شوقي العيسه يكتب : اسرائيل وروسيا “الذكاء الصهيوني مرة اخرى”

عندما كانت الصهيونية على مشارف نجاحها في انشاء اسرائيل سوقت نفسها على انها بصدد اقامة نظام اشتراكي في الشرق الاوسط الرجعي التابع للراسمالية الاوروبية ، وبذلك هي لم تحيد المعسكر الاشتراكي بقيادة الاتحاد السوفياتي ، في ذلك الوقت ، بل كسبته في خندقها ، وفي نفس الوقت كان تحالفها مع الراسمالية قويا واستراتيجيا .

ولفهمها العميق لمجرى اعادة تمركز القوى العظمى في العالم بعد الحرب العالمية ، ولتحقيق اهدافها الاستعمارية الواسعة والطموحة والتي ستتعارض لاحقا مع اهداف الاتحاد السوفيتي ، وبان القوة العظمى العالمية تنتقل من اوروبا الى امريكا ، كانت بالتدريج تنتقل بتحالفها الاستراتيجي الى الولايات المتحدة .

خبراء الصهيونية بدهائهم وسعة خبرتهم يعرفون ان القوى العظمى تحتاج في صراعها على مناطق النفوذ الى حليف قوي وليس فقط تابع ضعيف .

فالحليف المحلي قوي بقوة المجتمع والاقتصاد والنظام وليس بقوة القمع فقط .

في منطقة الشرق الاوسط منذ تاسيس اسرائيل ، يوجد ثلاث قوى تتصارع القوى العظمى على كسبها وهي اسرائيل وتركيا وايران ، من اجل تامين مصالحها ونفوذها في المنطقة.

اما النظام العربي كونه مبني على ان يجمع الزعيم حوله من يسبحون بحمده فقط ، فانه يعتقد ان القوى العظمى تعمل بطريقته وتتحالف مع من ينبطح لها اكثر .

المعادلة الصحيحة ان القوى العظمى التي تطمح لنفوذ عالمي وليس اقليمي فقط  ترى خصما لها في من هو مثلها، ولا ترى في القوة الاقليمية خصما بل حليفا تحمي مصالحه مقابل تامين نفوذها وعدم التحالف مع خصمها .

ولا ينفعها نظاما ضعيفا يهتدي بالمثل القائل زوج امي عمي، فهذا يبقى تابع تأمره وتلعب به وعليه ، ولا تثق به وبقوته وببقائه .

اسرائيل تدرك جيدا ان الولايات المتحدة بدأت مرحلة تقهقر الامبراطورية وان حافظت على نفسها هذا العقد فلن تبقى كما هي في العقد القادم .

اسرائيل منذ عدة سنوات تعزز علاقاتها الاقتصادية والامنية مع الصين والهند ، ومنذ انهيار المعسكر الاشتراكي وهي تتغلغل هناك في الاعلام والاقتصاد والتكنولوجيا وتركت الجنس للعرب ليتغلغلوا .

وتحافظ باستمرار على علاقتها الاستراتيجية مع تركيا في كل الظروف .

والان تعمل بكثافة (دون المس بعلاقتها مع امريكا وتركيا) على زرع تحالف مستقبلي مع روسيا ، يؤمن لروسيا حليف قوي لا يهدد نفوذا لها في المنطقة لانه يستطيع لو اراد ، وتستفيد اسرائيل بعدم استخدام روسيا نفوذها بتهديد مصالح اسرائيل لانها تستطيع لو ارادت .

اما علاقة العرب مع الدول العظمى فينطبق عليها ما قاله الحكيم سقراط لشخص جاء يترخوص ويتمايل امامه بملابسه وجماله : تكلم حتى اراك .

شكرا للتعليق على الموضوع