جمال هريدي يكتب: اكتب اليكم
أكتب إليكم وفى ذهنى صورة محزنة لهذا التكالب على الأشياء ..التكالب الذى يتفجر عن نهم لا يعرف شبعا ، وظمأ لا يعرف ريا ، وجشع لا يعرف إنتهاء ..التكالب الذى أحال الكوكب الذى نعيش جميعا فيه إلى مساحات شاسعة من المزاد الكبير ، وأحاط الإنسان بسياج حديدى من الأشياء منعته من أن ينظر إلى نفسه ، أن يخاطب زوجته ويتحدث مع أولاده ، أن يرى إخوانه وأخواته وأبناء بلدته ..
الكل يلهث اليوم ، كلابا جائعة ، يركضون هنا وهناك للحصول على المزيد من الذهب من المال من الأشياء فقط لرغبة الإقتناء ، وهذه الرغبة فى التكالب هى الأفعى التى تلتهم القناعة والسكينة وتمحق الإطمئنان الروحى والصدق والتوحد الذاتى ، وتحيل الحياة إلى صراع لا نهاية له بين الإنسان ونفسه أولا ثم بينه وبين الآخرين ..
ادخلوا بيوت المصريين وأنظروا ستجدون أشياء هنا وهناك فى كل ركن متراكمة ولكنكم لن تجدوا أهل البيوت ..أدخلوا قلب المصرى ستجدون الأشياء وإنطباعات الأشياء فى زوايا اللاشعور، ولن تجدوا قلبا ولا وجدانا ولا ضميرا ..
أيها المصرى فى كل مكان إجعل من وجودك وكما كنت من آلالاف السنيين إجعل من وجودك على كوكب الأرض صرخة تحد كما كان الأجداد فى وجه هذا البؤس والطغيان المادى .. صرخة تحد فى طريق هذا التكالب على الأشياء ..
تحدثوا وقولوا لهم أن أجدادكم كانوا يبحثون عن الخلود لكن إتضحت الحقيقة المؤكدة أن القبور كانت تنتظهرهم هناك .. فقولوا للعالم وللكون إن القبور تنتظهرهم هناك فهل سيأخذون معهم سوى الأكفان … سأكتفى هذه الليلة بهذا القدر.
ولحديثى بقية بإذن الله
اقرأ للكاتب