما الحرب مستمرة والجنرال ” الغبي ” غانتس يعطيه الغطاء اللازم للبقاء. سوف يواصل الحرب لسنوات حتى لو تحوّلت لحرب إقليمية او حتى عالمية . وهذا لم يعد يحتاج الى خبراء او تحليل عميق ، نتانياهو لن يقدم استقالته ولن يتحمل مسؤولية هزيمة السابع من أكتوبر وسوف يواصل الحرب حتى يموت جميع الاسرى الإسرائيليين في غزة بأي شكل وبأسرع وقت .

– فتح حرب على لبنان وعلى العراق واليمن ولا استثنى مصر والأردن وسوريا في العقل الباطن لنتانياهو وهو ما سيضمن ان تتحول الحرب هنا الى ذات الشكل في أوكرانيا . وكما بقي زيلنسكي رئيسا لبلد مدمر ، لا يمانع نتانياهو ان يبقى رئيس وزراء إسرائيل لسنوات في حرب تأكل الأخضر واليابس .

– صحيفة هارتس استخدمت مصطلح ( مقاتلو حماس يقطفون حياة جنود إسرائيل في غزة ) في إشارة لسهولة قطف الثمار عن الشجر . في حين كتب المحلل العسكري رون بن يشاي بعد زيارته غزة مع الجيش : ان القتال لم يبدأ بعد في غزة .

– نتانياهو رجل عليل في عقله وفي أفكاره . رجل اعتمد مبدأ الغاية تبرر الوسيلة . له غاية واحدة هي البقاء في الحكم ، والوسيلة الوحيدة المتوفرة الان هي قتل الاسرى الإسرائيليين وفتح حرب إقليمية كبيرة .

– قال جنرالات في إسرائيل ان نتانياهو يطلب من حماس إعادة الاسرى والاستسلام من دون مقابل قبل وقف اطلاق النار . ويتساءلون : هل هناك شخص على وجه الأرض يصدق ان حماس ستوافق على ذلك ؟

د. ناصر اللحام – فلسطين

اقرأ للكاتب

ناصر اللحام يكتب: نتانياهو “سايكو” مضطرب عقليا.. الرجل قد يشعل حرب عالمية ثالثة

شكرا للتعليق على الموضوع