كأنك تراه … ضياع الروحانيات في زمن الماديات

التلغراف – القاهرة – ضي أحمد : هذا ما يوصف به العرض المسرحي الغنائي “كأنك تراه” بمسرح الطليعة  من تأليف نسمة سمير.

يذكرنا العرض بقيم فقدنها وسط ظهور التكنولوجيا و ثوابت حرفناها لتحقيق مصالح شخصية.

بدأ العرض خارج قاعة “صلاح عبد الصبور” بأنشاد ديني، كاسرا الحاجز بين الفنانيين و الجمهوراو ما يسمونه (الحائط الرابع)،  فمن اجمل سمات المسرح عامة هي الصلة التي يشعر بها المشاهد مع الممثل، فكيف لا يشعر بها و هو يراه امام عينه بذاته.

دخلنا القاعة وسط الموسيقي والأغاني كما لو كنا نزف الي مقاعدنا. و جلسنا حول المسرح، و ليس امامه كما اعتدنا. فالمسرح يشبه الساحة وسط الجمهور.

28

و تخلط المسرحية بين الماضي و الحاضر، فيظهر لنا سيد التابعين / أويس القرني (نطلق عليه الان عويس) الذي ولد و عاش باليمن في عهد الرسول (ص) و اشتاق لرؤيتة ، و لكن بره بأمه المريضة منعه من الذهاب الي  الرسول ليحقق ما يتمناه قلبه، فكان يتعامل في كل اركان حياته كما لو كان الرسول (ص) امامه.

 فنجده امامنا في القرن الحادي و العشرون وقت تجزيء المباديء و انعدام الضمائر، فيذكرنا بأبسط الامور التي قامت عليها اخلاقيات الدين.

قام بدور أويس الفنان / محمد يونس، و أويس شخصيه تتسم بالبساطة ، لا يبالغ في ردود افعاله و لا يقوم بحركات انفعالية و حيوية قد يتطلبها المسرح. فعوض يونس ذلك بالتركيز علي عمق الشخصية، من دموع متلألة بالعين و رجفة بالصوت. فتشعر بحقيقة أيمانه بتلك الشخصية و حبه لها.

29

ندي عاصم بوجهها البريء و أداءها لدور الأم بكل ما تحمل الكلمة من معني تواصلت مع الجمهور فنجد فيها الكثير من أمهاتنا.

أمنية حسن شخصية خفيفة و لطيفة كان لها دور في الكوميديا بالمسرحية.

و اذا ذكرت كوميديا المسرحية فلابد من ذكر علاء النقيب الذي كان مصدر حس الفكاهة من بين أداء تلقائي و أفيهات يرميها ككرة التنس ليصدها بسرعة سامح فكري بخفة دم فكونوا ثنائي كوميدي و درامي برغم أختلافات شخصياتهم.

مهدي بك شخصيه الثري المتعجرف الذي يدفعك الى كراهيته دون ان يتحدث ، فأهم ما في التمثيل هو تحريك المشاعر حتي و لو كانت الأستفزاز. قام بالدور مصطفي سامي الذي لم يكتفي بذلك و تمكن من تحويل هذه الكراهيه الى حب أو تعاطف فيما بعد.

30

قام وليد الزرقاني بشخصية قد تكون مفاجأة لا ارغب في أن افسدها لكن أكتفي بقول أنك تري مشاعر الشخصية من شك و غضب تظهر بداخله قبل ان تظهر علي وجهه فتعلم جيدا انه درس الشخصية بتمعن.

الطفلين عمرو خالد و أنجي أيهاب أسرا الجمهور ببراءتهما و فرحتهم بالتواجد علي المسرح التي ظهرت في كل حركة قاموا بها.

أصوات عذبة و وجوه جديدة، حركت الوجدان هم الباهي علي الباهي ،علاء رضا، عبد الرحمن الزيان، محمد الجمل، مريم هاني، الأء عوض، لطيفة أسماعيل، تامر محمود و محمود خالد.

عرض كأنك تراه تمثيل و غناء و اخراج متعدد المواهب (التريبل ثريت) ماهر محمود الذي كانت نظرته الاولى و الاخيره متمركزه في اخراج العمل في افضل صوره فاهتم بأدق تفاصيل العرض و الفنانين.

شعرت بصفاء ذهن و متعة بعد الخروج من المسرح، و أتمني لكل طاقم العمل النجاح و التوفيق.

15

تقرير: ضي أحمد

اقرأ للكاتبة : 

ضي أحمد تحاور الدكتور اسماعيل السعداوى الكاتب والباحث فى علم المصريات

شكرا للتعليق على الموضوع