محمد النقلى يكتب :إصطباحه “هل الأحرار كانوا .. أحراراً ؟ الأحرار ( 2 )
لكى نستشرف المستقبل .. لابد أن نبصر التاريخ .. ولكى نبصر التاريخ .. لابد من القراءه فيه .. وليس القراءه عنه .. وهنا .. أحاول .. مجرد محاوله .. لإستشراف أبعد مايمكن من المستقبل .. بالقراءه في التاريخ .. وليس مجرد .. سرداً للماضي .
يحدثنا السيد/ احمد حمروش .. ( أحد الضباط الأحرار وأبرز مؤرخي ثورة يوليو 1952 ) في إحدى مقالاته بجريدة “الشرق الوسط” عن ” الأحرار ” , فيقول .. ” كانت مجموعه من شباب الضباط لم تتجاوز أعمارهم 35 عاماً , اذا إستثنينا اللواء محمد نجيب والبكباشي يوسف صديق …. ” , هذا بالنسبه للمستوى العمري للغالبيه منهم , أما بالنسبه للمستوى الإجتماعي .. ” فقد كانوا من أبناء الطبقة المتوسطه التي دخلت الكلية الحربية بعد معاهدة 1936 , و كانوا من واقع طبقي واجتماعي مختلف في معظمه عن المستوى الإجتماعي لأبناء الطبقه التي كانت في السلطه ” , فعلى سبيل المثال .. اللواء/ محمد نجيب .. كان والده قد بدأ حياته مزارعاً في قريته النحارية – مركز كفر الزيات – محافظة الغربيه , ثم إلتحق بالمدرسه الحربيه وتفوق فيها , وكان والد البكباشى جمال عبد الناصر .. يعمل وكيلاً لمكتب البريد , وهكذا ..
أما الأهم .. وهو المستوى الفكري والثقافي لتلك المجموعه من الضباط , فيقول حمروش “… يصعب القول إنهم في مجموعهم أو في الأغلبية من قياداتهم كانوا من المثقفين، لأن طبيعة الضباط وتعليمهم وعزلتهم عن المجتمع تجعل منهم فئة خاصة تتعامل مع الحياة بالأسلوب الذي إعتادته في الجيش والذي يغلق دائرة التفكير غالباً في حدود إعطاء الأوامر وتنفيذها ” .. } وأؤكد أنا بأن هذا هو حال وطبيعة “العسكريه” في أى مكان وفي كل زمان {
ولكن .. كان بعضهم لم تتوقف طموحاته عند حدود الجيش , فمثلاً حصل اللواء / محمد نجيب .. على ليسانس الحقوق و دبلوم الدراسات العليا في الاقتصاد السياسي .. ودبلوم آخر في الدراسات العليا في القانون الخاص , ، وتخرج خالد محيي الدين من كلية التجارة أثناء خدمته العسكرية , , وكان ثلاثة من قادة الأحرار مدرسين في كلية أركان الحرب وهم جمال عبدالناصر وزكريا محيي الدين وكمال الدين حسين .
وعليه .. فإن ما كان يرد في منشورات الأحرار , لا يعكس المستوى الفكري لهم ولا يعطي مقياساً صحيحاً لدرجة وعيهم، بل هو تعبير عن أفكار عدد محدود منهم .
ويؤكد ( حمروش )..” لا شك إن قصر الفترة الزمنية لتشكيل تنظيم « الأحرار» , و التي لم تتجاوز الثلاثة اعوام .. كانت سبباً رئيسياً في عدم خلق وحدة فكرية , ووعي ثقافي مشترك لهؤلاء الضباط القادمين من مدارس فكرية مختلفة وتنظيمات سياسية متباينة .. “
نعم .. كانت الأفكار الوطنية العامة والنقمة على الاستعمار هي الدافع الرئيسي لتحريك هؤلاء ” الأحرار “.. وأى أحرار .. ولكن تفاصيل الأمور كانت متباينة في عقولهم، وصورة المستقبل غير واضحة أمامهم ، وكانوا في واقعهم .. تجمعاً لتنظيمات مختلفة داخل الجيش , كانت جذورها تمتد لتنظيمات خارج الجيش مثل الاخوان المسلمين والحركة الديمقراطية للتحرر الوطني، ومصر الفتاة، والوفد و.. غيرها .
وهنا .. نجد سؤالآً يطرح نفسه بقوةٍ .. في ضوء ما أوجزناه عن جماعة ” الأحرار ” من حيث أعمارهم .. , وكذلك المستوى الثقافي والفكري لمعظمهم , وخصوصاً القاده منهم , فضلاً عن ” عسكريتهم ” كما ذكرها أحدهم ( أحمد حمروش ) .. هل كان هذا يعتبر ” مؤهلاُ ” لكى يتقدموا الصفوف , ويعتلوا حكم دولةً بحجم .. مصر , وسط ظروف سياسيه دوليه (عقب الحرب العالميه الثانيه ) , يُعاد فيها تشكيل ” عالم “على قمته ساسه .. أمثال .. “ونستون تشرشل”, ” انتوني إيدن” , “ديجول”, ” أيزنهاور”, “ستالين” … وغيرهم ؟؟ .. فقط .. مجرد سؤال .. ستحاول السطور القادمه .. إجابته .
” والحديث موصول .. مالم يُكتب للعمر إفول “
“إستقيموا يرحمكم الله “
بقلم .. محمدعلي النقلي
Elnokaly61@gmail.com