عادل السعدني يكتب: مصر ورحلة تحقيق النمو في إفريقيا
في خطوة طموحة تهدف إلى تعزيز التعاون الاقتصادي وتوسيع فرص التجارة، تسعى جمهورية مصر العربية إلى زيادة حجم تجارتها مع دول إفريقيا بنسبة 20% خلال الخمس سنوات القادمة، مستفيدة من بدء العمل باتفاقية التجارة الحرة الإفريقية.
إن هذه الخطوة تعكس التزامًا راسخًا من مصر تجاه تعزيز التكامل الاقتصادي في قارة إفريقيا. بالنظر إلى التحديات الاقتصادية التي تواجه العديد من دول العالم، تعتبر التجارة البينية مع دول القارة السمراء ركيزة أساسية لتحقيق النمو المستدام.
وتفتح اتفاقية التجارة الحرة الإفريقية أبوابًا جديدة لفرص التبادل التجاري بين مصر والدول الأفريقية. سيشمل ذلك تبادل السلع والخدمات، وتحفيز الاستثمارات المشتركة، مما يعزز التكامل الاقتصادي ويفتح آفاقًا جديدة للتعاون.
كما أن تعزيز التجارة مع إفريقيا ليس فقط مسألة اقتصادية، بل يعد أيضًا تعزيزًا للروابط الثقافية والتبادل الحضاري بين الشعوب. ستساهم هذه الزيادة المتوقعة في التجارة في تعميق التفاهم والتقارب بين مصر ودول القارة الإفريقية.
ومن خلال توسيع نطاق التجارة مع إفريقيا، سيتم تعزيز أداء القطاعات الحيوية في مصر مثل الصناعات التحويلية والخدمات. سيتيح ذلك للشركات المصرية فتح أسواق جديدة وتنويع مصادر الإيرادات.
ويمكن أن تلعب مصر دورًا مهمًا في تحقيق الأمان الغذائي وتعزيز القدرة الاقتصادية للدول الأفريقية، وبالتالي تحقيق نمو مستدام وشامل.
باعتبارها جزءًا من التطلعات الاقتصادية لمصر، تمثل زيادة تجارتها مع إفريقيا خطوة نحو مستقبل مشرق، حيث تلعب الدول الأفريقية دورًا متزايد الأهمية في تشكيل المشهد الاقتصادي العالمي.
وتُعد هذه الاتفاقية القارية الإفريقية بمثابة إشراقة في أفق الاقتصاد العالمي حيث أعلن رئيس جهاز التمثيل التجاري المصري، يحيى الواثق بالله، عن أهمية اتفاقية التجارة الحرة القارية الإفريقية، والتي تعد خطوة نحو تحقيق تحول تاريخي في المشهد الاقتصادي للقارة السمراء. يهدف هذا الاتفاق الجامع إلى تعزيز التكامل الاقتصادي بين 49 دولة أعضاء في الاتحاد الإفريقي.
فهي تهدف إلى إقامة سوق موحدة يعزز فكرة التبادل التجاري ويشجع على حرية الحركة داخل القارة الإفريقية. بالإضافة إلى ذلك، فإنها تسعى إلى تحقيق عملة موحدة، مما يسهم في تعزيز الاستقرار الاقتصادي وتسهيل عمليات التجارة.
تم تدشين الاتفاقية في مارس 2018، وبعد عام من التحضيرات والتنسيق، دخلت حيز التنفيذ، ومن المتوقع أن يبدأ العمل الفعلي بالاتفاقية نهاية عام 2024. هذا الجدول الزمني يمنح الدول الأعضاء الفرصة للتكيف وتنظيم الهياكل التجارية للاستفادة القصوى من الاتفاق. لكن وعلى الرغم من الطموحات الكبيرة للاتفاقية، يظهر تقرير مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار أن التجارة البينية بين دول القارة الإفريقية ما زالت متدنية، ويشير إلى أهمية مواجهة هذا التحدي لتعزيز التعاون وتفعيل الاستثمارات.
وعلى الجانب الأخر تشهد الساحة الاقتصادية المصرية مرحلة جديدة من الطموح والتطلعات، حيث تأتي إعلان 47 دولة، بما في ذلك مصر، عن تصديقها على اتفاقية التجارة الحرة القارية الإفريقية، لتفتح أبواب التعاون والتبادل التجاري بين الدول الأفريقية.
وتسعى مصر إلى رفع معدل نمو قيمة صادراتها بنسبة لا تقل عن 20% سنويًا خلال الأعوام الستة القادمة، بهدف تحقيق إجمالي قيمة للصادرات تصل إلى 145 مليار دولار في عام 2030. هذا الهدف الطموح يبرز التفاؤل والإصرار على تحقيق نقلة نوعية في الأداء التصديري.
وتعتزم إقامة 10 مناطق تصديرية متخصصة في عدة محافظات، مع تطوير 10 “عناقيد” صناعية تصديرية لدعم القطاعات الرئيسية. من خلال تعزيز البنية التحتية التصديرية، يمكن للبلاد تسهيل عمليات الإنتاج والتصدير، وبالتالي تحقيق أهدافها الاقتصادية.
تركز الإستراتيجية على استهداف 10 أسواق تصديرية واعدة، بهدف توسيع نطاق التصدير وتنويع وجهاته. هذا يعكس التفكير المستقبلي والتحلي بالحنكة في اختيار الأسواق التي تعد ذات فرص إستراتيجية للتجارة.
من خلال هذه الخطوات، تظهر مصر استعدادها لتحقيق رؤية استدامة وتحفيز اقتصادها نحو التفوق والتميز في الساحة الدولية. إن تفعيل استراتيجيات التصدير وتحسين التجارة يعكسان الالتزام بتعزيز الاستدامة والنمو الاقتصادي.
أ.د. عادل السعدني
عميد كلية الآداب جامعة قناة السويس
اقرأ للكاتب
عادل السعدني يكتب: مباحثات بين الخارجية المصرية ومجلسي الشيوخ والنواب الأمريكي