“عطر شاه “الكتابة مشكاة التائهين
عن مجموعة النيل العربية صدرت رواية “عطر شاه ” للصحفية والروائية “نسرين بخشونجي “
تقول نسرين عن روايتها :
الكتابة شفاء للروح ، ترياق من التيه فى دروب الغربة وبلسم يعالج وحشة الخوف. لهذه الأسباب أكتب أو بالأحرى “أكتبنى”. أجبرتنى الظروف للسفر والإقامة لفترة خارج مصر. حين وصلت إلى حيث سافرت أشتريت علبة كبيرة من أعواد الاذن، كنت القى كل يوم واحدا فى صندوق القمامة -وكأنى ألقى أيام الغربة -حتى إذا نفذت الكمية أعرف أن الوقت قد حان، وأنى على بعد أيام من العودة. لكن ثمة أحداث مؤلمة غيرت الخطة..كان على وقتها أن أعيد ترتيب أوراقى و أرسم خطة بديلة.
نواة الرواية كانت أحداث متفرقة لكنها مؤثرة بالنسبة لى. مثل حديث قصير دار بينى و بين شاب أمريكى سالنى ذات يوم إن كنت قد صرت غنية بعدما احترفت الكتابة الإبداعية. وعثورى على عقد بيع أرض بوسط القاهرة مكتوب فى أواخر القرن التاسع عشر. أمومة لم تكن فى الحسبان، اشتعال موهبتى فى الطبخ رغبة فىا لتخلص من الحزن والوحدة.
ذروة الحلم بتحقيق أهداف ثورة 25. صار عقلى ممتلئا بالأفكار والمشاعر المختلطة. بدأت فكرة الرواية تتشكل وتلح على . صرت جاهزة للكتابة .
مازلت أذكر رد فعلى حين سمعت ما قاله الشاب الأمريكي ، ضحكت بصوت عال لكن داخلى كنت ابكى. ثم قلت له ان كتابا عرب كثيرين لديهم مهن أخرى غير الكتابة لكى يتمكنوا من مواصلة الحياة. لذلك فكرت ان أكتب عن أزمة النشر فى مصر، عن الخيبات التى يواجهها الكتاب الشباب خاصة الموهوبين. عن اؤلئك الذين يجلسون على حافة الجنون بينما صار من هم اقل منهم موهبة نجوما فى سماء الثقافة. كتبت عن حال الثقافة تعانى من أفئة العلاقات والشلالية، عن النشر الأدبى الذى صار مهنةبعض المرتزقةالذين يرغبون فى النصب على الكتاب باسم الثقافة والإبداع.
حملت البطلة اسم السيدة صاحبة عقد ملكية الارض القديم “عطر شاة” كما دارات بعض الأحداث المهمة فى الرواية بوسط البلد أهمها ثورة 25 يناير و لقاء “عطر” مع زملائها فى مقهى البستان ليحتفلوا بمناسبة فوزها بجائزة عربية هامة عن روايتها الأولى ذات الرواية التى رفضتها دور نشر كبيرة دون إبداء اسباب.
الغربة مؤلمة لكن غربتنا داخل أوطاننا أو أنفسنا أشد إيلاما. كنت أنا بعيدة عن الوطن و كانت “عطر شاه” غريبة فى داخله. فتاة تحاول أن تعثر على بريق أمل فى حياة تمتلئ بالوحدة وصخب الحزن. كنت أنا أكتب “عطر” بينما كانت هى “عطر” تكتب عن “شذى”. هكذا كانت اللعبة ممتعه.
فى “عطر شاة” كتبت عن إيمانى بأن ثمة علاقة السرية بين الكتابة والطبخ ، فالكاتب يمزج الواقع بالخيال، يولف الأفكار و يصيغ الجمل لكى يكتب عملا مختلفا، تماما كمن يمزج البهارات و يضيف النكهات لكى يكون الطعام اشهى.
لم يكن سهلا على أن أطرح موضوعات تتعلق بالدين والحبأو بالدين والطائفية. وكيف يتعثر العشاق حين تصدم علاقتهم بأوامر الدين وتشنج المجتمع. فيتحول الحب من شعور نبيل إلى إثم. فكريم أحد ابطال الرواية كان يحب “شذى”لكنه كان “بهائي الديانة” رغم أنه مكتوب فى البطاقة الشخصية مسلم. أردت ان اطرح سؤالا هاما لماذا تحتوى بطاقاتنا على خانة الديانة اصلا، و لماذا تجبر الدولة بعض مواطنيها علىالإنتماءإلى دين على ورق بينما روحانيا ينتمى لدين أخر؟ و لماذا صارت الطائفية الدينية تحركنا، فنكره ونحب على اساسها؟ لماذ لم نتعلم أن الطائفية مهلكة للشعوب والحضارات؟
كتابة “عطر شاة” كانت وسيلتى للنجاة من الجنون والوحدة.”