نانسى فتوح تكتب : العرب في غيابات الجبّ ..

ياأمة ضحكت من جهلها الأمم .. صدق الشاعر أبو الطيب المتنبي عندما قال هذا البيت ولو كان بيننا الآن لقال: (يا أمة سَخِرت من جهلها الأمم (لأن السخرية أشد ألماً، فلو نظرنا لحال الأمة العربية لأشفقنا على أنفسنا مما آلت إليه أحوال أمتنا من تدهور وانحلال أخلاقي وهدم القيم الإنسانية وغياب للعدالة في مختلف المجالات.

فما هي إلا نبوؤةٌ من نبوآت الشاعر المستشرفة للمستقبل وحال العرب اليوم .

ولو فكرنا في المجتمعات العربية جيدًا لضحكنا فعلاً من بعض الأفعال والأقوال والتصرفات فلا إنتاج ولا اختراع ولا إبداع ولا حضارة ولا صناعة، يومٌ بعد يوم والحضارة العربية تهرول عكس التيار ..لا أدري كيف ومتى تجذّر الجهل في عقولنا !!

فنجد أن الأمة العربية بلغت يأسها وتخلفها من الذل والهوان فهناك جرح ينزف، ودم يُسكب، وشعب يصرخ، وحقوق ضائعة، وأراضٍ تُسرق، لا احترام ولا تقدير، فمعظم الدول العربية تائهة تعاني الجهل وتشكو التخلف وفي نفس الوقت نقف مذهولين أمام تطورات الغرب ونلتفت يميناً ويساراً وننتظر أن تتساقط علينا حبات الإبداع كالمطر أو أن يجتاحنا عاصفة من الصناعات تأتينا من مكان بعيد ، فنجد أنهم لا همّ لها سوا الطرب واللهو والقهقهة والعيث في الأرض فسادًا، حتى وصلت أوضاع أمتنا إلى غاية الانحطاط وأصبحنا نعيش عصر التخلف إلى أن وصلنا ذيل قائمة العالم، وفي هامش الخريطة الجغرافية وتداعت علينا الأمم من كل حدب وصوب.

يكذبون بمنتهى الصدق، ويغشون بمنتهى الضمير، وينصبون بمنتهى الأمانه، ويخونون بمنتهى الإخلاص، ويدعمون أعدائهم بكل سخاء، ويدمرون بلدانهم بكل وطنيه، ويقتلون إخوانهم بكل إنسانية، و إمكانياتهم العلمية محدودة ، مستوى الوعي لديهم بلغ أعلى درجاته تحت الصفر .. أمّة لا هواية لها سوى اللّهو في الحسابات الإفتراضية و تدريب فكرها على ممارسة التفاهات الدوريّة و عقولهم حتّى من طريقة صنع التكنولوجيا التي يستعملونها عاجزة عن إدراكها أو فهم مكنونها !!

وعندهم مناعه ورفض في تطوير الذات والتقدم والبحث العلمي وتبلد ذهني للغاية.

نعم يا سادة جهلنا أصبح لا حدود له فأصبحنا بلا غاية لا وزن ولا قيمة ولا كلمة لنا في الكرة الأرضية، فاستسلمت هذه الأمة العربية ورجعت للوراء وتخلفت وذُلت، وظُلمت حالها حتى أصبح يدمى القلب ألماً وضيقًا على تبدل حالها من عز ومجد قديم إلى ذل وضعف.

ولو نظرنا للغرب لوجدناهم في تطور دائم ونجاحات مذهلة، فلقد قام بعض علماء الغرب بترجمة ما كتبه علماء المسلمون قديمًا في مختلف العلوم ومن هنا بدأ تطورهم، فمن يصدق أن هتلر زعيم ألمانيا والذي كان يريد أن يحكم العالم كان يعيش فى مأوى للمشردين، ولكنه فكر واجتهد ونهض حتى سطر التاريخ اسمه.

ونابليون كان فقيرًا فقرا مدقع، لكنه جدّ وثابر حتى أخذ الكرسي من لويس ونهض بالوطن.

هكذا هم الغرب الذين صنعوا أنفسهم بترجمة ما كتبه علماء المسلمون قديمًا في مختلف العلوم ومن هنا بدأ تطورهم وسيطرتهم على العالم، فلا تستغربوا من تصرف الحكام والحكومات العربية والخليجية فهم ليسوا سوى موظفين في الخارجية الأمريكية ومرتزقة لوكالات المخابرات الغربية مهمتهم تنفيذ الأوامر فحسب.

ومما لا شك فيه والجميع يعرفه أن أمريكا لم تكن مطلقا صديقة لنا وان ادعت ذلك، وانما هي صديقة لمصالحها وغير مستعدة للتضحية بجندي أمريكي واحد من أجلنا وتعتبرنا نموذجاً مثالياً للغباء في أبشع صوره واشكاله، تنهب أموالنا، وتدعم أعداءنا، وتبارك احتلال مقدساتنا، وتستخدمنا كأدوات لمحاربة بعضنا البعض، وتحتل اراضينا وتفكك جيوشنا، ومع ذلك لا نتعلم ولا نتعظ ونلدغ من الجحر الأمريكي نفسه مرات ومرات.

لذا مانجده في كل الدول الاسلامية أن أشد أعداء الأسلام هم من المسلمين أنفسهم، فالإسلام عبر التاريخ كله لم ينهزم إلا من داخله.

كما صورنا إيران كشيطان أكبر، وقرعنا طبول الحرب ضدها، وحشدنا الأساطيل الأمريكية في مياه الخليج استعدادا لضربها، بل واستثمرنا المليارات في هذا المضمار.!

هل تغير مفهوم التقدم حقاً وأنا لا أعلم ؟

أأصبح التقدم محصورًا في النقاشات التافهة و الأفكار المثقوبة الجوف التي لا مغزى فيها !!

فتفوقنا نحن العرب ونجحنا فى الجدال والصراع فى النقاشات والتصادم فى الحوار والتعصب والاعتزاز بالقبيلة والمكان، والتصويت لبرامج الغناء والطرب السخيفة، وتبذير الأموال في الحفلات الماجنة، عقول تنهش من الجهل و التخلف بنهم شديد ..

  فهنيئاً للأمريكان ولا عزاء للأغبياء.

بل وإن حاولت أن ترتقي بنفسك وتبتعد عن تلك العقليات التافهه التي شغلها الشاغل هو مرافقة الفتيات والتقاط الصور وسماع الأغاني سيعتبرونك إمّا رجعيا يمينياً متطرّفاً أو متشدّداً جاهلاً لم تصلك ثقافتهم و تقدمهم المزعوم ..!!

هذا واقعنا المرير الذي نعيش تبعاته في كل دولة من الدول العربية، نحن أمة بحاجة إلى إعادة بناء الإنسان و سلوكه من جديد.

ولكن أن نظل نعتز ونفتخر ونقول ما لا نفعل ونعلن النجاحات الوهمية فلن نزداد إلا تخلفا وانحطاطا.

والدليل تصنيف الدول العربية وجامعاتها في مستوى متدني بين دول العالم حتى تقدمت علينا أفقر الدول التى اندلعت فيها الحروب وعانت الفقر قديمًا، هذا قليل من كثيرٍ وغيض من فيضٍ.

ألم يحن الوقت بعد لإدراك حقيقة المنهج الواجب إتِّباعه ؟ أين نحن من أمر الله بتعمير الأرض وإتباع أوامره وإجتناب نواهيه ؟ أنحن حقا مدركون حقيقة أمرالاستخلاف في الأرض ؟ لا أظن ذلك حقا ..

لنعد بناء سلوك الإنسان وأفكاره ونعد بناء القيم ذات المخزون الإسلامى في مجتمعاتنا لينعكس ذلك في بناء الحضارة الإسلامية.

 أؤمن أن زمن تحررنا الفكري وإدركنا لقيمة وعينا في الحياة سيأتي لا محال وأرجو أن يكون ذلك قريباً ليعيش الإنسان كما أراد له الخالق من عبادة واستخلاف فى الأرض بعمارتها وتطويرها ونفع البشرية.

اقرأ للكاتبة :

هل كل جميلة غبية ..!

شكرا للتعليق على الموضوع