ناصر اللحام يكتب : لماذا يصمت الجميع فجأة؟ ما الذي جرى في القاهرة؟
على خلاف العناوين “الكلاسيكية” التي خرجت بها العديد من وسائل الاعلام العربية، لم يكن هناك جلسات حوار بين وفدي فتح وحماس في القاهرة.
لأن الوفدين لم يلتقيا أساسا، وإنما التقى وفد فتح مع المصريين على حدة في جلستين.
وإلتقى وفد حماس مع المصريين على حدة في مكانين مختلفين.
وما أشيع عن وجود حوار وطني في جولة جديدة غير دقيق، وإنما الاكثر دقة القول ان ما جرى في القاهرة هو ترتيبات المصالحة.
لان الأفكار المصرية التي تسلمتها حماس أولا، وتسلمتها السلطة لاحقا. لم تكن كافية التفاصيل بالنسبة للقيادة في رام الله واعتبرتها عامة وغير واضحة وتعرض أفكارا مكرّرة لا تضمن نسبة نجاح عالية، ما دفع الرئيس عباس لتشكيل وفد ( عزام الاحمد – ماجد فرج – حسين الشيخ – روحي فتوح ) وتسليم المصريين ردا مكتوبا على الأفكار.
ولو لاحظنا تصريحات الرئيس عباس فقد قال حرفيا : الأشقاء في مصر طرحوا فكرة ونحن سنرد عليها بشكل مكتوب !
وقال لي سياسي مجرّب تابع لقاءات القاهرة : لم يحدث أي اختراق يذكر والحوار الوطني كسب وقتا اضافيا وليس أكثر، لان الموضوع الأهم الاّن هو التهدئة ومنع الحرب على غزة.
وفي حال صدقت المصادر فان حماس وفتح لم تتحاورا أساسا، وان الوفدين لم يعلنا أي تصريح للجمهور بل غادرا القاهرة بصمت على أن يعودا للقاهرة مرة أخرى، وهذا يعني ان الرئيس السيسي لديه رزمة جديدة وكبيرة للحل.
لم يعد سرا أن القاهرة ترعى مفاوضات غير مباشرة بين غزة وتل أبيب. وأن حماس دخلت هذه المفاوضات مثلما دخلتها حكومة نتانياهو، وفي جدول هذه المفاوضات ( التهدئة – والحصار – والميناء – والمطار – ورواتب الموظفين – ومعبر رفح وأمور اخرى ) .
وبحسب مصادرنا فان تل أبيب رفضت طلب حماس إعادة تشغيل الميناء، كما أن اسرائيل غير جاهزة لمواصلة فكرة رصيف ميناء نيقوسيا ولا حتى ميناء عائم قبالة غزة. ما يدفع أكثر بفكرة وجود ميناء بحري في رفح المصرية أقرب الى التصديق، كما أن مطار العريش ( او الاسماعيلية ) قد يكون مطارا مؤقتا لاهل قطاع غزة الى حين حل المشكلة جذريا.
واللافت للانتباه أن كل هذه المفاوضات تدور دون شرط موافقة السلطة ولا شرط موافقة الرئيس عباس عليها، ما يعني أن منظمة التحرير لا تشارك في هذه المفاوضات رغم أنها حاضرة في القاهرة كعضو مراقب، بل ان المبعوث الدولي ملادينوف هو الذي يقود هذه المفاوضات دون التنسيق مع حكومة الحمد الله.
بعض الجهات قامت بتسريب أنباء تفيد ان إسرائيل قد تتوقف عن تسليم أموال المقاصة لحكومة د.رامي الحمد الله وسوف تستخدمها لدفع رواتب الموظفين في غزة، وأن السفير القطري العماي يشارك في هذه المفاوضات بشكل منفرد تماما عن المسار المصري. ولكن هذه المعلومات لا تحصل على اية تأكيدات..
مسار المفاوضات عن طريق ملادينوف
ومسار المفاوضات عن طريق السفير القطري
ومسار المفاوضات ألاكثر جدية عن طريق القاهرة
صمت تل أبيب، وصمت رام الله، وصمت امريكا، وصمت الوفود، وصمت الجمهور، وصمت أجهزة المخابرات، وصمت الحكومات.. كل هذا يعطي صدقا للظن ان شيئا كبيرا يحدث. وأن شهر آب سوف يكون صيفا حاسما.
معلومتنا الأولية ان الرئيس عباس سيعقد المجلس المركزي للاجتماع في رام الله في 17 – 18 آب الجاري.. وان منظمة التحرير أمام مفصل حاد ونهائي في الشأن السياسي. ووسط خلافات الفصائل وموقف الجبهة الشعبية الرافض لمواقف الرئيس عباس وخلاف فتح والجبهة الديموقراطية على حقيبة المغتربين، يتشكل الان محورين تتجاذبان القضية الفلسطينية.
صمت الاردن، وصمت السعودية يعني ان الرياض وعمّان لا تشاركان ولكنهما لا تعارضان محاولة السيسي. ما يعيد الكرة الى ملعب الرئيس السيسي وهل يملك رؤية لكل هذه الازمات؟
السيسي الذي يتعرض لانتقادات هائلة واستهداف لا يتوقف عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لم يتأثر من هذه الحملات ويثبت كل يوم انه من أخطر وأذكى القادة العرب المعاصرين، هو ليس جمال عبد الناصر، وقد يكون السيسي من أصحاب مدرسة الرئيس محمد أنور السادات. وهو يخطط لشي كبير جدا جدا على مستوى المنطقة وعلى مستوى الاقليم.
د. ناصر اللحام
اقرأ للكاتب :
ناصر اللحام يكتب : حين سقط الخط الأحمر في الخان الأحمر