يوميات دينا ابو الوفا … عارفين
الْيَوْمَ وفى الصباح الباكر ، بينما كنت ارتدى ملابسى استعداداً للذهاب الى العمل ، ووصلت الى اخر مراحل الاستعداد وهى ارتداء بعض الحلى – فهو أمر حتمى وضرورى بالنسبة لى – مددت يدى لألتقط سلسلة فضه ودلاية موصولة بها فوجدتها وقد تعقدت و اشتبكت و التفت بشدة حول سلسلة اخرى ودلاية اخرى ….
فكان ذلك بالنسبة لى مشكلة عويصة … فأنا اكره العقد و أبغض التعقيد ….
قادنى ذلك الشعور الى محاولة فك العقد بسرعة ، بتوتر شديد ، بضيق كبير ، دون النظر الى بداية العقدة أو نهايتها أو موضع الاشتباك …
فلم أفكر حتى من أين ابدأ المحاولة و من أين انتهى … ما هى اقصر الطرق و أسرعها … لم أضع يدى على موطن المشكلة …
بل رحت و قد نفد صبرى و بدأت اتمتم بعبارات سخيفة ، اجذبهما بعيداً عن بعضهما البعض بعنف و غباء ، فزاد التعقيد بدلاً من ان ينفرج ومع زيادة التعقيد ازداد غضبى وازداد ضيقى وزاد اصرارى الأعمى على ان افكهما !!!!!
وبعد ان باءت محاولاتى بالفشل ، قررت ان اتركهما من يدى لبرهة وجلست لاهدأ و انا اطل بعينى عليهما من بعيد …..
وبعد ان انتظمت انفاسى ، التى كانت قد تسارعت قبلا من الغيظ ، التقطت السلسلة من جديد ، هذه المرة بهدوء شديد وجلست بالقرب من اباجورة قوية الإضاءة ، وظللت انظر اليها عن كثب …
و بعناية شديدة بأطراف اصابعى ابحث عن سبل فك تلك المعضلة وارتب خطواتى واحدة تلى الاخرى ، فبدأت تنفك العقد رويداً رويداً و انتهيت فى اقل من دقيقتين …
بينما كنت قد قضيت عشرة دقائق مسبقاً ولَم افلح !!!!!
تنفست الصعداء و ابتسمت ابتسامة المنتصر …
لعلها لم تكن ابتسامة المنتصر بقدر ما كانت ابتسامة من تذكر درساً من دروس الحياة النفيسة ….
ففى الحياة أيضاً تعترض طريقنا العراقيل، ونواجه تعقيدات و مشاكل نظن ان لا حل لها
يقابلها أغلبنا و انا منهم احيانا بنفس ردة الفعل التى قابلت بها عقدة السلسلة …
نقابلها بردة فعل خاطئة …. نقابلها بتوتر و ضيق و سرعة وهمجية و عنف فنلغى العقل و المنطق ، فيزداد الطين بلة و وتضاف الى المشكلة مشاكل اخرى …
فى حين ان ما يجب علينا القيام به ، هو التحلى بالهدوء و سعة الصدر و التروى و التفكير و البحث و التمعن و التخطيط …
علينا ان نسلط الضوء على المشكلة ، لعلنا نبصر بدايتها واسبابها وسبل الخلاص منها …
اقرأ للكاتبة :
دماء الشهداء هى من ترسم حدود الوطن