نانسى فتوح تكتب : السيناريو المتكرر .. وأكذوبة السلاح الكيميائي

 في مشهد ضبابي، تعجز الكلمات عن وصف الغضب والحزن اللذين أشعر بهما أمام المشاهد التى تُعرَض على شاشاتنا، تبقى سوريا واحدة من أكبر المآسى التى تسبّب بها الإنسان في عصرنا.

وما أشبه الأمس باليوم، فالعدوان الثلاثى على العرب لم يكن وليد الهجوم الأخير، لكن القرن الأخير وحده شهد عدة ثلاثيات عدوانية على البلدان العربية، فالعدوان الثلاثي أو مايعرف بحرب 1956على سيناء بالإضافة إلى غزو العراق سنة  2003 والتى أدت إلى احتلال العراق عسكريا من قبل قوات التحالف الأمريكية، فنجد أنها سيناريوهات متكررة تضعها أمريكا للقضاء على أي قوى مناهضة لها ولصالح الطفل المدلل إسرائيل.

والآن تئن سوريا وحيدة تحت وطأة الغدر يمطرونها بصواريخ وقذائف غادرة يوم تلو الآخر، يحصدون أرواحهم ليل نهار لا ندري إلى متى سيقى الوضع هكذا ؟

ومتى سنبرأ منه؟ إلى متى تهدر كرامتنا؟ إلى متى وأمة الإسلام تغط في سبات عميق؟ إلى متى حالة الغفلة والتبلد وموت القلوب؟ إلى متى قلوبكم قاسية إلى هذا الحد؟

لا أعلم اي دمٍ هذا الذي يرى براءة عين طفلة ويطلق النار عليها.. لا أعلم أي قلبٍ هذا الذي يرى رجلا يشهق بكاءً لفقدان عائلته بالكامل ولا يتأثر، لا أعلم أي أذن تسمع نواح السوريين ولا تتأثر!

أين قوات التحالف الإسلامي الذي يضم 41 دولة من بينهم مصر للوقوف في وجه أمريكا المتسببة في تلك المذابح!

فضرب دمشق الأخير هو ضرب للجيش السوري وهدم سوريا وتفتيتها وتوزيع التورتة على أمريكا وحلفاءها وتمهيداً للنيل من القاهرة ، ومحاولة إسقاط القاهرة يبدأ باسقط بغداد ثم دمشق، فمصر الدولة المحورية في المنطقة، والكل يعلم أن النظام السوري لا يمتلك أي أسلحة كيميائية، وأمريكا لا تستند لأي حقائق علمية تؤكد ذلك انما هي فقط ادعاءات لا أساس لها .

وبالتالي هناك تخبط كبير لدى الحكومات الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبريطانيا والآن دخلت على الخط ألمانيا بهذه التصريحات لخلق الذرائع ، وخلف الستار تقوم هذه الدول بشىء ما لأجل تحقيق بعض المصالح لها في هذه المنطقة وتحديداً في سوريا، و تقوم بزج نفسها بتلك الأشكال من الإعلام المضلل والكاذب وهي تعلم في حقيقة نفسها أن كل هذه الإدعاءات كاذبة ،وتقوم أيضاً بشن حملة إعلامية كبيرة ضد الدولة السورية والقيادة السورية  والجيش السوري و ضد الداعمين من الحلفاء لسوريا كروسيا وإيران ،وهم يعلمون في حقيقة الأمر أنه لايوجد لدى القيادة السورية حاجة إلى إستخدام مثل هذا السلاح الكيماوي إو الغازات السامة  لأنها تنتصر في كل الميادين في الساحة العسكرية السورية.

ودليل آخر أشير إليه وهو  إعلان واشنطن في أغسطس 2014 في تقرير رسمي،  نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية بأن أمريكا نجحت في تدمير الكيماوي السوري، وجاء في الصحيفة التالي: “يأتي إعلان الولايات المتحدة الأمريكية بعد عام من استخدام الرئيس السوري بشار الأسد لغاز السارين لقتل أكثر من 1000 شخص في ضواحي دمشق وهو خط أحمر أجبر الولايات المتحدة على الرد، ويأتي هذا تحقيقا لاتفاق توسطت فيه روسيا وأمريكا مع الحكومة السورية على تدمير الأسلحة الكيماوية بحلول منتصف 2014”.

 استخدام السلاح الكيماوي ظل يتردد بين الحين والآخر، لكن منظمة الأسلحة الكيماوية نفسها برأت نظام الأسد من وجود هذه الأسلحة لديه، وهو ما أعلنته في يناير 2016، فيما أكدت أيضا في إبريل 2016 تدمير كافة الأسلحة الكيماوية السورية، ولكن هناك حنين غربي للعودة للمستعمرات القديمة.

فما السر وراء ذلك العدوان في هذا التوقيت؟!

فتوقيت العدوان يتزامن مع وصول بعثة التحقيق التابعة لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية المزعوم على دوما يهدف أساسا إلى إعاقة عمل البعثة واستباق نتائجها والضغط عليها في محاولة لعدم فضح أكاذيبهم وفبركاتهم ، وإضعاف الجيش السوري وإضعاف الإرادة السورية في تحرير أرضهم، والفوضى واللا دولة، بعد  أن أثبت الجيش السوري قدرته على تحرير الغوطة والدخول إلى دوما .. وهنا قامت قيامة أمريكا بالعدوان الثلاثي على سوريا والسرعة في التنفيذ ..

 ولكن قابل الشعب السوري العدوان الغاشم بمعنويات عالية وخرج إلى الشوارع والساحات تنديداً به، فلن يؤثر بأي شكل من الأشكال على عزيمة وإصرار الشعب السوري، ولا على قواته المسلحة الباسلة بالاستمرار في مطاردة فلول الإرهاب والدفاع عن سيادة سوريا ووحدة أراضيها وشعبها وإعادة الأمن والاستقرار إلى ربوعها كافة.

فاليوم بعد الضربة قد زادوا اصرارا على المضي في تحرير أراضيها من الإرهابيين كافة.

والآن أناشد الدول العربية أن تمدّ حبل النجاة إلى إخواننا السوريين الذين تخلّى العالم عنهم وتركهم تائهين من دون أمل. ربما كان العالم الخارجى لا يأبه لأراوح السوريين، لكن ما هو عذرنا نحن؟

 يحلو لنا أن نتباهى بالشرف والنخوة العربية. حسناً، نحن الآن أمام الامتحان الأكبر، ويجب ألا نرسب فيه.

ولكن مادامت الوحدة العربية متعذرة والوحدة الاسلامية مستحيلة..  فسنكون في ذل، وكرامتنا مسلوبة، ولن نحيا كراما أبدا وسيتم ابتزاز الدول العربية والاسلامية دولة بعد أخرى ولن تقوم لنا قيامة.

فندعو الله أن يمن على الحكام العرب والاسلاميين بالوحدة والتكاتف كما فعل الاتحاد الأوروبي ، وأن يفيقوا ويتعظوا من الأمس واليوم قبل فوات الأوان.

اللهم احفظ بلاد المسلمين أجمعين واجمعهم تحت لواء وراية واحدة.

اقرأ للكاتبة : 

نانسى فتوح تكتب: قالوا .. زواج الحب محكوم عليه بالفشل!

شكرا للتعليق على الموضوع