مع تكميم الإعلام.. الرافضون لاستفتاء تركيا يبحثون عن قنوات بديلة

على أحد أرصفة إزمير، معقل الليبراليين على الساحل التركي المطل على بحر إيجه، يسير كوبيلاي موتلو وفريق (ستريت أوركسترا) أو (أوركسترا الشارع) رافعين أصواتهم بأغنية “الإمبراطور العاري” وأغان عن انهيار دولة السلاطين، في محاولة لجمع التأييد للتصويت برفض تعديلات دستورية مقترحة في استفتاء مقرر يوم الأحد القادم.

ومع تشبع التيار الرئيسي في وسائل الإعلام بحملات التأييد للحكومة قبل الاستفتاء على توسيع سلطات الرئيس، يسعى أولئك المعارضون للتعديلات لقنوات بديلة تنقل أصواتهم.

ويشكو المؤيدون للتصويت بـ”لا” من التهديدات والحظر من الحكومة. وورد في تقرير لجماعة غير حكومية أن التغطية التلفزيونية لحملة “نعم” تزيد عشرات المرات عن تلك المعنية بالمعارضة.

وقال موتلو الذي يضم فريقه معلمين وطلابا بجامعة محلية “ما نريد التركيز عليه هو أنه رغم الصورة التي تدعو للتشاؤم فإن التصويت بكلمة ‘لا‘ خيار مهم جدا. فلنستخدم حقنا في الاعتراض”. ووضع الفريق أغنيته (‘لا‘ واحدة تكفي) على موقع يوتيوب.

وسيحدد استفتاء الأحد مصير أكبر تغيير في نظام الحكم التركي منذ تأسيس الجمهورية الحديثة قبل نحو مئة عام ويحتمل أن يبدل النظام البرلماني برئاسة تنفيذية.

ويقول الرئيس رجب طيب أردوغان ومؤيدوه، إن التغيير مطلوب لمنح تركيا زعامة أقوى في وقت تعمه الاضطرابات. أما المعارضون فيخشون حكما شموليا يزداد تعنتا لرئيس يصورونه كسلطان قادم لا يتقبل المعارضة.

ويجرى التصويت في ظل حالة طوارئ فرضت بعد محاولة انقلاب عسكري شهدتها البلاد قبل تسعة أشهر، وهو ما يعني أن هناك قيودا “كبيرة” على حرية التعبير والتجمع وفقا لما ذكرته لجنة البندقية وهي هيئة من الخبراء القانونيين في المجلس الأوروبي.

ونفذت تركيا عملية تطهير شملت أكثر من 113 ألفا من الشرطة والقضاء والجيش وغيرها من الأجهزة منذ محاولة الانقلاب وأغلقت أكثر من 130 قناة إعلامية مما أثار قلق حلفائها الغربيين من تراجع الحقوق والحريات.

وأودعت قيادات بحزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد وثالث أكبر حزب بالبرلمان السجن بسبب مزاعم عن صلاتهم بمقاتلين أكراد وكذلك 12 من نواب الحزب في البرلمان وآلاف من أعضائه الآخرين. ويعارض الحزب التعديلات الدستورية.

وقالت لجنة البندقية الشهر الماضي، “المناخ غير المواتي للغاية للصحافة والجدال العام المنحاز الذي يسود تركيا في هذه المرحلة يثيران شكا في إمكانية إجراء حملة ديمقراطية للاستفتاء تكون ذات مغزى وتضم جميع الأطياف”.

ويقول المسؤولون الأتراك، إن المراقبين الدوليين لهم الحرية في رصد الاستفتاء من جميع جوانبه ورفضوا مرارا فكرة تكميم الإعلام قائلين إن القنوات التي أغلقت في حملة التطهير تقرر إغلاقها لاتهامات تتصل بالإرهاب وليس بالنشر.

ونسب إلى أردوغان قوله في فبراير شباط إن تركيا تنعم بحرية صحافة لا مثيل لها في كثير من دول الغرب.

*هيمنة على موجات الأثير

ظهرت على وسائل للتواصل الاجتماعي موجة من التسجيلات الموسيقية المصورة تحض الناس على التصويت برفض التعديلات الدستورية ويشكو ساسة المعارضة من أن الساحة ليست متساوية على الإطلاق أمام الجميع قبيل التصويت.

أحد هذه التسجيلات حقق ما يقرب من 400 ألف مشاهدة على يوتيوب، وفيه تناشد مجموعة من النساء المشاهدين الاستعانة “بقوة الضحك” في أغنية اسمها (ها ها ها، هايير) في تلاعب بالألفاظ بالمرادف التركي لكلمة “لا”.

وقالت ديلارا يوجيتيب التي شاركت في المشروع في لقاء مع رويترز، “لديهم الإعلام، قاعات الاجتماعات، البلديات، والموارد في أيديهم. لكننا نحاول باستماتة التواصل مع الناس في الشوارع ومن خلال التواصل الاجتماعي”.

ويستمد تسجيل مصور آخر من التسجيلات الداعية لرفض التعديلات الدستورية صورة خيالية من المظاهرات المناهضة للحكومة في 2013 حين خرج مئات الألوف إلى الشوارع في تطور للأحداث التي تحولت من مجرد احتجاج على إعادة تطوير ساحة عامة في اسطنبول إلى استعراض واسع لتحدي السلطة.

واستضافت مؤسسة الإذاعة والتلفزيون التركية (تي.آر.تي) كمال قليجدار أوغلو زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض الرئيسي مساء الجمعة في تطور وصفه الحزب على تويتر بأنه “يكاد لا يصدقه عقل”.

ومثل هذه اللقاءات نادرة نسبيا وتكاد لا تظهر في بحر الكلمات المذاعة يوميا لأردوغان ورئيس الوزراء بن علي يلدريم وغيرهما في بث مباشر على كافة الشبكات الرئيسية.

ويشير تقرير أعدته منظمة (الوحدة من أجل الديمقراطية) المرتبطة بالمعارضة إلى أن التغطية التلفزيونية الحية خلال أول 20 يوما من مارس آذار خصصت 169 ساعة لأردوغان و301.5 ساعة لحزب العدالة والتنمية الحاكم و15.5 ساعة لحزب الحركة القومية اليميني الذي يؤيد التعديلات.

ويقول التقرير إن التغطية شملت 45.5 ساعة لحزب الشعب الجمهوري.

بينما لم تكن هناك أي تغطية لحزب الشعوب الديمقراطي. وفي الأسبوع الماضي منعت محكمة تركية أغنية لحزب الشعوب الديمقراطي تدعو للتصويت “بلا” بدعوى أنها تخالف الدستور وتثير الكراهية.

وفي تقرير نشره موقع حزب الشعب الجمهوري على الإنترنت قال نجاتي يلمظ النائب عن الحزب إن الداعين للتصويت بـ”لا” واجهوا 143 واقعة ضغط وتهديد وحظر حتى نهاية مارس/آذار.

وأضاف “بينما موارد الدولة وقوتها المالية مسخرة لتعزيز التصويت ‘بنعم‘، فإن قوتها القانونية والإدارية والأمنية مسخرة لمنع التصويت بـ‘لا‘”.

رويترز

شكرا للتعليق على الموضوع