محمد خضر يكتب : قضية الخلق بين القرآن الكريم والعلم الحديث ( 8 )
الرسالة الثامنة ( نظرية التطور في القرآن الكريم )
ظهر في الفكر الغربي تيار علمي كبير يقرّ بصحة فرضية التطور، وينكر القول بالخلق المباشر للأنواع الحيوانية، ويسلّم بأن وجودها في الأرض كان نتيجة تطور بيولوجي طويل الأمد، لكنه مع ذلك ينكر أن يكون حصول هذا التطور ناتجاً بالصدفة، ويرجعه إلى خلق الله وإرادته، وأصبحت تسمى هذه النظرة ( فرضية التطور المُوَجَّه ).
ولم يقتصر تَبَنّي فرضية التطور الموجه على المفكرين الغربيين، وإنما تبنّاها عدد من المفكرين العرب المعاصرين، ورأوا فيها موقفاً راشداً جامعاً بين جميع الشواهد العلمية.
ان كل الأدلة التي يستدل بها القائلون بالخلق الخاص، لا تبطل أصل فكرة التطور، وإنما تبطل الدارونية القائمة على الصدفة والعشوائية فقط, وحدوث الأنواع الحيوانية عن طريق التطور، حقيقة علمية ثابتة لا تقبل النقاش، وأن إنكارها يعد مخالفاً للمنهج العلمي، فقد جعلت منها الأدلة القوية حقيقة علمية يبني عليها علم البيولوجيا بفروعه المختلفة, ولقد وضع المخالفون لفرضية التطور من علماء المسلمين القرآن في موضع الرافض لما يتوصل إليه العلم من حقائق.
ويوجد حاجزاً ضخماً يقف حائلاً بين المعترضين وبين التطور، حاجز ليس له علاقة بحقائق العلم وقوة أدلته ولا بآيات القرآن الكريم المحكمة، إنه حاجز يتمثل في إصرار الكثير على التمسك بالتفسيرات التراثية لآيات الخلق في القرآن الكريم, وذلك لان دلالة نصوص القرآن على فرضية التطور الموجه محكمة ظاهرة، وأن من يخالفها ليست لديه حجة إلا الاعتماد على الآثار التراثية عن السلف والتمسك بها, وقد اخذ السلف بالخلق الخاص وفسروا القرآن بذلك؛ لنقص علمهم بالتاريخ والبيولوجيا.
ولا ننسى ان هناك تاريخ اسود للكنيسة في العصور الوسطى بهذا الشأن, ففي العصور الوسطى عذبت الكنيسة في أوروبا العلماء وحرقت بعضهم؛ لأنها رفضت كلمة العلم حول كروية الأرض ودورانها حول الشمس، وأصرت على فرض مفاهيم أرسطو وبطليوسي باعتبارها من أمور العقيدة.
وفي هذا العصر نكاد نحيا في عالمنا الإسلامي ليلة تتشابه مع ليالي البارحة لتاريخ الكنيسة الاسود لهذا الامر، فما زال بعض رموز علماء الدين المسلمين ممن لهم الكلمة المسموعة، يحيون على علوم العصور الوسطى وعلى فهم الأقدمين للآيات الكونية وآيات الخلق في القرآن وأحاديث الرسول.
ان فرضية التطور ودلالة القرآن عليها وطريقة تعامل بعض علماء الدين الإسلامي مع تفسير القرآن؛ غير صحيح في معظمه، وهو مبني على مقدمات خاطئة وتوصيف غير دقيق للمعطيات، ويتبيَّن ذلك بالأمور التالية:
الأمر الأول: ان فرضية التطور باتت نظرية علمية لا يقبل ثبوتها الشك أو الارتياب، وأن أمر صحتها محسوم باليقين، وهي ممثلة للعلم، وأنها لا تختلف عن النظريات العلمية الأخرى الثابتة، وان من يخالفها فانه يخالف ما هو ثابت علمياً.
الأمر الثاني: ان جميع الأدلة والبراهين التي نقض بها الخلقيون فرضية التطور، لا تدل على إبطال مبدأ التطور، وإنما غاية ما تدل عليه إبطال العشوائية والصدفة.
يوجد العديد من الادلة والبراهين أن القرآن الكريم لا يعارض فرضية التطور الموجه في خلق الإنسان، ولا يمكن الجمع بدقة بين كل ما جاء في القرآن الكريم عن خلق آدم إلا من خلال مفهوم التطور الموجه.
الدليل الأول: التفريق بين البشر والإنسان في القرآن، ويقوم هذا الدليل على أن القرآن يفرق بين زمن خلق الإنسان وزمن خلق البشر؛ لكونه يعبّر عن خلق الإنسان بفعل الماضي، كما في قوله سبحانه وتعالى ” وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُون ” الحِجر: 26، ويعبّر عن خلق البشر باسم الفاعل الذي يدل على الحاضر والمستقبل، كما في قوله تعالى ” وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُون ” الحِجر: 28.
تبيّن هذه الآيات أن الإنسان كان قد خلق فعلاً قبل أن يخبر الله عز وجل ملائكته بأنه سيخلق بشراً من نفس مادة الإنسان، كلاهما من صلصال من حمأ مسنون، بل هو منه متطور عنه.
فالإنسان وجد قبل البشر، ولم يتحول الإنسان إلى بشر إلا بعد أن نفخ الله فيه من روحه، وأن الله عز وجل لم يطلق على أي من رسله وأنبيائه لفظ إنسان، بل تحدث عنهم دائماً بلفظ البشر فقط.
الدليل الثاني: قوله سبحانه وتعالى ” إنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ” آل عمران: ٣٣، ٤٣، وهذه الاية تدل على صحة التطور الموجه من جهتين، الأولى: من جهة أن الله أخبر أنه اصطفى آدم، أي اختاره وفضله، ولا يكون الاصطفاء إلا من بين أقران له, والأخرى: أن الآية ذكرت ان آدم ذرية، أي أنه ذرية لإنسان يسبقه، مثل نوح وآل إبراهيم وآل عمران عليهم الصلاة والسلام.
الدليل الثالث: قوله سبحانه وتعالى ” وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِن بَعْدِكُم مَّا يَشَاء كَمَآ أَنشَأَكُم مِّن ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِين ” الأنعام: 133، فالآية الكريمة تبيّن أن الخالق سبحانه وتعالى قد أنشأنا نحن البشر من ذرية قوم آخرين (الإنسان)، وهذا أقرب من القول بأن القوم الآخرين هم آدم أو أنهم أجدادنا، فأجدادنا لا يوصفون بالآخرين.
الدليل الرابع: قول الله سبحانه وتعالى ” وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُون ” البقرة:30, هذه الاية لها دلالة واضحة على صحة فرضية التطور الموجه, فكيف عرفت الملائكة أن البشر الذين لم يخلقوا بعد سيفسدون في الأرض ويسفكون الدماء؟!، إن التفسير المباشر والأقرب أن إنساناً سابقاً للبشر كان يسكن الأرض ويقترف هذه الأفعال السيئة من فساد في الارض وسفك للدماء ــ قد يكون إنسان نياندرتال ــ، وقد رأته الملائكة مرأى العين.
الدليل الخامس: قول الله سبحانه وتعالى ” وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسَانَ مِن سُلالَةٍ مِّن طِينٍ 12 ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ 13 ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْـمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَـحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْـخَالِقِينَ ” المؤمنون: 12 – 14. تشير الآيات السابقة إلى أن الإنسان لم يخلق من الطين مباشرة، بل من سلالة خلقت من طين، وهذه السلالة هي الكائنات الحية التي خلقت من مادة الأرض، وتسلسل ظهورها حتى وصلنا إلى الإنسان، ومع تأمل هذه الآيات السابقة ومع الأخذ في الاعتبار أن حرف العطف ” ثم ” يفيد التتابع مع التراخي، بالتالي نفهمه على أنه عطف يشير إلى الانتقال من نوع من الكائنات إلى نوع آخر، إذ يستغرق ذلك وقتاً طويلاً قد يمتد إلى ملايين السنين.
الدليل السادس: قوله سبحانه وتعالى ” لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيم ” التين: 4, لقد جاء في معجم ألفاظ القرآن الكريم أن قول الله سبحانه وتعالى ” فِي أَحْسَنِ تَقْوِيم ” يعني كان معوجاً فقوّمه، فكلمة تقويم تعني تعديل وإزالة عوج, إذن نفهم من الآية الكريمة أن الإنسان لم يخلق خلقاً مباشراً على صورته، بل خلق تعديلاً، ولا يكون التعديل إلا عن خلق سبقه.
يوجد ايضا الكثير من الآيات القرآنية الكريمة التي لا تتعارض مع ما جاءت به نظرية التطور منها على سبيل المثال قول الله سبحانه وتعالى ” وقد خلقكم اطوارا” , وقوله سبحانه وتعالى ” وخلقك فسواك فعدلك” , هناك من العلماء من فسروا آيات قرآنية تفسيرا يتقبله الداروينية, فمثلا نظرية التطور تنهض على مبدا تنازع البقاء, وهنا يستشهد بعض المفكرين على هذا المبدأ بقول الله تعالى ” ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الارض “, كما يستشهد بعض المفكرين على مبدا البقاء للأصلح الذى يقوم على مبدأ النشوء بقول الله تعالى ” فأما الزبد فيذهب جفاء واما ما ينفع الناس فيمكث فى الارض”.
ما ارغب فى قوله فى هذا الصدد, هو انه من المرجح عند من يؤولون النصوص الدينية ان ادم هو اول انسان عاقل, أي انه اول انسان مكلف وان البشرية كانت موجودة قبل ادم الا ان وجودها كان يتصف بالوحشية والهمجية, بعبارة اخرى, ادم هو اول انسان عاقل مبدع صاحب حضارة و علم ودين وهو اخر شكل من اشكال تطور الجنس البشرى.
محصلة القول, ان نظرية التطور ليست من مذاهب الالحاد والكفر لان القول بالتطور لا يقتضى انكار الخالق بل ان مذهب النشوء لا يتناقض مع مقاصد الخالق وغاياته, وعلى هذا الاساس ظهرت بعض الاصوات الدينية الاسلامية الى تتقبل فكرة التطور, وفى رأيي الشخصي ان نظرية النشوء بحد ذاتها معجزة من معجزات الخالق.
ولذلك علينا نحن الان ان نترك غرورنا البشرى جانبا ونتساءل من منطلق محايد, هل يتعارض القران الكريم مع ما جاءت به نظرية التطور؟
الاجـــــابـــــة: لقد ذكرت الكثير من الادلة الشرعية التي تؤكد ان القرآن الكريم يقر بنظرية التطور, وايضا يقر القرآن بنظرية ” الايبوجينيسيس″ والتى تقول بنشأة الحيا فى اعماق البحار والمحيطات بقوله سبحانه وتعالى ” وجعلنا من الماء كل شيء حي”.
تلك الاية الكريمة التي فسرها المفسرون بتفاسير عدة منهم ان الماء لها فوائد للجسم نحتاج اليها لنعيش, او ان كل الاحياء تتكون من نسبة عالية من الماء وهكذا, ولكن القارئ المنصف يستطيع ان يرى بجلاء ان كل هذه التفاسير هى تقويل على النص ما لم يقله, فلا تتحدث الاية عن شيء من هذا القبيل, بل تتحدث تحديدا عن نشأة الحياة ويتضح ذلك بشدة اذا اخذنا الآيات كاملة بما قبلها, حيث يقول الله سبحانه وتعالى فى سورة الانبياء:
” الولم يرى الذين كفروا ان السماوات والارض كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي افلا يؤمنون, وجعلنا فى الارض رواسي ان تميد بهم وجعلنا فيها فجاجا سبلا لعلهم يهتدون, وجعلنا السماء سقفا محفوظا وهم عن آياتها معرضون, وهو الذى خلق الليل والنهار والشمس والقمر كل فى فلك يسبحون” .
اذا الحديث هنا جليا عن الخلق الاول وليس عن فوائد الماء او أي شيء من هذا القبيل, هذه الاية القرآنية الكريمة من اكثر الآيات التي تطابق نظرية “الايبوجينيسيس” , تطابقا مثيرا للدهشة.
فى سورة النور يقول الله سبحانه وتعالى:
” والله خلق كل دابة من ماء فمنهم من يمشى على بطنه ومنهم من يمشى على رجلين ومنهم من يمشى على اربع يخلق الله ما يشاء ان الله على كل شيء قدير ” سورة النور.
ولكن هذه الاية الكريمة اقل وضوحا من الاية السابقة حيث انها تحتمل التأويل سبحانه وتعالى ” ماء” بدلا من ” الماء ” كما فى اية سورة الانبياء, حيث يختلف المعنى هنا والمقصود به المحيطات كما ذكرت فى شرح وتفسير الآية السابقة, وتحتمل هذه الآية الاخيرة ان يكون المقصد منها هو ان الاجسام الحية مكونة بنسبة عاليا جدا من المركب الكيميائي الماء.
والان ماذا يقول القرآن الكريم عن تطور الكائنات؟ واقول ان القرآن الكريم لا يذكر هذا الموضوع الا فيما يخص بخلق الانسان فقط وذلك بقوله سبحانه وتعالى في سورة المؤمنون: ” ولقد خلقنا الانسان من سلالة من طين “.
يفسر المفسرون هذه الآية بمعنى ان كل منا كبشر هو نهاية سلالة طويلة بدأت بخلق الانسان الاول سيدنا ادم عليه السلام من طين, ولكن لغة القران الكريم الواضحة تناقض هذا التفسير بوضوح, فالآية تقول ان بين الانسان وبين بدايته الطين توجد سلالة طويلة, وهذه السلالة لا هي طين ولا هي الانسان, وانا اتساءل كيف يكون المقصود من السلالة هي سلالة البشر حتى سيدنا ادم عليه السلام في الوقت الذى توضح فيه الآية الكريمة ان السلالة لم تكون اناسا مثلنا ؟, اذا ما هو الطين ؟ اليس مركبات جماديه مخلوطة بالماء؟ اذا الله سبحانه وتعالى خلق من الطين حياة وخلق من الحياة سلالة ومن السلالة نشا الانسان, وهذا هو الوصف الدقيق.
يقول الله سبحانه وتعالى فى سورة نوح:
” ما لكم لا ترجون لله وقارا , وقد خلقكم اطوارا , الم تروا كيف خلق الله سبع سموات طباقا , وجعل القمر فيهن نورا وجعل الشمس سراجا , والله انبتكم من الارض نباتا , ثم يعيدكم فيها ويخرجكم اخراجا “.
يقول بعض المفسرون ان المقصود بكلمة ” اطوار ” فى الاية الكريمة هو اطوار الجنين, مع العلم ان الاية تتكلم عن الخلق الاول, فهل يعقل هذا؟ وايضا اضف الى ذلك تشبيه خلق الانسان بإنبات النبات الذى يستتبع المرور فى مراحل تطورية عدة وليس خلقا فوريا كما فى الفكر التقليدي.
يوجد الكثير من الآيات القرآنية التي تتحدث عن خلق الانسان ومنها ما قاله الله سبحانه وتعالى فى سورة البقرة:
” واذ قال ربك للملائكة انى جاعل فى الارض خليفة قالو أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال انى اعلم ما لا تعلمون.
” وعلم ادم الاسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبأوني بأسماء هؤلاء ان كنتم صادقين “.
هذه الآية الكريمة لا تعارض التطور كما يقول بعض المفسرون, ولكنها تقره وتثبته, الآية الكريمة تثبت ان كانت توجد بشرية قبل ادم وكانت تتصف بالوحشية وكانت تسفك الدماء وتخرب الارض, تقل الملائكة لله عز وجل في الآية الكريمة ” أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء “, فكيف عرفت الملائكة ان هذا المخلوق سيفسد الارض ويسفك الدماء الا اذا كانت هناك تجربة معه, فالملائكة لا تعلم الغيب فلا يعلم الغيب الا الله سبحانه و تعالى, وبالتالي تشير الآية اشارة واضحة الى ان البشرية كانت موجودة قبل ادم وان الله عز وجل اختار ادم وهو اخر مراحل التطور للإنسان ونفخ فيه من روحه سبحانه وتعالى أي اعطاه العقل والحكمة والمعرفة والدين, يقول الله سبحانه وتعالى :
” ثم سواه ونفخ فيه من روحه وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلا ما تشكرون وقوله تعالى ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين “.
ويقول سبحانه وتعالى ” فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَ نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي “.
ان معنى الروح هنا ليست الحياة ولكن المقصود بها العقل والحكمة والدين, فقد خلق الله سبحانه الحياة على الارض من مكونات الطين في صورة خليه حية واحدة, وقد وضع الله عز وجل لها قانون التطور, وبناء عليه ظلت تطور حتى وصلت الى اخر مرحلة من التطور وهو البشر, وفى رحلة التطور هذه كانت تصطفى كل كائن وكل نافع ومفيد للإنسان, فالله عز وجل هيأ الارض لتستقبل وافد جديد عليها اسمه الانسان ويجعله خليفة له في الارض, بعد ان وصل رحلة التطور الى مرحلة الانسان المعتدل السوى كما في هيئته الان, اخذ الله عز وجل هذا الانسان الحى المتوحش الناتج عن رحلة تطور طويلة بدأت بخلية واحدة ونفخ فيه من روحه, فتحول هذا الانسان من متوحش وفاسد وسافك للدماء الى انسان عاقل وحكيم وعلمه الله سبحانه وتعالى اسماء كل شيء ليمهد له الطريق الى عبادة الله سبحانه وتعالى وعمارة الارض.
تابعونا : الرسالة التاسعة