مدحت محى الدين يكتب : شعار الحكومة “مفيش محو للأمية.. فيه محو للذرية”!

انشغل الرأي العام في الفترة الأخيرة بقضية خالد يوسف التي ليس لها أي معنى ولا أي قيمة والتهى بها المواطن المصري عن الكارثة التي يريد تطبيقها بعض المسئولين المحسوبين على نظام مبارك ليدفعوا مصر إلى الهاوية، منذ سنوات عدة ونحن نسمع من مبارك ومسئوليه، عن أن السبب في تردى مصر على جميع المستويات الاقتصادية والتعليمية والاجتماعية هو زيادة عدد المواليد متجاهلين أن هذا ليس هو السبب الحقيقي وإنما السبب هو فساد النظام الذي جعل شعب يعيش بـ4% من مساحة مصر والاستيلاء على موارد البلاد وجعل مواردها حصري لدول معينة، أما أبنائها فمحرومون من كل شيء، محرومون من خيرها، محرومون من العدالة الاجتماعية، محرومون من العيش الكريم والآن هناك دعوات ليكونوا محرومون من البنون أيضًا.

منذ أيام قليلة أعلن اللواء أبو بكر الجندي رئيس الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء عن بلوغ عدد سكان مصر لـ90 مليون نسمة وصرح بعدة تصريحات عن انتقاده لبلوغ المواطنين لمثل هذا العدد وأن عدد المواليد بمصر أكثر من مواليد فرنسا وإنجلترا وإيطاليا وألمانيا مجتمعين  وأن الزيادة السكانية تعطل تنمية البلاد وأن 7.7% فقط من مساحة مصر هي المأهولة بالسكان وأن المحافظات الأكثر فقرا هي الأكثر إنجابًا واستشهد بنموذج الصين الذي طبق سياسة الطفل الواحد وإيران التي خضع رجالها للتعقيم لتحديد النسل!.

وأقف أمام هذه التصريحات أولا لماذا دائمًا يقارن المسئولون مصر التي هي من دول العالم الثالث بدول العالم الأول مثل فرنسا وألمانيا فقط في الزيادة السكانية ولا يقارنوا بها أبدًا في موضوعات مثل التعليم والصحة والحقوق التي يحصل عليها المواطن في هذه البلاد؟!.

ثانيًا: لماذا يصنفون الزيادة السكانية بأنها الفرامل التي تعطل تنمية البلاد لماذا لا تكون الوقود الذي سيحقق التنمية؟!، كل البلاد المتقدمة تتعامل مع مواطنيها على أنهم موارد بشرية ويستفيدون من عملهم ومن مجهوداتهم.

ثالثًا: 7.7%من مساحة مصر هي المأهولة للسكان حسب تصريحات المسئولين إذن غلطة من هذه؟!، لماذا لم يتم إعمار الصحراء؟!، لماذا الحكومة مقصرة ولا تبذل أي جهود حقيقية وملموسة للقضاء على المركزية التي تسببت بترك أبناء المحافظات لمحافظاتهم والتكدس في القاهرة والإسكندرية؟!.

رابعًا: المحافظات الأكثر فقرًا هي الأكثر إنجابًا وهنا أسأل المسئولين عن الأسباب الحقيقية وراء ذلك؟!، هل السبب هو البطالة أم استغلال الأطفال في العمالة؟!، أم السبب هو شعور الناس بقلة الأمان فوجدوه في زيادة عدد البنون؟، أين الدراسات التي تمت عن هذا الموضوع؟، عندما يطالب المسئولون الفقراء بخفض عدد مواليدهم دون بحث الأسباب التي أدت إلى ذلك ودون حل مشاكلهم فكأنك تحرمهم من النعمة الوحيدة التي يملكونها في هذا البلد وكأنك تقول لهم “لا مال ولا بنون”.

خامسًا: الاستشهاد بنموذج الصين وإيران اللتان طبقتا سياسات لتحديد النسل أدى إلى اختلال رهيب في هاتين البلدين مما أدى إلى إلغائهم لسياسة تطبيق الطفل الواحد.

المضحك المبكى أن د/أحمد عماد وزير الصحة سيعقد مؤتمرًا يوم الأحد القادم للإعلان عن خطة الوزارة لخفض المواليد وشعاره “حلمنا وهنحققه صحة ولدى تبنى بلدي” أي صحة؟!، وزير الصحة الذي تم الغاء تعاقده مع أحد المستشفيات قبل أن يصبح وزيرًا لأنه رفض إجراء عملية جراحية لمريض قبل أن يتقاضى أجره أولًا، وزير يتعامل بتعالي مع المواطنين يقرر عمل مؤتمر ليعلن فيه عن جريمة يريد الترويج لها، جريمة ارتكبت في بلاد اعترفت بخطاها ويريد منا ارتكاب نفس الجريمة.

الله سبحانه وتعالى أمرنا بعبادته وإعمار الكون، والإعمار يكون بالعمل والتكاثر، ليس معنى هذا أن ننجب بلا حساب ولكن خير الأمور الوسط، على الحكومة أن تعمل وأن تتوقف عن إهدار الوقت، عليها أن تعي دورها الحقيقي، دور الحكومة هو تحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين وليس تحسين أوضاع المسئولين الشخصية، دور الحكومة هو جعل موارد البلد وخيراتها في أيدى مواطنيها وتحقيق العدالة لهم.

اقرأ للكاتب : 

مدحت محى الدين يكتب : تبوير الأرض الزراعية جريمة يسجن مرتكبها

شكرا للتعليق على الموضوع

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *