دانييلا القرعان تكتب: هل أصبح التطبيع مع إسرائيل وباء يجتاح المنطقة؟

“إرادة الشعوب العربية غير قابلة للتطبيع”

بداية التطبيع هو إطار رسمي للحكومات التي تعقد اتفاقات او تحالفات مع العدو الصهيوني وإن محاولات التحالف والتطبيع الذي تقوده بعض الحكومات أو بعض سياسي تلك الحكومات ما هي الا محاولات بائسة وطموحات فاشلة لسياسيين لا يتقنون الا لعبة الفشل، وبخطوات متسارعة تسعى الحكومات المطبعة مع الكيان الصهيوني لتنفيذ اتفاقاتها فيما يقتنص الكيان الفرصة جاهدا لزيادة اعداد المنضمين الى حظيرة التطبيع سواء بالضغط او التغريب، ومن المؤكد ان اتفاقات وسياسات التطبيع التي يسعى الكيان الصهيوني لإبرامها إنما تصب أولا وأخيرا لمصلحة المحتل الإسرائيلي ولن يجني المطبع أي ثمرة مفيدة منها.

إن المشهد العربي الآن مؤلم وحزين خصوصا بعد التهافت العربي للتطبيع وذلك خدمة مجانية لحملة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الانتخابية فيما سبق ولإنقاذ رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو المتورط في قضايا الفساد والانتهاكات غير الإنسانية ضد الشعب الفلسطيني.

إن الهرولة للتطبيع مع العدو الصهيوني للأسف انما تأتي من قبل الحكام الذين لا يمثلون إرادة شعبهم، وإن الشعوب العربية ستقف دائما معلنه رفضها للتطبيع، والكثير من الشعوب لديها وعي وثقافة سياسية لم تتغير رغم توجهات حكامهم وللأسف هنالك الكثير من الشعوب تصرح من خلال رفضها للتطبيع وفي ظل غياب برلمان حقيقي يعبر عن رأيهم لافتين أيضا الى انه لم تجر في أي من الدول المطبعة استفتاء شعبي حول التطبيع، كما ان المخابرات الامريكية والصهيونية مدركه انه تطبيع شكلي مع الأنظمة وحكام لا يمثلون إرادة شعبهم.

إن أخطر قرار في عملية التطبيع هو حرية التنقل ورفع التأشيرة بين الطرفين، ونلفت النظر لنقطة هامة الى ان العرب من جنسيات مختلفة يحتاجون لتأشيرة الدخول الى دول أخرى وهي صعبة المنال بالنسبة لهم، فالأولى ان تطبع البلدان المطبعة مع الكيان الصهيوني مع العرب وتسمح لهم بدخول بلادها دون تأشيرة دخول.

يمكن القول ان المشهد الحالي يتمثل في هرولة عربية نحو التطبيع، كما كشف الكيان الصهيوني عن أسماء الحكام الذين تقرر منحهم جائزة “أصدقاء إسرائيل” والتي يطلق عليها اسم صهيون، في حين تقف جماهير الشعوب العربية معلنه رفضها لهذا التطبيع رغم القمع الذي تفرضه عليها حكام هذه الأنظمة.

“إرادة الشعوب العربية غير قابلة للتطبيع” هنالك مؤشر مهم وجوهري يؤكد على ان القضية الفلسطينية ما زالت حاضرة في الوجدان العربي، على الرغم من المحاولات الإعلامية والسياسية الرسمية إقليميا ودوليا التي روجت وتروج ان القضية الفلسطينية تغيب عن الوجدان العربي ولم تعد أولوية عربية، ربما خفت بريق القضية في عروش بعض الرسميات العربية إلا ان الرهان الحقيقي هو أن الشعوب والجماهير العربية هي صاحبة الإرادة الحقيقية في رفض كافة سياسات التطبيع وقرار الضم وصفقة القرن، والشعوب العربية الحرة وصاحبة الإرادة الحقيقية ما زالت تخلد فلسطين كقضية عروبية في الثقافة والوعي والذاكرة والتاريخ.

نعيش في زمن تشهد فيه المنطقة العربية مظاهر تطبيع مع إسرائيل العدو الصهيوني السرطاني بدرجة غير مسبوقة بشكل علني ومهين من قبل بعض الأنظمة والحكومات التي لا تربطها علاقات معلنة سابقا مع الكيان الصهيوني، في ظل حالة من الضعف والصراعات التي تمر بها بعض الدول العربية واستمرار الرفض الشعبي العربي للتطبيع.

أبت الشعوب العربية إلا ان تقول كلمتها الحرة معلنة رفضها التام لبناء أي شكل من العلاقات مع الكيان الصهيوني المغتصب وهو انجاز يعكس حالة الوعي الكبيرة التي تتحلى بها الشعوب العربية، ونقول ان كل من قرر التنازل عن ارض فلسطين وحق شعبها في بناء دولته المستقلة وعاصمتها القدس لا يمثل الشعوب العربية.

إن وباء التطبيع الذي يجتاح المنطقة العربية بشكل سافر واستفزازي يعد أكثر خطورة وكارثية من وباء كورونا حيث موجة الأخير في طريقها الى التراجع والانحسار وللأسف آثار وتكاليف التطبيع ستكون أكثر فداحة؛ لأنها تمس نسيج الامة وتاريخها وتطيح بالكثير من عوامل صمودها واستمرارها في ظل الموجة الراهنة من الحروب الجديدة التي تقودها الحركة الامريكية الصهيونية على نحو ينذر بما هو أخطر من مجرد تعريب وباء التطبيع الذي يجب التصدي له قبل ان يتجذر ويقوى عود الخوارج الجدد.

اقرأ ايضاً

ناصر اللحام يكتب: لو طبعت كل دول العرب والمسلمين.. لظلت اسرائيل خائفة

شكرا للتعليق على الموضوع