المال والذهب المنهوب ساعد “داعش” في تجنيد الأنصار في الفلبين
قالت وكالة “رويترز″، اليوم الأربعاء، في تقريرًا لها، إن أفراد تنظيم “داعش” نهبوا من المال والذهب والمجوهرات ما تصل قيمته إلى عشرات ملايين الدولارات عندما احتلوا مدينة ماراوي في جنوب الفلبين العام الماضي واستخدم أحد قادة التنظيم تلك الثروة في تجنيد حوالي 250 مقاتلا لشن هجمات جديدة.
وقال الجيش، إن همام عبد النجيب فر من مدينة ماراوي التي كان المتطرفون يأملون أن يجعلوا منها معقلا للتنظيم في جنوب شرق آسيا وذلك قبل أن يستعيدها الجيش في أكتوبر/تشرين الأول بعد معارك ضارية وقصف جوي على مدار خمسة أشهر.
وقال ضباط بالجيش في إقليم لاناو دل سور الجنوبي الفقير، إن عبد النجيب وكنيته أبو دار استخدم منذ ذلك الحين ما نهب من أقبية البنوك والمتاجر والمنازل في ماراوي لاستمالة صبية وشبان في الإقليم. وانضم إليهم مرتزقة من أصحاب الخبرات تحت إغراء المال.
ويقول الضباط، إن من نتائج ذلك استمرار التهديد البالغ الذي يمثله أتباع التنظيم في جنوب شرق آسيا رغم مقتل مئات من رجاله في معركة ماراوي.
وقال الكولونيل روميو براونر نائب قائد قوة ماراوي المشتركة لرويترز: ”من المؤكد أنهم لم يتخلوا عن عزمهم إقامة دولة خلافة في جنوب شرق آسيا“.
وأضاف: ”هذا هو الهدف العام. لكن تقديرنا أنهم سيشنون هجمات إرهابية في الوقت نفسه الذي يحاولون فيه الوقوف على أقدامهم مرة أخرى من حيث المقاتلين والأسلحة“.
وقال براونر، إن مسلحين أصابوا ثمانية جنود بجروح في هجومين في لاناو دل سور يوم السبت في أول أحداث عنف تقع منذ استعادة ماراوي.
وفي الأيام الأولى لاحتلال ماراوي في مايو/أيار الماضي وبينما كان مقاتلو التنظيم المتشحون بالسواد يحرقون الكنائس ويطلقون سراح نزلاء سجن المدينة ويقطعون التيار الكهربائي كان آخرون يستهدفون البنوك وبيوت الأثرياء ويقودون الرهائن لمساعدتهم في نهب الثروات.
وقال جيه.آر. مونتيسا عامل البناء المسيحي الذي ألقى المتشددون القبض عليه: ”كان ذلك في الأسبوع الأول. قسمونا إلى ثلاث مجموعات كل منها سبعة أفراد“.
وقال لرويترز في مدينة قريبة من ماراوي، إن المتشددين استخدموا المتفجرات في فتح الأقبية في البنوك الرئيسية الثلاثة في المدينة، لاندبنك وبنك الفلبين الوطني وبنك الأمانة الإسلامي. ونقلوا الغنيمة بالشاحنات وخرجوا بها من المدينة بكل سهولة لأن النطاق الأمني الذي فرض عليها لم يكن قد اكتمل بعد.
وداهم المتشددون متاجر الحلي والرهونات والشركات.
ولم تتلق رويترز ردا من بنكي لاندبنك والأمانة على طلبات للتعليق. وقال بنك الفلبين الوطني إن استرداد الخسائر التي مني بها في اشتباكات ماراوي يمثل مصدر قلق له لكنه لم يذكر تفاصيل.
كان احتفال العالم الإسلامي بشهر رمضان على الأبواب عندما بدأ المتطرفون عمليتهم وقال إبرا موكسير رئيس شرطة مدينة ماراوي إن البنوك والشركات والبيوت كانت عامرة بالمال أكثر من المعتاد. ويمثل المسلمون أغلبية بين سكان المنطقة المحيطة بماراوي الذين ينتمون لعرق الماراناو.
وقال لرويترز: ”كان المال وفيرا في منطقة القتال. فالماراناو يحتفظون بالملايين في أقبية مؤمنة في بيوتهم. والذهب أيضا. فمن العادات أن يبذل الماراناو المال“ خلال رمضان.
وقال مونتيسا، إن سيارات فان محملة بالغنائم كانت تمتلئ عن آخرها بالمال والذهب وغيرها من الأشياء الثمينة في كل شق في السيارات.
وأضاف: ”كانوا يقولون إنها هبة من الله. وكانوا يرددون ’الله أكبر‘ وهم يسرقون“.
وقد اتهمت جماعات حقوقية وسكان في ماراوي رجال الجيش والشرطة بالقيام بأعمال نهب أيضا خلال الاشتباكات.
وقال براونر، إن عددا صغيرا من الجنود تعرضوا لعقوبات بسبب النهب غير أن مثل هذه الحالات لم تكن واسعة النطاق.
غير أن قلب ماراوي حيث تتركز البنوك الكبرى والسوق الرئيسية والبيوت الفخمة ظل تحت سيطرة المتشددين على مدى شهور.
وقال براونر، إن السلطات لم يتضح لها حجم ما استولى عليه المتطرفون. وأضاف ”من الصعب علينا أن نحدد. سمعنا حوالي ملياري بيزو (39.4 مليون دولار) لكن هذا مجرد تقدير“.
وقالت الحكومة، إن ثمة خطرا يمثله المتشددون الذين يعيدون تجميع صفوفهم في مينداناو بجنوب الفلبين الذي شهد انتفاضات إسلامية وشيوعية على مدى عشرات السنين.
وقال هاري روك المتحدث باسم الرئاسة لرويترز: ”الخطر قائم دائما أن تستعيد هذه الجماعات قوتها بما يكفي لشن عملية أخرى مثل ماراوي“.
ومن المعتقد أن عبد النجيب فر من ماراوي في بدايات المعركة. وترددت تقارير متضاربة عما إذا كان قد اختلف مع قادة آخرين أو أنه كان ينفذ خطة مدبرة سلفا.
وقال براونر، إنه حاول العودة في أغسطس/آب ومعه ما بين 50 و100 مقاتل لتعزيز المتشددين الذين كانوا يخسرون مواقعهم في ذلك الوقت لكن تحسن النطاق الأمني حال دون ذلك.
وقال: ”وفقا للتقارير تمكنوا من تجنيد ما بين 100 و150 آخرين. لذلك فالتقدير أن العدد بلغ إجمالا 250 بمن فيهم الأطفال … كانوا يحاولون تجنيد اليتامى وأقارب المقاتلين الذين لقوا مصرعهم والمتعاطفين معهم“.
وذكرت مصادر أمنية وقيادات مجتمعية مطلعة على عمليات التجنيد، إن آباء الأطفال يعرض عليهم ما يصل إلى 70 ألف بيزو (1380 دولارا) بالإضافة إلى مرتب شهري قدره 30 ألف بيزو (590 دولارا) لتسليم أبنائهم للتنظيم.
ويبلغ متوسط دخل الأسرة في الفلبين 22 ألف بيزو وفقا لمسح أجرته الحكومة عام 2015. ويبلغ الدخل نصف هذا المبلغ في منطقة مينداناو المتمتعة بالحكم الذاتي والتي تقع فيها ماراوي وما حولها.
وقال براونر، إن سكانا محليين أبلغوا الجيش أن التنظيم يعرض أيضا مكافآت تصل إلى عشرة آلاف بيزو (200 دولار) لقتل كل جندي.
ويقول خبراء أمنيون، إن عبد النجيب قد يصبح بالأموال المنهوبة وأتباعه المخلصين ”الأمير“ الجديد للتنظيم في جنوب شرق آسيا بعد مقتل اسنيلون هابيلون في معركة ماراوي.
ويضيفون أنه مقاتل متمرس ورجل دين درس في الشرق الأوسط ويقال إنه تدرب مع متشددين في أفغانستان. وقد شارك في تأسيس جماعة خلافة مينداناو الإسلامية نحو 2012 والتي شنت سلسلة من التفجيرات في مينداناو.
ولعبد النجيب صلات بتنظيم القاعدة مما أكسبه لقب ”الزرقاوي الفلبيني“ في إشارة إلى أبو مصعب الزرقاوي زعيم التنظيم السابق في العراق. وعندما تحول فرع القاعدة إلى تنظيم داعش بايعه عبد النجيب في العام 2014.
وقال روميل بانلاوي الخبير الأمني في مانيلا، إن عبد النجيب تعاون تعاونا وثيقا مع محمود أحمد المتشدد الماليزي الذي يعتقد أنه قتل في ماراوي وكان همزة الوصل بين المقاتلين الفلبينيين وقيادة داعش في سوريا والعراق.