ناصر اللحام يكتب :الشيزوفرينيا أخطر من السرطان

انفصام الشخصية السياسية في الواقع الراهن الفلسطيني ، جعل المواطن يدفع أثمانا كبيرة ، لانه لم يعد يعرف حدود الواقع من حدود الوهم السياسي ، فترى العديد من القادة يرفعون شعارات وبرامج طوباوية ، فيها الكثير من ” اللذة ” و” الرضى عن الذات ” . فيما الواقع الحقيقي مختلف تماما عن هذه البرامج فهم يعيشون ويقبلون ويتراضون ببرامج وشعارات نقضية ومختلفة تماما في حياتهم اليومية . ولم نعد نعرف هل نحن دولة أم نحن ثورة ؟

الامر بدأ في العام 2008 بعد ان رفع الدكتور سلام فياض شعار تحقيق الدولة عام 2011 . ومضى الجميع يرقص على أنغام الدولة ، وسلوك الدولة ، واقتصاد الدولة ، وأمن الدولة ، واجهزة الدولة لدرجة اننا طبعنا اوراقنا من جديد ونقشنا أحلامنا على صخور الواقع من جديد ، ووقفنا على حدود لا حدود لها ، وأبحرنا في محيطات لا شواطئ لها ، وسبحنا في أنهار لا تصب في اي بحر .

السلوك الجمعي للقوى الناظمة للمجتمع لا يقل خطرا وانفصاما عن سلوك النقابات والبلديات ، والتي ظهرت عليها اولى اعراض الشيزوفرينيا ، فنرى المشهد القائم يشبه لوحة سريالية كل ناظر يفهمها بطريقته . وقد لاحظت انخفاضا كبيرا في عدد قراء الاخبار السياسية ما يشير الى نفور الجمهور من تكرار نفس الخطابات على نفس القاعدة .

يقول علماء النفس ان 7% من سكان الارض يمرون بمراحل انفصام شخصية ، منها الخفيف ومنها ما يلزم علاج وصولا الى المكوث بسرير المشفى ، ومن اعراضها التوهم وفقدان الشهية وانتزاع الارادة واختلاط الخيال بالواقع ، وان الرجال اكثر اصابة بهذا الذهان ( يعني المجتمعات الذكورية أكثر اصابة من المجتمعات الداعية للمساواة ) .

في الشعار السياسي الراهن ، أصيبت اسرائيل بالانفصام والقلق والوهم في العام 2002 . فأعادت احتلال الضفة وبنت الجدار العنصري وتوهمت انها قادرة على بناء مدينة افلاطون يهودية ، ولكن سرعان ما ارتطمت بالواقع المختلف وانتفاضة القدس وعمليات وصواريخ وثلاثة حروب مع غزة وحربين مع لبنان . ومع الايام تقوم اسرائيل بنقل مرض الفصام السياسي للساحة الفلسطينية ، وانني أتعامل معه باعتباره مرض معدي ، وان العدوى انتشرت الى أكثر من دولة عربية .

افتح قنوات التلفاز وأشاهد قادة عرب أقحاح يتحدثون ، ويخلطون الخيال بالواقع ويستخدمون الايات وأبيات الشعر واقتباسات الفلسفة لتثبيت ما يقولون .

والخاسر الاكبر من هذه الحالة الذهنية هو المواطن .

فترى المواطن يستوقفك ويسألك : ما الذي يحدث ؟ الى أين نحن ذاهبون ؟

 اقرأ للكاتب : 

أيها الناس ارفعوا عني يديّ

شكرا للتعليق على الموضوع