في مثل هذا اليوم.. مصر تروض الأسود والأفيال

يعتبر المنتخب المصري أحد القوى المنتخبات الكبرى في تاريخ القارة الأفريقية، حيث يتسيّد قمة “ناد الأبطال” الفائزين بلقب كأس الأمم الأفريقية بسبع بطولات متفوقًا على الكاميرون وغانا وكلاهما بأربعة ألقاب.

ورغم غياب “الفراعنة” عن العرس الأفريقي في النسختين الأخيرتين، لكن تبقى السيطرة التي حققها المصريون على اللقب في ثلاثة نسخ متتالية ما بين 2006 وحتى 2010 خالدة في سجلات البطولة وذاكرة المصريين كما هي حضارتهم الفرعونية الضاربة في عمق التاريخ.

بعد فوزهم باللقب الرابع في بوركينا فاسو، العام 1998 بقيادة المدرب الراحل محمود الجوهري وثلة من اللاعبين الكبار، كان على المصريين انتظار ثمان سنوات كاملة لاستعادة اللقب، حيث انتهز رجال المدرب حسن شحاتة فرصة استضافة الحدث الأفريقي في العام 2006 لكي يستعيدوا اللقب.

كان محمد أبو تريكة أحد العناصر الفاعلة في الفوز باللقب، وقد كانت ركلته الترجيحية الأخيرة هي الحاسمة في منح الكأس الخامس للمصريين على حساب كوت ديفوار. وكما يقال دائمًا الحفاظ على القمة أصعب من الوصول لها، ولذلك فقد كانت المشاركة التالية في نسخة غانا 2008 أكبر تحد أمام “الفراعنة”، حيث لم تنالهم الترشيحات الكبيرة للاستمرار فوق القمة، خصوصا أن هذا الأمر غير مألوف في كأس الأمم الأفريقية.

خاض المنتخب المصري مشوارا رائعا في بطولة غانا، وقد استهله بأفضل ما يمكن عند انتصاره 4-2 على الكاميرون أحد المرشحين الأقوياء لانتزاع اللقب منه. واصل المصريون بثقة وسجلوا فوزا ثانيا على السودان 3-0 وتصدروا مجموعتهم عقب التعادل مع زامبيا 1-1. وفي أدوار الإقصاءات، تخطوا أنجولا 2-1 في ربع النهائي، ثم هزموا مرشحا آخر للقب هو كوت ديفوار في نصف النهائي 4-1.

وجد المصريون أنفسهم من جديد في النهائي الكبير، وتكررت المواجهة مع الكاميرون خصم الافتتاح، أقيم النهائي يوم 10 فبراير/شباط من العام 2008، واحتشد الآلاف في ملعب “أوهين دجان” بالعاصمة آكرا. ترقبت عيون الملايين تلك المواجهة التي تعيد إلى الأذهان النهائي الذي جمعهما في نسخة مصر 1986 وانتهى على إيقاع التعادل السلبي قبل أن تفوز مصر بركلات الترجيح 5-4.

استبشر المصريون خيرا بعد فوزهم على الكاميرون في موقعة الافتتاح 4-2، بينما أرادت “الأسود غير المروضة” تسديد الحساب وانتزاع اللقب من صاحبه والعودة لمنصة التتويج بعد آخر ظهور فوق قمتها في نسختي (2000 و2002). دارت المباراة وفقا لحساسية اللقاءات الختامية فضاعت الفرص تباعا وخلت من الأهداف طيلة 77 دقيقة من اللعب.

في تلك اللحظة (الدقيقة 77) تغير مسار المباراة بالكامل، حين ارتبك عملاق الدفاع الكاميروني روجبير سونج وعاد بالكرة نحو منطقته وسط ضغط كبير من المهاجم المصري محمد زيدان، انتزع الأخير الكرة بشكل مميز، ولكن للوهلة الأولى لم يعرف من أي ستأتي المساعدة، ولكن كان هناك لاعب من طراز رفيع قرأ الحدث، وبلمح البصر كان محمد أبو تريكة ينطلق بسرعة ليكون في المكان والزمان المناسب لاستلام تمريرة زيدان الحاسمة ويدكها من تحت يدي الحارس إدريس كاميني.

اهتزت الشباك بهدف مصري وتجمع اللاعبون “من في الملعب وخارجه” بشكل عفوي لتهنئة ملهمهم داخل إطار المرمى. كان الهدف كافيا لمنح المنتخب المصري الفوز الثمين ليحافظ على لقبه مرة ثانية على التوالي. تعوّد أبو تريكة على رسم الابتسامة في كثير من الأوقات، لكن بهدفه هذا لم يرسمها بحسب، بل أنه “فجّر ثورة” من الإحتفالات استمرت ساعات طويلة في مختلف المدن المصرية التي استقبلت أبطالها لاحقا بشكل لم يسبق له مثيل.

كان يوما مصريا بامتياز، فعلاوة على اللقب الغالي، توج نجم الوسط حسني عبد ربه بلقب أفضل لاعب، وعصام الحضري بلقب أفضل حارس مرمى، وحل أبو تريكة وحسني عبد ربه وعمرو زكي في المركز الثاني على لائحة الهدافين مع الإيفواري عبدالقادر كيتا، خلف الكاميروني صامويل إيتو (المتصدر بخمسة)، كما ضم فريق البطولة خمسة لاعبين مصريين، هم “عصام الحضري ووائل جمعة وحسني عبد ربه ومحمد أبو تريكة وعمرو زكي”، ورغم عدم وجود جائزة فعلية، لكن يعتبر المدرب حسن شحاتة أفضل المدربين فيها، وفقا للموقع الرسمي للاتحاد الدولي لكرة القدم.

بعد عامين من هذا الانتصار الكبير ورغم غياب أبو تريكة، كرر المصريون المشهد بالاحتفاظ باللقب مرة ثالثة في نهائيات أنجولا 2010، وهو ما لم يسبقهم إليه أحد منذ أن انطلقت البطولة في العام 1957.

شكرا للتعليق على الموضوع

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *