السعودية هل تخسر نفوذها في لبنان بعد قراراتها الأخيرة؟

بينما تتنافس السعودية وإيران على زيادة نفوذهما في المنطقة، تمكن لبنان لسنوات من الحفاظ على توازن معقول وظل ساحة غير محسومة لأي من المتنافسين.

ففي حين ترتبط السعودية بعلاقات وطيدة مع سياسيين وقوى سنية في مقدمتها “تيار المستقبل” بزعامة رئيس الوزراء السابق، سعد الحريري، تدعم إيران جماعات شيعية على رأسها حزب الله وجناحه العسكري.

وفي تصعيد غير مسبوق، صنفت السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي، الأربعاء 2 مارس/ آذار، حزب الله “منظمة إرهابية”. وشمل القرار جميع قادة وفصائل والتنظيمات التابعة للحزب. وتثير الخطوة الخليجية إشكالية حول كيفية تعامل دول مجلس التعاون مع الحكومة اللبنانية الحالية والتي تضم بين صفوفها وزيرين من حزب الله.

من جهته، استنكر حزب الله القرار الخليجي، ووصفته كتلته البرلمانية بــ “المتهور والعدائي”.

ورفض زعيم “تيار المستقبل”، سعد الحريري، التعليق مباشرة على القرار الخليجي. وقال في مؤتمر صحفي في العاصمة بيروت، “لا دخل لي بالموافقة أو عدمها”. كما عبر الحريري عن رغبته في استمرار الحوار مع الحزب.

ووصفت إيران القرار الخليجي بأنه “يعرض استقرار لبنان للخطر… وأنه سيضر بوحدة وأمن لبنان”.

وكانت السعودية قد قررت الشهر الماضي إلغاء مساعدات مالية بقيمة 4 مليارات دولار كانت مخصصة لتدريب وتسليح الجيش اللبناني وقوى الأمن. وبررت السعودية قراراها بأنه “جاء ردا على سيطرة الحزب على لبنان وعدم إدانة الأخيرة للاعتداءات التي استهدفت السفارة السعودية في طهران”.

ويرى محللون أن السلوك السعودي يؤثر سلبا على حلفائه في لبنان ويفسح المجال أمام حزب الله وإيران لزيادة نفوذهما في الداخل اللبناني.

ففي مداخلة سابقة مع برنامج نقطة حوار، قالت الدكتور ليلى نقولا الرحباني، أستاذة العلاقات الدولية بالجامعة اللبنانية إن ” السعودية تضر نفسها عندما تعادي الجيش اللبناني”.

وأضافت الرحباني مستنكرة “إذا كانت السعودية تعتقد أن حزب الله بقوته العسكرية يسيطر على القرار اللبناني وعلى الدولة، فهل الصواب هو أن نضعف الجيش اللبناني لكي يسيطر حزب الله أكثر؟”.

وترى أستاذة العلاقات الدولية أن “ما تقوم به السعودية يضعف حلفاءها قبل أن يضعف حزب الله”.

لكن في المقابل، وفي حديث مع بي بي سي عربي، يرى الدكتور سلمان العتيبي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الملك سعود، أن “الجماعات والقوى التي تدعمها السعودية داخل لبنان ضعيفة بالأساس نتيجة تغول حزب الله وإيران، وتقديم الدعم لها من عدمه لن يؤثر كثيرا عليها”.

ويضيف العتيبي أن “السعودية قد تساعد في تقوية حلفائها داخل لبنان عن طريق إضعاف حزب الله ومن يسانده”.

ويستطرد العتيبي “السعودية استطاعت تصنيف الحزب كجماعة إرهابية خليجيا وعلى مستوى وزراء الداخلية العرب وستسعى للحصول على تصنيف مماثل من كيانات إقليمية مثل الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، إضافة إلى دول أوروبية وغربية”.

ويردف أستاذ العلوم السياسية “مثل تلك الاعترافات ستفتح المجال أمام استهداف الحزب ومسانديه ماليا واقتصاديا وحتى عسكريا، وهذا بالتأكيد يصب في مصلحة منافسي الحزب في الداخل اللبناني”.

ولا تعتبر لبنان ساحة المواجهة الوحيدة بين المتنافسين السعودي والإيراني، إذ ينخرط حزب الله وإيران في الصراع السوري بمساندتهما الرئيس السوري بشار الأسد ونظامه، في حين تدعم السعودية قوى مسلحة معارضة في الداخل السوري.

وفي اليمن، تتهم السعودية حزب الله بتسليح وتدريب جماعة أنصار الله الحوثية والقتال إلى جانبها، وهي الجماعة التي تستهدفها قوات التحالف بقيادة السعودية.

ويخشى مراقبون أن تتحول لبنان إلى ساحة حرب بالوكالة، تعيد للأذهان ما شهدته البلاد من حرب أهلية بلغت ذروتها في ثمانينات القرن الماضي، وراح ضحيتها نحو 150 ألف قتيل.

بي بي سي

شكرا للتعليق على الموضوع