محمد النقلي يكتب : إصطباحه ” عندنا .. وعندهم “
لا يُنكر أحد أن لعبة كرة القدم في العالم أجمع أصبحت ” صناعه ” ، مثلُها في ذلك مثل صناعة ” السينما ” وغيرها ، يعمل بها ويقتاتُ منها الملايين ، وأصبح الكثير من أندية العالم .. مؤسسات وكيانات إقتصاديه عملاقه تكاد ميزانياتِها تقترب من ميزانيات الدول .. فعلى سبيل المثال وليس الحصر ، نجد الآتي :
-نادي برشلونه الأسباني وصلت قيمته إلى 3.2 مليار دولار وحقق أرباحاً قدرها 627 مليون دولار .
-نادي ريال مدريد الأسباني وصلت قيمته إلى 3.44 مليار دولار وحقق أرباحاً قدرها 675 مليون دولار .
-نادي مانشستر يونايتد الإنجليزي وصلت قيمته إلى 2.8 مليار دولار وحقق أرباحا ً561 مليون دولار .
( جميع الأرقام المذكوره لعام 2013 )
الم أقل إنها ميزانيات بعض الدول !! .. المهم .. بنظره سريعه وفاحصه لتلك الأرقام نجد إن القائمين على تلك المؤسسات .. أقصد الأنديه ، وكذلك العاملين بها ، والمساهمين فيها .. الكل يعمل من خلال مفهوم ” الإحترافيه ” .. الإحترافيه بمعناها الحقيقي .. ولا شئ سواها .. إداره إقتصاديه محترفه ( ليس من الضروري أن تكون هذه الإداره قد مارست لعبة كرة القدم ) كذلك جميع العاملين من المحترفين .. وأخيراً اللاعبين .. أى إنها منظومه كامله من الإحتراف .. ليس بينها هواه ، ولا مكان من للعواطف أو الأهواء ، وبناءً على ذلك تتحقق الأرقام المذكوره ، ويشاهد ويستمتع العالم بكرة قدم حقيقيه .. هذه هى ” الصناعه ” بمفهومها الحقيقي .. منتج جيد أو سلعه ممتازه تُنتج وتُباع وتلقى قبولاً ورواجاً بالأسواق العالميه .. لأن القائمين عليها ، كما قلت .. يعلمون ويطبقون مفهوم ” الإحترافيه ” في كل مايتعلق بتلك الصناعه .. ليس أكثر .
أما مايحدث عندنا فشئ آخر تماماً ، ليس فيه من كرة القدم سوى شكل الكره .. ذلك الشئ المستدير الذي يتدحرج على الأرض .. وأُناسٌ يهرولون ورائِه .. وجماهير تتناحر وتتقاتل ، وفتن تزرع ، ونعره عصبيه .. تفرق ولاتجمع .. هذا فقط مانعرفه ونفهمه ونعيشه مع لعبة كرة القدم .. لماذا ؟؟!! لسببٍ بسيط جداً .. ورغم بساطته ، لم ولن ندركهُ !!
فإدارة كرة القدم عندنا ، سواء على مستوى الأندية (مجالس الإدارات) .. أو على المستوى العام (إتحاد كرة القدم) .. هى إدارات هااااااويه .. تقوم بعملها بشكل تطوعي .. أى لاتجني شيئاً من وراء عملها هذا سوى .. الظهور بوسائل الإعلام المختلفه !!
هل يعقل هذا ؟ إداره تعمل بمنطق و فكر الهواه تدير ” صناعه ” .. العاملين (اللاعبين) بها “محترفين” .. صلاة النبي أحسن .. مع الإعتذار للفنان القدير ” توفيق الدقن ” .. إداره لاتتقاضى شيئاً .. تسن قوانين ، وتضع لوائح ، وتنظم مسابقات وبطولات يلعب بها أُناسٌ تتقاضى الملايين ؟! كيف يستوي هذا الأمر ؟؟ وبعد كل ذلك .. نسأل .. من أين يأتي فساد الذمم ؟!! ولماذا مستوانا في اللعبه متأحر إلى هذا الحد ؟
أقول لكم لماذا نحن ” متخلفين ” عن العالم .. ليس كروياً فقط ، فلعبة كرة القدم عندنا ليس إلا مثالاً يعبر عن الفرق بيننا وبين العالم الذي ينطلق من حولنا في جميع مناحي الحياه بسرعة الصاروخ ، فنحن لانطبق أى شئ من منطلق مفهوم ” المنظومه المتكامله ” .. طبقنا من ” الإشتراكيه ” حق العامل .. و أغفلنا حق صاحب العمل .. وإغتلنا مفهوم الحافز الفردي ، وطبقنا من ” الرأسماليه ” إحتكار أصحاب الأعمال لكل شئ .. وغضضنا الطرف عن حقوق الناس والدولة .. أخذنا من ” الدين ” ظاهِرهُ .. وليس جوهرهُ .. وأخيراً .. كرة القدم .. لم نأخذ من مفهوم الإحتراف سوى ” الإغتراف ” .. هكذا نحن في جميع مجالات ومناحي الحياه ، إنها ” الفهلوه المصريه ” ياصديقي ..
ياساده .. إذا كنا نريد ” كرة قدم ” حقيقيه .. فلترفع الدوله يدها عن الأندية .. وتتحول الأنديه إلى شركات مساهمة .. إلى كيانات إقتصادية حقيقية .. تديرُها إدارات مالية وإقتصادية محترفه .. وكفااااااانا دفن رؤوسنا في الرمال كالنعامات .
” إستقيموا يرحمكم الله “
التلغراف : تتشرف جريدة ” التلغراف ” بانضمام الكاتب والاديب والشاعر محمد على النقلى لاسرة التحرير ، ويعد جمهورنا العزيز بمقال اسبوعى ( الخميس ) ، اضافة لنشر قصصه القصيرة ، واحدث دواوينه فى الشعر .