ياسين المصري يكتب: وقالت الصناديق للجهل نعم

أجل تطل علينا في مثل يومنا هذا ذكرى الجهل،

ذكرى يوم خرجت فيه أصوات تعلو بأن ما أنتجه بشر أضحى مطلقا،

ذكرى يوم خرجت فيه أصوات تعلو بأن دين الله وما خطته يد إنسان أضحوا سواء بسواء،

أصوات لا نعلم هل جهلت ما تقول، أم عمدت إلى استغلال جهل من يستمعون.

أصوات تذكرنا بالحلاج حين قال: مالي وللناس كم يلحونني سفها *** ديني لنفسي ودين الناس للناس.

عن أي دين يتحدثون!

وبأي سبيل بهذا الدين يؤمنون!

إن كانوا فيما يدينون به يساوون بين ما خطته أيديهم وما يصدر عن ربهم -رب العزة -فسبحان الله عما يصفون، وسلام على المرسلين، ونحمد الله أن لم يلحقنا بالمفتونين.

من فتنوا في شيوخهم، ففتنوهم في دينهم.

لقد حكمت الأيام بخطأ ما كان، ولكن مخطأ من قال إنها حكمت بصواب ما لم يكون.

فحكمنا في أطار المدى القصير من الزمن في تاريخ الأمم والشعوب ولكن ما قد يكون خطأ في المدى القصير قد يكون هو عين الصواب في المدي البعيد.

كما أن الأيام تحكم بصواب أو خطأ ما كان ولكنها لا تحكم بصواب أو خطأ ما لم يكون.

فما حدث كما كان خطأ في أطار ما آلت إليه الأمور فهو كان صواباً في أطار كشف الحقيقة لمن يجهلون وما أدرانا لو أن ما كان لم يكون ربما أضحى المخطئون لا زالوا بيننا يتقولون بصواب فعلهم والبعض لهم مصدقون، فلا تجربة فندت دعواهم، ولا علم بالغيب أعاننا أن نثبت خطأهم.

وهذا هو طبيعة الفعل البشري فهو نسبي في صوابه وخطأه ففي صوابه جزء من الخطأ وفي خطأه جزء من الصواب ونحكم عليه في أطار ما كان ولا نستطيع الحكم على ما لم يكون.

فلا صوابه صوابٌ مطلق ولا خطأه خطأٌ مطلق فلا يصدر المطلق إلا عن مطلق لذا كان الفارق بين فعل البشر وبين ما يصدر عن الاله.

فالله وحده عنده علم ما كان، وما يكون، وما سيكون، وما لم يكون، لو كان كيف كان يكون

ولذا كان اليوم ذكرى الجهل.

فحين يقولون اليوم قالت الصناديق للدين نعم فعليهم أن يجيبوا:

فهل صدر دستوركم عن ربكم،

أم أن أوامر دينكم تصدر عن البشر.

إن قلتم الأولي فقد كذبتم فنحن نعلم من خطت أيديهم ذلك الدستور،

وإن قلتم الثانية ما جاز لما تتحدثون عنه أن يكون دين إلا لو كان دين يعبد فيه البشر، بشر مثلهم وفي أطار حرية العقيدة لا نستطيع أن نقول سوى أنهم أحرار فيما هم به يدينون.

ولكن وجب علينا أن نطلق صيحة تنادي بأن على الدولة دور في التنوير.

شكرا للتعليق على الموضوع