نانسى فتوح تكتب: قالوا .. زواج الحب محكوم عليه بالفشل!

جميعنا نعلم أن الزواج ميثاق غليظ وليس علاقة عابرة، فلا بد من تقديسه والاعتناء به، وأحتوائه، والتحلِّي بالصبر فيه وعدم التعجل لمجرد الزواج ،فدائماً مايجوب في مخيلتنا أسألة عما هو الأفضل والأنجح، هل هو الزواج التقليدي أم الزواج الاختياري، أي أن تختار شريك العمر بنفسك وربما بعد قصة حب طويلة أو أن تترك الاختيار إلى الأهل أو الوصي ليقوم بالدور عنك؟

ولكن مما لاشك فيه أن الزواج تجربة اجتماعية إنسانية خاضعة للنجاح أو الفشل، سواء كانت باختيار الأهل أو باختيار الشاب والفتاة ولا يوجد قاعدة ثابتة له، وتبقى القسمة والنصيب هي الثابتة في الموضوع.

وهناك أبحاث تشير بأنه لا يوجد علامات واضحة تثبت بأن الزواج التقليدي هو الأنجح والأفضل من الزواج الاختياري أو العكس، ولكن في حال الزواج الاختياري تكون أنت صاحب القرار، فإذا كان الفرد يتمتع بشخصية خيالية حالمة ورومانسية فهو حتما يبحث عن علاقة يتخلّلها الحب والمشاعر، أما إذا كان الشخص عملياً وواقعياً بصورة أكبر فهو يتزوج بعقله ولا يبحث عن الحب لأنه لا يُعتبر من ضمن أولوياته في الحياة.

ولكني أرى أن  الزواج التقليدي يفرض علينا ارتداء الأقنعة الزائفة في بعض الأحيان إلى حين أن نتأقلم مع الواقع ونتعايش معه ونعتقد بأننا سعداء بحياتنا.

فجميعنا نعرف مايطلق عليه الفتاة التقليدية وهي الفتاة التي تزوجت زواجا تقليديا، هي ليست بقصة فتاة واحدة، بل هي تجسد أيضا قصص فتيات كثيرات في جميع الأعمار ولكن يزداد الأمر في السن الصغير.

هي فتاة جميلة لا تتعدى الرابع عشر من عمرها. تزوجت من إبن عمها – بناءً على قرار قد إتخذته العائلة يوم ولادتها -. تلك الفتاة التي لازالت تلعب وتركض مع الفراشات في جنتها الصغيرة المحدودة ، لا تعلم ما يدور حولها ولا تستوعب لماذا ترتدي الثوب الأبيض أو إلى أين تذهب وما الذي سيحلّ بها.

دخلت عش الزوجية لا تعلم أنها في تلك الليلة ودعت طفولتها البريئة في هذا السن الذي تحملت على عاتقها هذا الاختيار الاجباري الذي لا رأي لها فيه ولم تشارك فيه لا بقلبها الصغير ولا بعقلها.

ما هو مستقبل تلك الطفلة التي فُرض قدرها عليها ورُسم لها مستقبلها، هذا ليس ذنبها وإنما ذنب الخوف الذي يتملك قلب أهلها من المجتمع، الخوف على شرف البنت، الشرف المربوط على عنقها، كلما ابتعدت عن طوع أهلها كلما اشتد تلك الرباط على عنقها ليخنقها.

خوف الأهل تسبب في أذى تلك الفتاة ودمر أحلامها الوردية ودفن قلبها من قبل أن يدقّ ولو لمرة لتشعر بطعم الحب، ولكن .. هذا لا يعني ألا نأخذ برأي الأهل فرأيهم مهم في اسداء النصيحة اذا أخطأت البنت في اختيارها.

القصة لم تنتهي بعد، لأنها لم تنحصر على الفتيات صغار العمر فقط، بل منهم أيضا البالغات والراشدات اللواتي يخضعن لأمر الأهل والمجتمع، يا لتعاسة تلك المرأة التي لا تختار شريك عمرها بنفسها، لأن خسارتها كبيرة، خسرت أجمل إحساس بالكون، الإحساس بنبض القلب واللهفة عند لقاء الحبيب وتبادل الكلام من سحر العيون.

رغم أن الكثيرين يقولون بأن الحب يأتي مع العشرة وأن العواطف وحدها لا تكفي لإقامة علاقة زوجية ناجحة لأن هناك عوامل أخرى عديدة للنجاح، كما أن زواج الحب ينقصه التعقل والتريث والاتزان، ويغلفه الاندفاع واللهفة، ولكن للأسف اتضح بأن هذا هراء لا يتناسب مع الواقع، فمن غير المعقول أن يفشل أي شيء قائم على الحب، فالطالب لا ينجح في دراسته ولا يتفوق فيها إلا إذا أحبها.. والعامل لا يجيد في صنعته إلا إذا أحبها، والحب أساس الحياة وبهذا الحب نعبد الله عز وجل ونحب الوطن، وبهذا الحب نتزوج ونربي أبناءنا ونحنو عليهم حتى وهم كبار .. فلا حياة بدون حب ولا إيمان بدون حب ،وبالحب بين الزوجين تتذلل كل الصعاب وتنتهي كل المشكلات.

فالحب الذي يبدأ بعد الزواج يصبح مجرد عادة لا يمت إلى الإحساس والشعور بصلة، وأنه كغيره من العادات التي نعيشها كل يوم مثل شرب القهوة أو السجائر التي تصل بنا إلى مرحلة الإدمان عليها مع العلم بأننا نرفضها من داخلنا.

أما عن الفتاة التي تتزوج عن حب فهي أكثر سعادة وتتلهف ليوم زفافها، وارتداء ثوبها الأبيض وحضور فارسها ليحملها إلى عش الزوجية.

النقاط الإيجابية في الزواج الاختياري تبدأ من إحساس، إنها تعيش دائما في عالمها الخاص بها وفي انسجام وتناغم بين أحلامها الوردية وواقعها السعيد. تنام وتصحى ببسمة تملأ وجهها وأفكار جميلة تبني لها بيتا في الجنة. هذا إحساس حُرمت منه تلك الفتاة التقليدية.

 هي تعلم كل العلم ما يحبه وما لا يحبه شريكها، تعرف كيف تجذبه إليها وتهتم به، هي تعرف كيف تتحدث معه لتخطف قلبه بسحر كلامها العذب النابع من القلب إلى القلب، الأسلوب الراقي في المعاملة هو السبب الأساسي الذي ساهم في إكمال مسيرتهم وكللها بالزواج، هي تقوم بكل شيء من اجله من أجل إرضائه وراحته ولا يغمض لها رمش إن كان غاضباً، هي الأم والبنت والأخت والحبيبة والصدر الحنون والأذن الصاغية، طالما هي سعيدة فحتما تستطيع إسعاد زوجها وحبيبها لأنه سيكون باختيارها .

 ما أجمل أن نعيش تلك اللحظات قرب من نحب لنسعده لسعادتنا ونفرحه لفرحتنا .

اقرأ للكاتبة :

نانسى فتوح تكتب: مشــروع الــزواج

 

شكرا للتعليق على الموضوع