محمد النقلى يكتب : اصطباحه “الخليج .. “
من العجب .. إن إفتراس دول الخليج كان واضحا كل الوضوح منذ البدايه .. ومع ذلك كانت عروشه طيعه كل الطوع .. وذهبت راضية بكامل إرادتها إلى الفخ المنصوب لها .. دونما اعتراض أو امتعاض .. ولنبدأ الحكايه من البدايه .. أو كما تبدو لنا .. إنها كانت .. البدايه ..
إنتهت حرب 1973 بين مصر وإسرائيل إلى ما إنتهت إليه .. لتبدأ مرحلة جديده من الصراع حول نفط المنطقه .. ذلك النفط الذي لعب دورا رئيسيا في حسم تلك المعركة 1973 بريادة وقيادة الزعيم الحق ” الملك فيصل ” رحمه الله .. وتدخل ” إيران ” بثوب جديد كطرف في المعادلة بالمنطقه .. وتلك المرحلة بدأت بتخلي امريكا عن رجلها الأول في المنطقه في تلك الفتره .. ألا وهو .. شاه إيران .. ويعود ” اية الله الخميني ” من منفاه ” بفرنسا ” .. مرتديا ثوب ” مفجر الثوره الاسلاميه “.. ليعلن انتهاء الفتره الملكيه ، وقيام الجمهوريه الإسلاميه الإيرانيه 1979 .. وفي نفس التوقيت .. يتنازل السيد .. “احمدحسن البكر” رئيس العراق ” مكرها “.. عن السلطه ” للرفيق ” صدام حسين .. إذن .. هي وجوه جديده .. لابد أن تعتلي السلطه والصداره في كلا البلدين .. وفي توقيت واحد .. تمهيدا لما هو آت .. وما أدراك .. ماهو آت ..
ولن نخوض كثيرا في تفاصيل كيفية سقوط شاه إيران .. أو عودة الخميني من منفاه .. أو حتى كيف تم تصعيد صدام حسين إلى سدة الحكم بالعراق ، ولكن .. لا يخفى على أحد الدور الذي لعبته الولايات المتحده في كل ذلك .. حيث أن المنطقه برمتها يعاد ترتيب توازن القوى فيها في تلك الفتره .. ولابد من التخلص من كل قديم إنتهى دوره والإعتماد على وجوه جديده تتناسب وتتلائم مع ماهو قادم .
في غضون ذلك .. يعقد السادات معاهدة السلام مع إسرائيل .. فيتم تشكيل ” جبهة الصمود والتصدي ” بزعامة صدام حسين و حافظ الأسد .. ويتم عزل مصر عن جميع الدول العربيه تقريبا لتنفرد امريكا بالخليج .. والخليج يطيع !!
وفي نفس التوقيت يقوم الاتحاد السوفيتي بغزو أفغانستان .. فتستدير الولايات المتحده إلى دول الخليج وتطلب منها القيام بدورها بمساعدة أفغانستان .. سواء بالتمويل المادي أو بامدادها بالمتطوعين ( اللبنه الأولى في تشكيل تنظيم القاعده ) وذلك لإيقاف المد الشيوعي للمنطقة .. والخليج يطيع !!
نعود إلى كلا من الخميني .. وصدام حسين .. في خطوه أولى لكل منهما عند تولي إدارة الأمور سواء في إيران أو العراق .. يتم إلغاء اتفاقية الجزائر 1975 المبرمه بين البلدين حول ” شط العرب” تلك المنطقه المتنازع عليها بين إيران والعراق منذ عقود .. وتلك الإتفاقيه قد وقع عليها كلا من شاه إيران وصدام حسين (عندما كان نائبا ) برعاية هواري بومدين رئيس الجزائر عام 1975 .. لتنشب بينهما حربا تستمر لمدة 8 سنوات .. وايضا .. تطلب امريكا من دول الخليج القيام بدورها في مساعدة صدام حسين في حربه مع إيران .. وهذه المره لإيقاف المد الشيعي .. والخليج يطيع !!
ويتضح بعد ذلك أن الولايات المتحده كانت تمد الدولتين بالسلاح طوال فترة الحرب ( فضيحة إيران جيت ) !!! إنه الدور الصهيوأمريكي في إستنزاف إقتصاديات دول المنطقه ..
وعندما نفض صدام حسين يده من حربه مع ايران .. تلك الحرب التي استمرت 8 سنوات كما أسلفنا .. وانتهت بدون منتصر أو مهزوم .. يستدير إلى أقرب الدول إليه .. الكويت ليلتهما في يومين .. وكلنا يعلم حقيقة الضوء الأخضر من أمريكا لصدام بواسطة السفيره الأمريكيه بالعراق في ذلك الوقت .. ليقوم بذلك الاقتحام .. ويتشكل التحالف الدولي بقيادة امريكا ومساعدة كلا من مصر والسعوديه وذلك لإخراج صدام وقواته من الكويت .. ويتحقق وعد او وعيد كيسنجر للملك فيصل ” يوما ما سنعود ” .. قالها عندما طلب قاعده أمريكي بالخليج .. ورفض الملك فيصل وقتئذ .. وأصبحت القوات الأمريكيه موجوده بالخليج وبرضى أهله .. والحجه هذه المره .. حماية الخليج من الأطماع التوسعيه لصدام حسين .. والخليج يطيع !!
لننتهي إلى الوضع الحالي .. تقسيم العراق .. وسوريا ..ووضع امريكا يدها على نفط المنطقه بالكامل .. بالاضافه الى دفع فواتير كل الصراعات بالمنطقه ..
تلك هي مراحل اللعبه الصهيوأمريكيه بالمنطقه .. واليوم .. مازال المسلسل مستمر .. والخليج يطيع !! ولا يتعظ !!
و طبقا للمثل الشعبي .. ” ياما في الجراب يا حاوي “.. ترامب يخلق الصراع ويعرض التصالح .. بعد أن حصل على ” الرز الخليجي ” .. يتفاوض مع قطرعلى طائرات اف 15 .. والخليج يطيع ولا يتعظ !!
ياساده .. ترامب ليس أفضل من أوباما .. الأخير رفع الحظر عن إيران لتصبح فزاعة الخليج .. والأول يقبض الثمن من الخليج .. والخليج يدفع ويطيع ولا يتعظ !!!
الأخير .. أصدر قانون ” جاستا ” الذي مازال ساريا ليحصل على تعويضات بالمليارات من السعوديه .. أما الأول .. فهو أذكى .. جمد القانون مؤقتا ليحصل على المليارات فوريا .. ولا مانع من إظهار القانون في وقت لاحق للحصول على المزيد .. والخليج سيطيع ولن يتعظ !!!!
هكذا هى ” لعبة الأمم ” كما ذكرها ” مايلز كوبلاند ” في كتابه الصادر في أواخر ستينيات القرن الماضي .. وهكذا نحن رضينا بأن نكون ..
” أحجار على رقعة الشطرنج “
” ستذكرون ما أقولُ لكم وأفوض أمري إلى الله إن الله بصيرٌ بالعباد “
” استقيموا يرحمكم الله “
بقلم .. محمدعلى النقلى
اقرأ للكاتب :
اصطباحه “أين هى الأمجاد .. ؟! “