العالم يحتفل غدًا بـ 370 مليون إنسان من عصر ما قبل الاستعمار

يحيي العالم غدا اليوم الدولي للشعوب الأصلية تحت شعار، حق الشعوب الأصلية في التعليم، وهو حق كفله إعلان منظمة الأمم المتحدة بشأن الشعوب الأصلية، وحق يحميه صكوك القانون الدولي المتصلة بحقوق الإنسان، بما فيها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

والشعوب الأصلية هي تلك التي أقامت على الأرض قبل أن يتم السيطرة عليها بالقوة من قبل الاستعمار، ويعتبرون أنفسهم متميزين عن القطاعات الأخرى من المجتمعات السائدة الآن على تلك الأراضي.

ويدعو الهدف الرابع من أهداف جدول أعمال خطة 2030 للتنمية المستدامة إلى ضمان التعليم الجيد، والمنصف، والشامل للجميع وتعزيز فرص التعلم مدى الحياة للجميع.

وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد خصصت بموجب قرارها العام 1994، التاسع من أغسطس من كل عام الاحتفال باليوم الدولي للشعوب الأصلية، وهو تاريخ الذكرى السنوية لانعقاد أول اجتماع للفريق العامل المعني بالسكان الأصليين التابع للجنة الفرعية لمنع التمييز وحماية الأقليات التابعة للجنة حقوق الإنسان.

وقد أعلنت الجمعية العامة العام 1993 السنة الدولية للشعوب الأصلية، كما أعلنت في العام ذاته العقد الدولي للشعوب الأصلية في العالم بدءا من 10 ديسمبر عام 1994 بموجب قرارها رقم 48/163 بغية تعزيز التعاون على حل المشكلات التي تواجه السكان الأصليين في مجالات مثل حقوق الإنسان والبيئة والتنمية والتعليم والصحة.

وقالت مدير عام منظمة الأمم المتحدة للتربية، والعلم، والثقافة ،اليونسكو، في رسالتها بهذه المناسبة” إن خطة التنمية المستدامة 2030 واتفاق باريس بشأن المناخ المعتمدان في العام 2015 حددا إطارا جديدا وطموحا من أجل بناء عالم ينعم فيه كل إنسان بالكرامة، ويحترم كوكب الأرض، ويعترف هذا الإطار بأن الشعوب الأصلية تمثل فئة متميزة، وتؤدي دورا في الجهود العالمية الرامية إلى بناء مستقبل أفضل للجميع″.

وأضافت بوكوفا” في هذه المناسبة نود أن نعرب عن تقديرنا للسكان الأصليين الذين يبلغ عددهم٣٧٠ مليون نسمة، ونؤكد مجددا عزم وتصميم اليونسكو على صون وتعزيز هوية الشعوب الأصلية ولغاتها ونظم معارفها، فالشعوب الأصلية تقوم مقام الحارس الأمين لثراء التنوع الثقافي، وتملك معارف وخبرات فريدة بشأن أنماط العيش المستدام، واحترام التنوع البيولوجي، ولكن حفظ هذه الطاقة واستغلالها يقتضيان أن نعمل على ضمان التعليم الجيد والمنصف والشامل للجميع″.

ولفتت إلى أنه لا يزال الكثير من السكان الأصليين لا يتمتعون بحقوقهم الكاملة في الانتفاع بالتعليم الجيد، ولا يزال أطفال الشعوب الأصلية أقل حظا من أطفال الشعوب غير الأصلية في الالتحاق بالمدرسة، وأكثر عرضة منهم لأن يكون مستوى أدائهم الدراسي منخفضا، وغالبا ما يولد هذا التهميش الذي يقترن بحواجز اجتماعية واقتصادية وثقافية حلقة مفرغة من الضعف والحرمان وتؤدي هذه الفجوات ذات الأبعاد الأخلاقية والتنموية إلى تقويض دعائم الإنسانية بأسرها.

وأشارت بوكوفا إلى أن الحق في التعليم أساسي، كما هو منصوص عليه في إعلان منظمة الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصلية لعام 2007، واتفاقية منظمة اليونسكو بشأن مكافحة التمييز في مجال التعليم لعام 1960.

وبينت أن نظم معارف السكان الأصليين تنطوي على العديد من الحلول التي تساعد على التخفيف من عواقب تغير المناخ، وستستمر اليونسكو في الاستعانة ﺑﻬذه المعارف لتعزيز التعاون العلمي في مجال صون التنوع البيولوجي، ودعم التعليم من أجل التنمية المستدامة، ويكمن التحدي الرئيس في قدرتنا على جمع هذه الثروة من المعارف، والثقافات، وتسخيرها لمنفعة الجميع، في ظل الاحترام الكامل لحقوق الإنسان، وهذا هو العهد الذي نقطعه على أنفسنا من جديد في هذا اليوم الدولي.

يذكر أن هناك أنواع مختلفة من الأقليات والسكان الأصليين في مختلف أنحاء العالم، والشيء المشترك بينهم هو أنهم غالبا ما يواجهون التمييز العنصري والتهميش والاستبعاد، ويضمن القانون الدولي لحقوق الإنسان، الذي يرتكز على مبدأ المساواة، الحق في التعليم للجميع، ومع ذلك قد تحرم الأقليات، والشعوب الأصلية من حقها في التعليم.

وتبين المجموعة الدولية لحقوق الأقليات أن الغالبية العظمى من الأطفال الذين هم خارج المدرسة هم من الأقليات، وأطفال الشعوب الأصلية في جميع أنحاء العالم، وتحرم الأقليات، وأطفال السكان الأصليين بصورة منتظمة من الحصول على التعليم الجيد، ويحدد القانون الدولي لحقوق الإنسان عددا من الأبعاد الفردية والجماعية للحق في التعليم، وهذا يشمل الاعتراف بأن الأقليات والشعوب الأصلية تتطلب تدابير خاصة من أجل إعمال حقهم في التعليم، ومع ذلك، ومن أجل الحماية التي يكفلها القانون الدولي، يجب أن تكون الأقليات قادرة على المطالبة بالاعتراف بوضعها كأقليات أو كشعوب أصلية.

وتشير تقارير الأمم المتحدة لعام 2016 إلى أن هناك نحو 370 مليون شخص ينتمون للشعوب الأصلية في العالم يعيشون في 90 بلدا، وأكدت المنظمة أنه رغم وجود المواثيق والصكوك الدولية فإن الحق في التعليم لم يراع مراعاة كاملة أغلب الشعوب الأصلية حيث توجد ثغرة تعليمية خطيرة بين الشعوب الأصلية وعموم السكان، وتظهر البيانات تفاوتا دائما ومتصلا بين فئتي السكان الأصليين وغير الأصليين في ما يتعلق بتسهيل الحصول على التعليم، وتحقيق الإنجازات فيه، ويشكل السكان الأصليين 5% فقط من سكان العالم لكنهم يشكلون 15% من السكان الأكثر فقرا، ويتحدثون نحو 7000 لغة.

ورغم تكريس الأمم المتحدة عقدين للشعوب الأصلية، فإن هذه المجموعة من الشعوب ما زالت تواجه مظاهر تمييز خطيرة في ما يتعلق بالانتفاع بالخدمات الاجتماعية الأساسية، بما فيها التعليم والرعاية الصحية.

ويعاني عدد كبير من هذه الشعوب من أوضاع معيشية مهمشة وغير مستقرة، ويعود ذلك عادة، إلى عمليات النزوح الإجبارية والآثار الناجمة عن العولمة وتغير المناخ.

وأشارت تقارير الأمم المتحدة إلى أن العديد من مناطق العالم تفتقر إلى بيانات مفصلة يمكنها أن تكشف عن الوضع الدقيق للتمييز وتهميش الشعوب الأصلية، ومع ذلك فإن البيانات تظهر الفوارق بين السكان الأصليين، والسكان غير الأصليين في جميع مناطق العالم.

أ ش أ

شكرا للتعليق على الموضوع