مصطفى التوني يكتب: القوة الغاشمة أخر مفاوضات سد النهضة
ليس معنى أن تؤكد مصر حق الجارة اثيوبيا في التنمية والتقدم أن يتم ذلك على حساب المساس بحق مصر في مياه النيل موقف اتخذناه يجب أن يحسب لنا لا علينا هذا إذا كانت إثيوبيا تعي معنى التقدير للمواقف.
قبلت مصر الجلوس على طاولة المفاوضات رغم علمها أن قضية السد مخطط للضغط عليها لتقديم تنازلات سياسية في عدة ملفات تهم إسرائيل، وإثيوبيا نفسها تعلم ان سد النهضة هندسيا لن يصمد كثيرا وحتمية انهياره في خلال ثلاث سنوات علي الحد الأقصى لوجود فوالق نشطة تحت الأرض المبني عليها علاوة على وزن السد نفسه ووزن المياه المخزنة والتي سوف تقدر بمائه مليار طن علي اقل تقدير في مساحة خزان محدود خلف السد ومضافا إليها سرعة وشدة جرف الفيضان والمحمل بالطمى ولهذا سوف يكون انهياره شبة مؤكد في خلال ثلاث دورات فيضان علي اقصي تقدير.
إثيوبيا ايضاً تعلم ان بُعد السد عن أديس أبابا ١٢٠٠ كيلوا متر وعن حدود السودان ١٨ كيلومتر يعني استحالة توصيل كهرباء من السد إلى الداخل الإثيوبي خاصة أن ارتفاعات الجبال تصل الى ٦ آلاف متر ويتكلف عشرات الأضعاف من تكلفة بناء السد نفسه .
حتى الجدوى الاقتصادي التي تدعى إثيوبيا بناء السد من أجلها وهي تسويق الكهرباء الى دول الجوار أصبحت غير مجزية بعد خروج تنزانيا كعميل مستهدف، بعد بناء سدها المشروع على يد شركة المقاولون العرب، وبالنسبة للسودان فقد قامت مصر مؤخراً بالاتفاق مع السودان بمدها بالغاز والكهرباء و بامتيازات لا تقارن بما هو معروض من الجانب الأثيوبي.
إن حقوق مصر في مياه النيل والمدعومة باتفاقيات ومعاهدات دولية هي مسألة حياة أو موت باعتبار أن المياه هي شريان الحياة لمصر والمصريين والعامل الرئيسي لقيام الزراعة في مصر والتي من المستحيل أن يستغني الفلاح المصري عنها؛ ولن تكون ميوعة الموقف من الجانب الأثيوبي تجاه هذا الملف إجباراً للجانب المصري على الاستسلام ورفع الراية البيضاء أمام هذا العدوان الذي يريد أن يسلب المصريين حقهم في مياه النيل ،وما دامت المفاوضات لا تصل إلى حلول فلمصر حق اللجوء إلى كل الوسائل التي من شأنها دفع أي أخطار تتسبب في الإضرار بحصة مصر في مياه النيل وأعتقد أن المواثيق الدولية تعطى مصر الحق في الدفاع عن نفسها حال تعرض أمنها القومي للمخاطر خاصة بعد استنفاذ كافة الحلول السلمية والتي تقريباً تم استنفاذها جميعاً.
أخشى أن تظن إثيوبيا أن صبر مصر على المفاوضات والتي لا تأتي بنتائج إيجابية وسلوكها الطرق السلمية في التعامل مع هذا الملف هو ضعف منها، كلا إنما هو احترام لحقوق الآخرين طالما لم ينتج عنه ضرر على حقوقنا أما إذا حدث الضرر فرد مصر سيكون أقوى ولعلهم يتابعون في هذه الأيام احتفالات مصر بنصر أكتوبر التي كان سببها الاعتداء على حق من حقوقنا!
على إثيوبيا أن تعي أننا نعلم أن سعيها لتكرار المفاوضات حول سد النهضة هو سعي لفرض أمر واقع على مصر ومصر لا تسمح لأحد ان يضعها امام الامر الواقع، وقد استفذنا كل أوراق الضغط لمواجهة “التعنت الإثيوبي” في عمليات التفاوض؛ وقد اقترب موعد نفاد الصبر وكما تعلمون ان للصبر عند المصريين حدود وأن المسألة صارت مسألة حياة أو موت.
اقرأ للكاتب
مصطفى التوني يكتب: لك الله يا قدس!!!