بعد إعلان الجيش السوري بدء هجوم.. أحياء حلب الشرقية في جحيم الغارات
غرقت الأحياء الشرقية في مدينة حلب في شمال سوريا، اليوم الجمعة، في جحيم الغارات الكثيفة التي شنتها طائرات سورية وروسية، متسببة بدمار هائل وسقوط قتلى، بعد ساعات من إعلان الجيش السوري بدء هجوم في المنطقة.
في نيويورك، يلتقي وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، اليوم الجمعة، مجددًا نظيره الروسي سيرجي لافروف، غداة فشل اجتماع لمجموعة العمل الدولية حول سوريا هدف إلى إعادة إرساء الهدنة التي تم الاتفاق عليها في وقت سابق من هذا الشهر بين واشنطن وموسكو وانهارت بعد أسبوع من تطبيقها.
وتتعرض الأحياء الشرقية في حلب والتي تسيطر عليها فصائل المعارضة منذ العام 2012، لغارات كثيفة منذ ليل أمس، تنفذها طائرات روسية وسورية، وفق ما ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وقال “المرصد”: “تأكد استشهاد سبعة مواطنين بينهم طفلان وفتاة وشاب من عائلة واحدة بالإضافة لسيدة وطفلها وشاب آخر، جراء الغارات التي نفذتها الطائرات الحربية على حي القاطرجي”، وثلاثة مدنيين في حي الفردوس.
وأشار إلى أن عدد القتلى “مرشح للارتفاع لوجود جرحى بحالات خطرة، ووجود مفقودين تحت الانقاض”.
وقال مراسل لوكالة “فرانس برس″، في مناطق المعارضة في حلب، إن “القصف عنيف جدا”، لافتا إلى أن طائرات حربية تشن غارات تليها مروحيات تقصف بالبراميل المتفجرة، قبل أن يبدأ القصف المدفعي.
ولفت إلى أن طائرات استطلاع تحلق فوق الأحياء الشرقية لالتقاط الصور قبل أن يقوم سرب من الطائرات الروسية والسورية بالقصف.
وبات متطوعو الدفاع المدني مع كثافة الغارات عاجزين عن الاستجابة والتحرك لإنقاذ الضحايا خصوصًا بعدما استهدفت الغارات صباحا مركزين تابعين لهم في حيي هنانو والأنصاري، وفق مراسل “فرانس برس”.
وتدمر مركز الأنصاري بالكامل جراء الغارات وباتت سيارة إسعاف وأخرى لإطفاء الحرائق ومعدات أخرى خارج الخدمة.
وتسببت الغارات بدمار كبير، بينها ثلاثة أبنية انهارت بكاملها في حي الكلاسة الذي يتعرض لغارات عنيفة منذ 48 ساعة، على رؤوس قاطنيها جراء غارة واحدة.
وقال مراسل “فرانس برس” إن جرافة واحدة كانت تعمل على رفع الانقاض، فيما يقف عمال الإغاثة مذهولين محاولين رفع الركام بأيديهم بحثا عن العالقين تحته.
ويأتي هذا التصعيد بعد إعلان الجيش السوري مساء أمس بدء هجوم على الأحياء الشرقية في حلب التي يحاصرها منذ شهرين تقريبًا.
وفرت عائلات من أحياء تشكل جبهات ساخنة في شرق حلب في اليومين الأخيرين إلى أحياء أخرى، لكن لا طريق أمامها للخروج من المدينة.
ويعيش نحو 250 ألف شخص في مناطق المعارضة في المدينة التي تشهد منذ صيف العام 2012 معارك وتبادلا للقصف بين قوات النظام في الأحياء الغربية والفصائل المعارضة الموجودة في الأحياء الشرقية.
وطلب الجيش في بيان أصدره، أمس، من المواطنين “الابتعاد عن مقرات ومواقع العصابات الإرهابية المسلحة”، مشيرا إلى أن “لا مساءلة أو توقيفا لأي مواطن يصل إلى نقاط” الجيش السوري.
وأوضح أنه تم اتخاذ “كل الإجراءات والتسهيلات لاستقبال المواطنين المدنيين وتأمين السكن ومتطلبات الحياة الكريمة”، موضحًا أن “الإجراءات والتسهيلات تشمل أيضًا المغرر بهم الراغبين بالعودة إلى حضن الوطن”.
وأوضح مصدر عسكري سوري في دمشق، أمس، لوكالة “فرانس برس” أن العمليات البرية في حلب لم تبدأ بعد.
وقال: “حين أعلنا بدء العمليات البرية، فهذا يعني أننا بدأنا العمليات الاستطلاعية والاستهداف الجوي والمدفعي، وقد تمتد هذه العملية لساعات أو أيام قبل بدء العمليات البرية”، مشيرًا إلى أن “بدء العمليات البرية يعتمد على نتائج هذه الضربات”.
وذكر أن الضربات الجوية التي ينفذها الطيران منذ يوم أمس تستهدف “مقرات قيادات الإرهابيين”.
ويصنف النظام السوري كل المجموعات التي تقاتله من الفصائل المعارضة والجهادية بأنها “إرهابية”.
وأكد ضابط سوري على جبهة حلب لـ”فرانس برس″ أن “القوات البرية لم تتقدم ميدانيا بعد”.
وبحسب مصدر عسكري ثان في دمشق، فإن “هدف هذه العملية هو توسيع مناطق سيطرة الجيش” في حلب، لافتا إلى “وصول تعزيزات مؤخرا إلى حلب تعزز القدرة على القيام بعملية برية”.
وانهارت الاثنين هدنة استمرت أسبوعا في مناطق سورية عدة بينها مدينة حلب. وكان تم التوصل إليها بموجب اتفاق روسي – أمريكي. وتبادلت موسكو وواشنطن الاتهامات بعرقلة تنفيذ وقف إطلاق النار.
وقال الموفد الدولي إلى سوريا ستافان دي ميستورا، أمس، في نيويورك: “ما يحصل هو أن حلب تتعرض للهجوم، والجميع عاد إلى حمل السلاح”.
ولم تنجح الجهود الدبلوماسية في نيويورك في إعادة إحياء وقف إطلاق النار. وألن وزير الخارجية الأمريكي، أمس، فشل اجتماع عقدته المجموعة الدولية لدعم سوريا لإعادة إرساء الهدنة. وحض روسيا على إبداء “جدية”، مطالبا دمشق “بوقف استخدام” طيرانها الحربي.
فيما أعلن وزير الخارجية الفرنسي جان مارك إيرولت، أن استجابة موسكو للمطالب الدولية بمنع تحليق الطيران الحربي السوري “غير كافية”.
ويقول محلل سوري قريب من دمشق لوكالة فرانس برس إن “المعارك بدأت اثر فشل الاجتماع الدولي”، مضيفًا “أنها المفاوضات بالنار في حلب”.
ويضيف: “على الأمريكيين أن يفهموا أنه طالما لم يفوا بالتزاماتهم (اتفاق الهدنة) وتحديدا لناحية فك الفصائل (المعارضة) ارتباطها عن جهاديي جبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقا)، فإن الروس والجيش السوري سيتقدمون”.