بالنسبة للإيرانيين.. الاضطرابات الكردية تعني تحريضًا سعوديًا

دفع قرار جماعة كردية معارضة حمل السلاح في مواجهة السلطات الإيرانية المسؤولين في طهران للقلق من أن تكون السعودية تسعى لتقويض استقرار البلاد مما يعمق التناحر الإقليمي بين البلدين.

وتنفي الرياض هذا الاتهام. لكن التوترات تتصاعد بين البلدين فتدعم السعودية وإيران أطرافا مختلفة في الحروب الدائرة في سوريا واليمن وتؤيدان أيضًا أحزابا سياسية مختلفة في العراق ولبنان. وكثيرا ما يتقاطع التنافس بينهما مع خطوط طائفية إذ تتنافس إيران ذات الأغلبية الشيعية والسعودية التي يهيمن عليها السنة على النفوذ في المنطقة.

ويشعر المسؤولون في إيران بالقلق من أن يكون هذا التنافس قد امتد الآن إلى داخل حدودهم نتيجة لما يخشون أن يكون استغلال السعودية للخلافات الطائفية داخل البلاد.

فهم يشيرون إلى اشتباكات -هي الأولى من نوعها منذ نحو 20 عاما- بين مقاتلي الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني والحرس الثوري في شمال غرب البلاد في يونيو ويوليو والتي خلفت عددا من القتلى على الجانبين.

ومع تصاعد القتال قصفت القوات الإيرانية ما يشتبه أنه قواعد عسكرية كردية في شمال العراق مما يثير احتمالات أن يمتد الصراع عبر الحدود.

ونقل موقع تابناك الإخباري عن محسن رضائي القائد السابق للحرس الثوري بعد جولة من الاشتباكات قوله إن السعودية “تعطي المال لأي مناهض للثورة يقترب من الحدود وتقول له… اذهب ونفذ عمليات.” وأضاف “وعندما يسألون… وأين ننفذ هذه العمليات؟ .. يقولون لهم ليس مهما. نريد أن يغيب الأمن عن إيران”.

وأكراد إيران الذين يتراوح عددهم بين ثمانية وعشرة ملايين أغلبهم من السنة. وإضافة إلى المزاعم بشأن تمويل السعودية لجماعات كردية مسلحة اتهم مسؤولون إيرانيون الرياض كذلك بإثارة المشكلات بين أقليات إيرانية سنية أخرى مثل البلوخ في جنوب شرق البلاد والعرب في جنوب غرب إيران.

وينفي الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني تلقي أي دعم من السعودية. وينفي المسؤولون السعوديون التدخل في الشؤون الإيرانية. وتتهم الرياض بدورها طهران بإثارة الاضطرابات بين الأقلية الشيعية في السعودية وهو اتهام ينفيه المسؤولون الإيرانيون، وفق ما ذكرت “رويترز”.

وتخشى الرياض من أن يمنح الاتفاق النووي الذي توصلت إليه إيران مع قوى عالمية العام الماضي طهران فرصة أكبر لأن تعزز مصالحها على الساحة الدولية بعد رفع العقوبات التي كانت تكبل اقتصادها.

ولم تعد المملكة القلقة مما تعتبره انتشارا خطرا للأنشطة الإيرانية في الخارج تعتمد بدرجة كبيرة على حلفائها الغربيين في احتواء النفوذ الإيراني بل تكثف من جهودها هي للسيطرة عليه.

*حرب بالوكالة

حضر رئيس المخابرات السعودية السابق الأمير تركي الفيصل تجمعا في باريس في يوليو تموز لمنظمة مجاهدي خلق الجماعة المعارضة الإيرانية الرئيسية في المنفي والتي تسعى للإطاحة بالحكم الديني في البلاد.

ورغم أن الأمير تركي لا يتولى أي منصب رسمي يشير حضوره للتجمع إلى تجاوز لخط فيما يتعلق بالاستعداد لدعم الجماعات المعارضة الإيرانية علانية.

ويقول عباس ميلاني مدير برنامج الدراسات الإيرانية في جامعة ستانفورد “الحرب بالوكالة بين السعودية وإيران أصبحت أكثر علانية وأكثر تصميما”.

ويقول مراقبون إن العلاقات بين الجمهورية الإسلامية والأقلية الكردية تتسم بالتوتر منذ قيام الثورة الإسلامية عام 1979 مما يحتمل أن يجعل الأقلية الكردية حليفا لخصوم إيران.

وحارب الحرس الثوري الانفصاليين الأكراد بعد الثورة مباشرة وشن حملات بين الحين والآخر على المعارضين منذ ذلك الوقت.

ودفع التوتر المسؤولين الإيرانيين لاتهام أفراد من جماعات الأقلية السنية خاصة الأكراد بالتعاطف مع المتشددين ومنهم تنظيم داعش.

وأعلن وزير المخابرات الإيراني محمود علوي الأسبوع الماضي أن 1500 شاب إيراني تم منعهم من الانضمام لتنظيم داعش.

وقال هادي غائمي مدير الحملة الدولية لحقوق الإنسان في إيران “الوقت مناسب جدا للربط بين أي عمل يتعلق باضطهاد السنة وبين تنظيم داعش”.

*توتر

في أوائل أغسطس آب أعدمت إيران 20 سجينا كرديا يزعم أنهم إسلاميون في سجن رجائي شهر مما صعد التوترات بين الحكومة المركزية والمنطقة التي تقطنها أغلبية كردية في البلاد.

وقال غائمي “توقيت (الإعدامات) يبدو بالتأكيد وكأنه يوجه رسالة للجماعات الكردية وللسكان الأكراد المحليين… إنه بالتأكيد عقاب لطائفة لبث الخوف وللترهيب”.

وينفي الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني من جانبه تلقي أي دعم من السعودية ويقول إن الأكراد أجبروا على حمل السلاح لأنهم لم يعد أمامهم بديل لضمان حقوقهم السياسية.

وقال كريم برويزي عضو المكتب السياسي للحزب والمقيم في أربيل في شمال العراق “هدفنا الرئيسي ليس انتهاج الاشتباكات المسلحة… نريد أن تكون لنا أنشطة تنظيمية وسياسية ومدنية”.

وتأتي عمليات الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني في وقت يبدو فيه أن الأكراد في مختلف أرجاء المنطقة أصبحوا أكثر جرأة وتمكينا. فالجماعات الكردية المسلحة في سوريا حققت مكاسب على الأرض وحكومة إقليم كردستان في شمال العراق تنأى بنفسها بشكل متزايد عن الحكومة المركزية في بغداد.

ويقول أعضاء الحزب الديمقراطي الكردستاني في إيران إنهم لا تربطهم صلات رسمية ولا يشاركون في عمليات مع أي أحزاب كردية في العراق أو تركيا أو سوريا.

وذكرت وكالة مهر الإيرانية للأنباء أن علي شمخاني أمين مجلس الأمن القومي الإيراني أبلغ وفدا أمنيا رفيع المستوى من حكومة كردستان العراق في منتصف أغسطس آب أن أمن الحدود “خط أحمر”.

وقالت حكومة كردستان العراق إنها لن تسمح لأي جماعة بأن تهدد أمن الحدود الإيرانية لكن برويزي من الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني قال إن حزبه لم يضطر حتى الآن لوقف الأنشطة المسلحة على الحدود مما يزيد احتمالات وقوع المزيد من الاشتباكات.

شكرا للتعليق على الموضوع