الطريق الى تحسين صحة الإنسان بواسطة الجينات؟

عندما نجح جي. كريغ فنتر برسم خريطة للجينوم البشري قبل نحو 17 عاماً، كان ذلك نتيجة نفاذ صبره نوعاً ما.

إذ وجد فنتر بأن مشروع الجينوم البشري الذي تموّله الحكومة يتقدم ببطء شديد، ولذلك بدأ بمساعيه الجينية الخاصة. حيث تمكّن من تحديد تسلسل الحمض النووي البشري بشكل كامل قبل عامين مما كان مخططاً له. بعد ذلك، أصبح فنتر أول شخص يتم تحديد تسلسل الحمض النووي لديه بالكامل.

وبالنسبة لشخص مثل فنتر، فقد كان ذلك لا يمثل سوى الخطوة الأولى فقط. إذ أنه يشارك بالوقت الحالي في مشروع يركز على نهاية الحياة عند الانسان.

ويتطلع فنتر إلى إطالة العمر من خلال شركته الجديدة – هيومان لونجفيتي (HLI) – والتي قام بتأسيسها اعتماداً على استثمار قيمته 300 مليون دولار أمريكي من بعض المنظمات مثل سيلجين وجنرال إليكتريك فينتشرز.

وتقوم الشركة بتوظيف البيانات المأخوذة من الجينومات البشرية وتكنولوجيا التعلّم الآلي في محاولة لتأجيل الموت بضع سنوات، أو حتى عقود.

ومن أجل الحصول على فكرة أوضح حول وقت حدوث الوفاة، فإن الشركة تحتاج لجمع ما يكفي من معلومات الحمض النووي من عدد كاف من الأشخاص. ويعدّ الفحص الذي يسمونه “نواة الصحة” من الأمور الحاسمة في مساعيهم، وهو عبارة عن فحص جسدي دقيق جداً بتكلفة 25 ألف دولار أمريكي، ويشمل فحوصات الدم والتصوير بالرنين المغناطيسي والموجات فوق الصوتية للأعضاء والاختبارات المعرفية.

ويشكك بعض الأطباء في هذه الطريقة. إذ يقول بنجامين ديفيس – وهو طبيب أمراض الجهاز البولي في جامعة بيتسبرغ – في حديثه إلى مجلة فوربس: “لقد قمنا بتجريب هذه الطريقة في فحص المرضى الأصحاء من قبل، إلا أنها كانت طريقة رديئة”.

ولكن فنتر غير منزعج، حيث قال: “نحن نقوم بفحص الأشخاص الأصحاء، والكثير من الأطباء لا يعجبهم ذلك. وجوابي هو: ما أدراكم بأنهم أصحاء؟ نحن نعتمد على تعريف الصحة حسب العصور الوسطى: إذا كنت تبدو بخير وتشعر بأنك بخير، فأنت تعتبر سليماً. لدينا طريقة مختلفة للنظر إلى الناس”.

تكنولوجيا أفضل في علم الجينوم

ويريد فنتر من خلال شركته أن يصل إلى أبعد مما حققه مشروع الجينوم البشري. فالأمر لم يعد مجرد رسم لخرائط الحمض النووي العادي، وإنما يتعلق بالفروقات الفردية في الحمض النووي لكل شخص.

وبفضل التكنولوجيا الجديدة، يمكن لفنتر إيجاد هذه الاختلافات الجينية. فاليوم، يمكن لأحدث أجهزة تسلسل الحمض النووي أن يرسم كامل خريطة الجينوم عند الشخص في غضون أيام ومقابل ألف دولار أمريكي. وهذا أقوى بحوالي ألف مرة من أجهزة تسلسل الحمض النووي الضخمة التي كانت تستخدم في الماضي. وتكمن الفكرة في أن تكون قادراً على رؤية جميع الترتيبات الوراثية الممكنة لفهم آليات وفاة كل شخص بشكل أفضل.

ويذكر بأن هذه الشركة قد قامت بالفعل بتحديد تسلسل الحمض النووي لأربعين ألف شخص، بفضل التجارب السريرية لشركتي الأدوية روش وأسترا زينيكا. ويريد فنتر أن يعزز ذلك بالمزيد من المعلومات، ومن هنا جاءت الفحوصات الجسدية نواة الصحة، والتي تمثل أيضاً مصدراً لإيرادات الشركة. ويتوقع بأن يتم تقديم الخدمة لألفي شخص سنوياً ابتداءً من هذا العام. وهذا يعود بأكثر من 50 مليون دولار أمريكي كإيرادات محتملة للشركة.

وبينما يسلك فنتر نهج علم الجينوم في مجال أبحاث طول العمر، إلا أن مساعيه ليست هي الوحيدة التي تهدف إلى إطالة عمر الإنسان.

إذ بدأ الخبراء باعتبار الشيخوخة كمرض، وبالتالي يمكن علاجها.

وتتوسع أبحاث مكافحة الشيخوخة لتغطي العمليات الخلوية أيضاً وليس فقط علم الوراثة. كما قام البعض بتطوير حقن لتعزيز الخصوبة. فالكثيرون يتسابقون لإطالة عمر الإنسان، ولكن هل يكون فنتر أول من يصل إلى النهاية مرة أخرى؟

المصادر: Forbes, Human Longevity

شكرا للتعليق على الموضوع