ندى معوّض تكتب: مستلزمات تغيير المسلك الحياتي إيجابًا

    قيل قديمًا “إنّ العلم الأفضل والأهم هو ذلك الذي يمكن تطبيقه عمليًا… ذلك الذي يؤدي بالانسان إلى التطوّر من خلال هذا التطبيق… ولا فائدة تُرجى من علم يقوم على النظريات، ولا يقدم سوى النظريات!!”. يختصر هذا القول منهج علوم باطن الإنسان – الإيزوتيريك. فعلوم الإيزوتيريك طريقة حياة عملية تطبيقية كاملة متكاملة تؤدي بمن ينتهجها إلى الوعي والتطور والذكاء السامي والفكر الألمعي إضافة إلى النجاح عمليًا في الحياة وكذلك إلى صحة سليمة مدى العمر.
إن موضوع تغيير المسلك الحياتي إيجابًا هو موضوع يهمّ كل إنسان، لأن كل إنسان يريد أن يكون أفضل، والمسلك الحياتي هو انعكاس لحقيقة الإنسان من الداخل، لباطنه وما يختلج فيه من أفكار ومشاعر وأحاسيس ورغبات ومخاوف، إلخ.
البعض يسأل: “كيف أغير ما في نفسي، وهل في مقدوري حقًا التغيير؟”، والبعض الآخر يسأل: “لماذا لم أتغيّر رغم عملي على نفسي؟”، ومنهم من لا يعترف أصلًا بإمكانية التغيير بحُجّة أنّ “الطبع يغلب التطبّع″، وكأنه يُلغي بذلك إمكانية تطوّر الإنسان وتقدّمه وتعلّمه.
ولكن إن كنّا نبغي التطوّر، حريّ بنا أن نسأل: إلى متى سنبقى نتذبذب بين الفعل ونقيضه؟ إلى متى سيبقى قرارنا باتّخاذ موقف حازم وحاسم وجازم في حالات مدٍ وجزرٍ تطول وتطول في فلك التفكير العقيم أو التأجيل المستديم؟ ولماذا لا يتغيّر مسلكنا الحياتي على قدر التطوّر الذي نريده لأنفسنا؟؟؟
فتغيير المسلك يعني أن نلغي من قاموس مفرداتنا عبارات كـ “سأحاول جهدي”، “سأبذل ما في وسعي”، و”سأعمل جاهدًا على كذا وكذا”…
تغيير المسلك هو قرار تُوّج بالفعل قبل أن “يتنفـّس” التردّد… ودُمغ بالالتزام قبل أن تنسفه الفوضى والعبثية والتأجيل.
فالمسلك الايجابي هو انعكاس الوعي المتوسّع والمُتفتّح، يدمغ تصرفاتنا وصفاتنا بنتيجة توافق الفكر والمشاعر معًا، وبنتيجة توحّد الفكر بالقول والفعل إثر صقل الأنا في أتون المحبّة والتقدير، ودخولها محراب الصدق.
إن علوم الإيزوتيريك كونها طريقة حياة عمليّة تطبيقيّة، تنص على ضرورة أن يعمل الإنسان على إزالة الصفات السلبيّة من النفس (بالتالي من المسلك) واستبدال تلك الصفات السلبيّة بصفات إيجابيّة معاكسة لها (كاستبدال العصبية بالهدوء، والقلق بالسلام الداخلي، والانغلاق بالانفتاح، إلخ). إنه ليس بالأمر اليسير، لكنه ليس عسيرًا أيضًا… فالعمل على تغيير المسلك إيجابًا هو اعتراف ضمني بالسلبية يتمثّل بنوع من “الصحوة الداخلية” تجاه الخطأ الذي يمارسه المرء (سواء تجاه نفسه أو تجاه الآخر) من منطلق التحليل الفكري الموضوعي والصادق الذي يولّد الاقتناع بضرورة التوقف عن ممارسة هذا الخطأ، ومن ثم استنهاض الارادة لتقويم المسلك السلبي واستبداله بمسلك إيجابي.
الإيزوتيريك يريد للإنسان أن يكون قوي الشخصية، لأنّ وحده ضعيف الشخصية يخاف من تغيير مسلكه. أما صاحب الشخصية القوية فقراره فعل، وفعله مسلك وعي يُقتدى به.
إنّ مستلزمات تغيير المسلك ليست خافية أو سريّة أو حتى صعبة، فليس ثمّة خافٍ لم تكشفه علوم الإيزوتيريك في مؤلفاتها التي ناهزت المئة حتى تاريخه، لنحقّق المطلوب. إنّما الخافي هو ما يتستّر في المسافة التي تفصل النفس عن هدفها، عن ذاتها، وعن كلّ ما هو إنسانيّ وخيّر فيها. وبقدر ما نبتعد عن ذواتنا، بقدر ما تزيد الهوّة التي تسقط فيها كلّ نظرية أو معلومة نتأخر في تطبيقها.

 1-4

إقرأ للكاتبة

ندى معوّض تكتب: كيف نفهم الكسل ونحوّله إلى نشاط وحيوية

شكرا للتعليق على الموضوع