اَلْمَاعِزَةْ “قِصَّةٌ قَصِيرةْ”

تاليف الشاعر والروائي المصري: محسن  عبد المعطي

اَلْوَلَدُ (سَامِي) وَلَدٌ طَـيِّبُ الْقَلْبِ يُحِبُّ جَمِيعَ مَخْـلُوقَاتِ اللَّهِ ، يُحِبُّ الْإِنْسَانَ وَالْحَيَوَانَ وَالطُّـيُورَ وَالنَّـبَاتَ وَالْحَشَرَاتِ ، تَعَـلَّمَ مِنْ أَبِيهِ أَنْ يَكُونَ رَحِيماً ، حَـتَّى بِأَغْصَانِ الشَّجَرِ كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ يَقْطَعُ غُصْناً مِنْ شَجَرَةِ صَفْصَافٍ دُونَ أَنْ تَكُونَ لَهُ مَصْـلَحَةٌ فِي ذَلِكَ ، فَعَاتَـبَهُ أَبـُوهُ قَائِلاً :

أَلَمْ تَسْمَعْ قَوْلَ الشَّاعِرِ الْكَبِيرِ أ .د /(محمد رجب البيومي) وَهُوَ يَقُولَ : اِرْحَمِ الْغُصْنَ لاَ تَنَلْهُ بِسُوءٍ، قَدْ يُحِسُّ النَّـبَاتُ كَالْإِنْسَانِ، قَالَ (سَامِي):

أَجَلْ يَا أَبِي ، إِنَّهُ شَاعِرٌ جَمِيلُ الْمَشَاعِرِ، وَلكِنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَنَا هَذِهِ الْأَشْجَارَ لِمَـنْـفَعَتِنَا، قَالَ الْأَبُ : عِنْدَمَا تَكُونَ هُنَاكَ مَنْفَعَةٌ ، اقْطَعْ مَا شِئْتَ ،تَلَفَّتَ (سَامِي)فَإِذَا بِقَطِيعٍ مِنَ الْأَغْـنَامِ وَالْمِعَازِ وَالرَّاعِي يَتَوَقَّفُ وَيُلْقِي عَـلَـى وَالِدِ (سَامِي)السَّلاَمَ وَيُسَلِّمُ عَلَيْهِ وَيَسْـتَـأْذِنُهُ فِي قَطْعِ بَعْضِ فُرُوعِ الصَّفْصَافِ الصَّغِيرَةِ فَـأَذِنَ لَهُ اَلْوَالِدُ ، وَوَضَعَ الرَّاعِي الْفُرَوعَ أَمَامَ الْأَغْـنَامِ وَالْمَوَاعِزِ فَـأَكَـلَـتْهَا عَنْ بُكْـرَةِ أَبِيهَا ، لَحْظَـتَهَا قَالَ (سَامِي) فِي نَفْسِهِ :

وَجَدْتـُهَا، أَشْـتَرِي مَاعِزَةً وَأُطْعِمُهَا كَمَا أُرِيدُ ، صَفْصَافاً، حَشَائِشَ ، بَرْسِيماً عَشَّشَتِ الْفِكْـرَةُ فِي ذِهْنِ (سَامِي)، فَـأَخْـبَرَ وَالِدَهُ بِـهَذِهِ الْأُمْنِيَةِ الْغَالِيَةِ،فَقَالَ لَهُ أَبـُوهُ : غَاوِي تَرْبِيَةَ مَوَاعِزَ يَا (سَامِي) ؟ قَالَ (سَامِي) :

 نَعَمْ يَا أَبِي أَرْجُوكَ ، أُرِيدُ أَنْ أَشْتَرِي مَاعِزَةً  قَالَ أَبـُوهُ ؟ بَسِيطَةٌ يَا سَـيِّدِي ( الزَّرِيبَةُ ) فِي الْـبَيْتِ وَاسِعَةٌ ، وَالْمَرْبــَطُ فِي الْغَيْطِ مَا شَاءَ اللَّهُ ، مَـلْعَبُ كُرَةٍ ، وَسُوقُ الثُّلاَثَاءِ غَداً نَشْـتَرِي اَلْمَاعِزَةَ ، مَـبْسُوطٌ يَا (سَامِي)؟! ، ضَحِكَ (سَامِي) و قَالَ :

رَبـَّـنَا يُخَلِّيكَ لَـنَا يَا بَاشَا يَا سَـيِّدَ الْكُلِّ، أَخَذَ (سَامِي) يُوَالِي اَلْمَاعِزَةَ بِالطَّعَامِ  وَالشَّـرَابِ حَـتَّى كَـبُرَتِ اَلْمَاعِزَةُ، و قَالَتِ الْأُمُّ : يَجِبُ عَـلَـيْكَ يَا (سَامِي) أَنْ تَـأْخُذَ اَلْمَاعِزَةَ يَوْمِيًّا إِلَى جِدْيِ خَالَتِكَ نَفِيسَةَ حَـتَّى يُـلَـقِّحَهَا، كُلَّ يَوْمٍ يَـأْخُذُ (سَامِي) اَلْمَاعِزَةَ لِلْجِدْيِ حَـتَّى قَالَ له (مِغَاوْرِي) ابْنُ الْخَالَةِ نَفِيسَةَ ، مَـبْرُوكٌ يَا (سَامِي) سَـتُصْبِحُ مِنَ الْأَثـْرِيَاءِ، وَبَعْدَ فَـتْـرَةٍ مِنَ الزَّمَنِ وَلَّدَ (سَامِي) اَلْمَاعِزَةَ فَـأَنْجَـبَتْ جِدْياً وَمِاعِزَتـَـيْنِ ، قَالَ لَهُ الْأَبُ :

 لَقَدْ تَـأَكَّدْتُ الْآنَ يَا (سَامِي) مِنْ شَغَفِكَ بِتَرْبِيَةِ الْمِعَازِ وَلِذَا سَـأُخَصِّصُ لَكَ ( زَرِيبَةً ) كَامِلَةً تُرَبِّي فِيهَا مَا شِئْتَ، بَرَكَاتُكَ يَا سَيِّدِي، وَأَصْـبَحَ لَدَى (سَامِي) قَطِيعاً كَبِيراً مِنَ الْأَغْـنَامِ وَالْمَوَاعِزِ ، ذَاتَ يَوْمٍ احْـتَاجَ وَالِدُهُ شَاةً لِعَمَلِ خَاتِمَةٍ لِأَهْلِ اللَّهِ فَطَـلَبَ مِنْ (سَامِي) شَاةً سَمِينَةً، قَالَ (سَامِي) :

خُذْ مَا شِئْتَ يَا أَبِي ، قَالَ الْأَبُ : كُـلُّـهُ بِفُلُوسِهِ ، قَالَ (سَامِي): مَاذَا تَعْنِي يَا وَالِدِي ؟! قَالَ الْأَبُ :أُعْطِيكَ الثَّمَنَ يَا وَلَدِي وَأَنَا سَعِيدٌ أَنَّ ابْنِي أَصْـبَحَ ثَرِيًّا ، وَأَنْتَ أَوْلـَى مِنَ الْغَرِيبِ ، قَالَ (سَامِي) : يَا أَبِي  لَقَدْ تَعَـلَّمْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى الَّلهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمْ أَنَّ الْوَلَدَ وَمَالَهُ لِأَبِيهِ ، قَالَ الْوَالِدُ :

بَارَكَ اللَّهُ فِيكَ وَفِي مَعِزِكَ وَأَغْـنَامِكَ وَعُمِلَتِ الْخَاتِمَةُ وَحَضَرَ فِيهَا الْفُقَهَاءُ وَحَفَظَةُ الْقُرْآنِ وَقَرَأَ كُلُّ شَيْخٍ رُبْعاً وَلَمَّا انْـتَهَوْا دَعَوْا (لِسَامِيَ)وَعَائِلَتِهِ بِالْخَيْرِ وَالْـبَرَكَةِ وَأَصْـبَحَ (سَامِي) مِنَ الْأَثـْرِيَاءِ الْمَعْدُودِينَ عَـلَـى الْأَصَابِعِ بِجِدِّهِ وَعَمَلِهِ الطَّـيِّبِ وَحُسْنِ تَفْكِيرِهِ وَبَرَكَةِ دُعَاءِ الْوَالِدَيْنِ .

اقرأ ايضاً

الطاعن في السعال “قصة قصيرة”

شكرا للتعليق على الموضوع