خبير سويسري: القانون الإسرائيلي الجديد مُخالف للقانون الدولي
سياسة – التلغراف : اهتمت الصحف السويسرية الصادرة هذا الأسبوع بالتداعيات المترتبة عن إقرار الكنيست الإسرائيلي قبل بضعة أسابيع لقانون أساسي جديد مثير للجدل ينص على اعتبار إسرائيل “دولة قومية للشعب اليهودي”، كما تابعت التطورات المأساوية للحرب الدامية المستمرة منذ ثلاثة أعوام ونيف في اليمن.
في عددها الصادر يوم 9 أغسطس الجاري، أجرت صحيفة “لوتون” الصادرة بالفرنسية في لوزان حوارا مع مارسيلو كوهينرابط خارجي، أستاذ القانون الدولي في معهد جنيف للدراسات الدولية حول القانون المثير لجدل واسع داخل الدولة العبرية وخارجها المُصادق عليه مؤخرا من طرف الكنيست الإسرائيلي بأغلبية محدودة والذي يعتبر إسرائيل “الدولة القومية للشعب اليهودي”.
كوهين اعتبر أن “هذا القانون الأساسي يُشبه مُراجعة لإعلان الإستقلال الذي وضع، قبل سبعين عاما، الأسس التي قامت عليها الدولة باعتبارها دولة يهودية تضمن المساواة لجميع مواطنيها. أما اليوم، فإن هذه (النزعة) التحريفية révisionniste تكشف عن أجندة سياسية حزبية بديهية جدا لن تزيد إلا في مفاقمة خطورة الوضعية (المتعلقة بـ) وجود دولة يهودية وديمقراطية، وعدم احترام القانون الدولي، والتسوية السلمية والسريعة للصراع الإسرائيلي الفلسطيني”.
ثلاث إشكاليات
في الوقت نفسه، يُثير التشريع الجديد بحسب مارسيلو كوهين ثلاث إشكاليات كبرى على مستوى القانون الدولي “تتعلق الأولى بالمبدإ الأساسي الثالث الوارد في هذا القانون الأساسي والذي ينص حرفيا على أن “الحق في ممارسة تقرير المصير في دولة إسرائيل حكر على الشعب اليهودي”. ذلك أن مفهوم تعبيرة “الشعب اليهودي” المستخدمة تظل غامضة. فالنقطة السادسة من نفس القانون تُحيل إلى “صلة (دولة إسرائيل) بالشعب اليهودي”. وهكذا تُشير النقطة السادسة إلى الشعب اليهودي بمعنى “شعب إسرائيل” Klal Israel، أي إلى اليهود بوصفهم جماعة (أو طائفة)، سواء كانوا يعيشون في دولة إسرائيل أو في الشتات”. لذلك تساءل أستاذ القانون الدولي في معهد جنيف للدراسات الدولية: “فمن هم إذن أصحاب “الحق في ممارسة تقرير المصير القومي في دولة إسرائيل” الوارد في المبدإ الأساسي الثالث؟ السكان اليهود للدولة أم جميع اليهود في العالم؟”.
غير أن المسألة الحرجة التي يُثيرها هذا البند تظل متمثلة حسب كوهين في “استبعاد جزء مهم من السكان الإسرائيليين من ممارسة حق تقرير المصير. فدولة إسرائيل دولة يهودية حسب تعريفها، كما أقرّ بذلك القرار رقم 181 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، الذي كان ينص على إنشاء دولتين فوق الأراضي المشمولة بانتداب فلسطين (من طرف بريطانيا، التحرير). مع ذلك، تتشكل دولة إسرائيل من أغلبية يهودية وأقليات عربية ودرزية وبدوية. وفي الدول المستقلة الموجودة (اليوم)، يحق لكافة سكان الدولة التمتع بتقرير مصيرهم. لذلك، يحق للشعب الإسرائيلي برمته، بهذه التركيبة، التمتع بالحق في تقرير المصير”، على حد قول أستاذ القانون الدولي.
بخصوص الإشكاليّتيْن الأخرييْن المثارتيْن على مستوى القانون الدولي، ذكّر مارسيلو كوهين بأن “المجتمع الدولي وخاصة من خلال قرار مجلس الأمن الدولي رقم 478 (صدر سنة 1980) لا يقبل بأن تكون “القدس الكاملة والمُوحّدة” عاصمة لدولة إسرائيل (كما تنص على ذلك النقطة الثالثة من القانون الأساسي)”، وتبعا لذلك، فإن هذا البند يُشكل “عقبة إضافية بوجه تسوية سلمية للصراع الإسرائيلي – الفلسطيني”، على حد قوله.
أخيرا، لفت الخبير السويسري إلى مسألة “المستوطنات اليهودية”، حيث ورد في النقطة السابعة من القانون الأساسي المثير للجدل أن “الدولة تعتبر تنمية الإستيطان اليهودي قيمة وطنية وسوف تعمل على تشجيع وتطوير إنشائه وتوطيده”، وبالنظر إلى أن الغموض في سياق الممارسة الحالية لحكومة نتنياهو يفتح الطريق بوجه اعتبار هذه الإشارة إلى “المستوطنات” شاملة للمستوطنات (المُقامة) فوق الأراضي الفلسطينية المحتلة، والتي تُعتبر أيضا غير شرعيّة من قبل المجتمع الدولي بأكمله”، كما يقول مارسيلو كوهين.
ردّة فعل الأقلية الدرزية
في عددها الصادر يوم 6 أغسطس الجاري، خصّصت إنغا روغ، مراسلة صحيفة “نويه تسورخر تسايتونغ” في إستانبول زاوية للحديث عن قانون الدولة القوميّة في إسرائيل وعن معارضة الأقلّيّات الدّرزيّة هناك للتشريع الجديد وأيضاً عن تمسّك رئيس الوزراء الإسرائيّليّ نتنياهو به لأنه “من غير الممكن الحفاظ على الهويّة اليهوديّة لدولة إسرائيل القوميّة من أجل أجيال المستقبل”، على حد قوله. وفيما تحدّثت الصّحيفة الصادرة بالألمانية في زيورخ عن احتفالات اليمينيّين في إسرائيل بهذا القانون، أشارت أيضا إلى “احتجاجات ومعارضة كبيرة له في أوساط اليسار والأقلّيّات، باعتباره يفتح كلّ الأبواب بوجه التّمييز العنصريّ، ويتعارض مع إعلان الإستقلال الذي نصّ على أنّ إسرائيل ليست فقط دولة يهوديّة ولكن أيضاً ديمقراطيّة”. كما أشارت الصّحيفة إلى أنّ اهتمام نتنياهو “مُنصبّ على المعارضة الدّرزيّة وعلى التّخلّص منها بشتّى الوسائل”.
في السياق، نقلت نويه تسورخر تسايتونغ عن الشيخ موفق طريف، الزّعيم الرّوحي للطائفة الدرزية تأكيده على أنّه “لا أحد يستطيع أن ينظّر عليهم عن الولاء للدولة، فمقابر الجنود من الدروز شاهدة عليه”، وأضاف قائلا: “على الرّغم من ولائنا لكامل، فإن الدولة لا تتعامل معنا بمساواة”. ومن أجل تهدئة الوضع، اجتمع نتنياهو مع ممثّلين عن الدروز من بينهم العميد المتقاعد أمل أسعد، الذي يمثّل صوتاً مرتفعاً في حركة المعارضة ويصف القانون الجديد بأنّه “عنصريّ تمييزي”. ونقلت الصّحيفة عن الإعلام الإسرائيلي بأنّ هذا اللّقاء قد انتهى بالفشل وعن خروج نتنياهو منه مسرعاً، ذلك أنّ أمل أسعد قد رفض التّراجع عن وصف القانون بـ “العنصريّة”. مع العلم، بأن نتنياهو لا يزال يرفض النّقد المُوجّه لهذا القانون، بل يعتبر أنّه “يُساعد على الحدّ من انتقال الفلسطينيّين إلى إسرائيل مُستفيدين من بند لمّ شمل العائلة في اتّفاقيّة أوسلو”. جدير بالذكر أنّ أغلبيّة الدروز رفضت الأسبوع الماضي قانوناً يشدّد بشكل منفرد على ولائهم هم. ونقلت الصّحيفة عن نتنياهو تشديده على أنّ الحكومة “ستتعامل مع كل الدّيانات والجماعات التي تخدم في الجيش الإسرائيليّ بكل احترام”.
الحرب في اليمن لا تُلقي بالاً للمدنيّين
تحت عنوان “هجوم سعوديّ يُصيب حافلة مدرسيّة”، تناولت صحيفة نويه تسورخر تسايتونغ في عددها الصادر يوم 10 أغسطس الجاري، نبأ الهجمات التي شهدتها منطقة صعدة في اليمن، والتي أدّت إلى قتل وإصابة العشرات من المدنيّين من بينهم العديد من الأطفال. وقد أكّد مدير بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في اليمن هذا الخبر، ونبأ وصول المصابين والقتلى إلى المستشفيات التي تتلقّى الدّعم من اللجنة، لكنه لم يتحدّث عن الجهات التي نفّذت الهجمات وذلك “توافقاً مع سياسة الصليب الأحمر في التّعامل مع هذه الأمور”.
وبحسب ما جاء في الصّحيفة، أكّد التّحالف العربي المؤلّف من السّعوديّة والإمارات العربيّة المتّحدة وحلفائها حصول هذا الهجوم، فيما حمّل السعوديون الحوثيّين (المدعومين من قبل إيران والذين يقاومون قوات التّحالف) مسؤوليّة إصابة الحافلة المدرسيّة في هذا الهجوم، ونقلت الصحيفة عن النقيب تركي المالكي، المتحدث باسم التحالف العربي بأن الحوثيّين هم المسؤولون عن سقوط هذه الضّحايا، وإنّ الهجمات قد استهدفت شحنة صواريخ كانت متّجهة إلى نقاط قريبة من المملكة السّعوديّة بهدف إطلاقها باتّجاه أراضي المملكة.
من جهة أخرى، ذكّرت الصحيفة بما ورد في تقرير للأمم المتّحدة عن تسليح إيران للحوثيّين بالصواريخ الباليستيّة ونفي طهران لذلك وادّعائها بأنّ ذلك الصنف من الأسلحة يأتي ممّا وصل إلى أيدي المدنيّين من مُدّخرات الجيش اليمنيّ. وفي نهاية المطاف، شدّدت المراسلة على أنّ “من يتحمّل عواقب هذا الصّراع المسلّح بين التّحالف والحوثيّين هم المدنيّون”.