جمال هريدي يكتب: اكتب اليكم

 مابين الواجب العام والوصول إلى الإكتفاء الذاتى وفيما يخص الشأن الخاص تطفوا على السطح دائما ظاهرة الخوف وهى بكل تأكيد بديلا قاهرا لضياع الإيمان فى القلوب والضمائر ، ونذير سوء ، يحيل الإنسان إلى منطقة مظلمة من الحزن العميق لا قرار له فيه ؟

الخوف الذى يطارده فى كل مكان أينما إتجه وحيثما وضع قدماه أو خطاه ، وبطبيعة الحال هذا الشخص نفسه نبذ نفسه خارج رحمة الله وأمنه وبالتالى أصبح الخوف ينتظره فى كل مكان هنا وهناك ، فهو يخاف الموت لأنه النهاية المفجعة لحياة غير سعيدة ، نهاية ما بعدها إلا الزوال والفناء والتحلل .. وهو فى نفس الوقت يخاف الحياة لأنها تنذره فى كل فيمتو ثانية بوقوع كارثة أو مصيبة كبرى .. وهو يخاف الآخرين لأن الحقد والكراهية قد أجبرت كل الناس على تسليم أنفسهم بالمسدسات والسكاكين والقنابل ، وهم مستعدون فى أى لحظة وفى كل لحظة لقطع رقبة أو تقطيع جسد أو تحطيم رأس ، إذا ما أحسوا فى داخلهم وفى أنفسهم أن هذا الإنسان ..أو هذا ..أو ذاك يهدد أهدافه ومصالحه وأمنه المفقود.. هو يخاف النظم ، يخاف الحاكم ، يخاف القوانين تلك التى فرضت عليه السلاسل والأسلاك والأغلال بالحق والباطل لأن رؤية مطالبه ستطيح برأسه .. أو على الأقل ستبعده عن أهله وأقاربه وأصدقائه وأحبابه وتلقى به بعيد فى المعتقل أو الظلمات وهو يخاف الطاغى والطغيان ..

لا يستطيع أن يقف بوجه الطاغى الظالم ليقول له بكل حرية أنت طاغى أو أنت ظالم يا ظالم .. لأنه يخاف فليس هناك من يحميه .. بل هنالك دائما وأبدا وفى كل مكان ..الشوارع والحوارى والنواصى والزقاق ..الجواسيس والمخبرين الذين يسلمونه تسليم أهالى ليد الطغيان (أعى ما أكتب) .. جواسيس فى بيته وفى شارعه وفى عمارته وفى زقاقه الذى يجتازه ، فى الشارع الذى يسير فيه . فى النادى الذى يذهب إليه ويقضى فيه ساعات فراغه .. ثم هو يخاف من نفسه .. من حياته ذاتها ..إنها الفرصة الوحيدة ..المجال الذى يجب أن يرى فى فيه شخصيته بكل أبعادها ..هى الساحة التى يحب أن يجتاز كل أطرافها ..النادى الذى يجب أن يأكل  كل أطعمته ..

إنها الفرصة الوحيدة وما بعدها فناء .. وهو خائف ومذعور ..خائف أن تفلت من يديه لذة من اللذات ، مشهد من المشاهد، صوت من الأصوات .. يبرز القلق من قراره ذاته (والأمثلة اليومية أمامنا كثيرة)، يتفجر الخوف من أعماق أعماقه وهو نفسه يريد أن يدفعه أو يخرجه من الأعماق ويسلمه للخارج (أعى ما أكتب) أن يكنسه من وجوده كنسا ، لكن خوفه من الفشل يشله ويوقفه ، فيصبح عالمه الباطنى العميق ساحة شاسعة للمخاوف والأحزان لا ينهيها إلا الموت .. وتلك للأسف هى رحلة الإنسان فى مصر الآن بشكل خاص والإنسان ربما فى كل مكان بشكل عام لأنه ولأنهم لا يؤمنون بواهب الحياة وباعث الخلود والأمن .. يعبرون ويسيرون فى طريق الدنيا وهم خائفون .. ،انى لهم السكينة والإطمئنان.

 ولحديثى بقية بإذن الله

اقرأ للكاتب

جمال هريدي يكتب: اكتب اليكم

شكرا للتعليق على الموضوع