عملية طوفان الأقصى – 7 أكتوبر 2023 وما بعدها (2 – 4)

حركة التحرر الفلسطينية – أوضاعها؟ والى اين؟

شوقي العيسة - فلسطين

تقرير: شوقي العيسة – فلسطين

لا يمكن فهم ما يجري الان ونتائجه القريبة والبعيدة، وما المطلوب فلسطينيا، دون فهم سياق القضية الفلسطينية والعوامل المؤثرة والمقررة في مسيرة الشعب الفلسطيني نحو التحرر والاستقلال.

على الجانب الاخر، الفلسطيني والعربي.

الشعب الفلسطيني الذي وجد نفسه تحت الاحتلال البريطاني بعد أربعة قرون من الاحتلال التركي العثماني، كان بلا مؤسسات حكومية وبلا جيش وبلا أحزاب سياسية، تنبه مبكرا الى موجات الهجرة اليهودية الصهيونية الى فلسطين، برعاية كاملة من الاحتلال البريطاني الذي كان اطلق وعده بتأسيس وطن قومي لليهود في فلسطين. وعززه بقرار من عصبة الأمم. حيث بدأ هذا الشعب بمحاولة التصدي للحركة الصهيونية وللاحتلال البريطاني مبكرا بعد قرار عصبة الأمم بتثبيت الاحتلال (الانتداب) البريطاني على فلسطين، لإقامة دولة للحركة الصهيونية فيها.

في العشرينيات والثلاثينيات تشكلت في مختلف المدن الفلسطينية جمعيات ونواد، ونقابات ومجموعات سياسية ومسلحة. تناضل من اجل تحرير الوطن والاستقلال، وكانت أولى المواجهات الكبرى مع العصابات الصهيونية في القدس في عام 1929. ثم انطلقت اول ثورة شاملة في عام 1936. واستمرت ثلاث سنوات الى ان اندلعت الحرب العالمية الثانية. حيث نفذ الشعب الفلسطيني في بدايتها أطول اضراب شامل في التاريخ استمر ستة أشهر. قمعت بريطانيا هذه الثورة بقوة وحشية جدا، حيث اعدمت وقتلت وجرحت واعتقلت وأبعدت عشرات الاف الفلسطينيين.

خلال الحرب العالمية الثانية كان الشعب الفلسطيني يعاني من اثار القمع الوحشي البريطاني والعصابات الصهيونية. التي استفادت من الهجرة الواسعة لليهود خلال وبعد الحرب.

رغم كل ذلك واصل الشعب الفلسطيني نضاله وتنظيم نفسه ليستطيع المواجهة، لكن بعد الحرب أصبح خندق الأعداء أوسع. فقد انضمت اليه الولايات المتحدة وأصبح نشاطها في دعم الحركة الصهيونية ملحوظا اكثر من السابق. والعصابات الصهيونية زاد عددها وتسليحها. وبريطانيا فرضت على اتباعها من الأنظمة العربية الموافقة السرية على إقامة دولة إسرائيل، والاجتماع والاتفاق مع الحركة الصهيونية. وشددت ملاحقتها للثوار الفلسطينيين. ثم انضم الاتحاد السوفياتي الذي انتقل من العداء للصهيونية الى داعم بقوة لها.

اتفقوا جميعا على اصدار قرار من الأمم المتحدة بتقسيم فلسطين ليكون أساسا قانونيا بالنسبة لهم لتأسيس دولة إسرائيل.

رفض الفلسطينيون القرار وواصلوا نضالهم السياسي والمسلح. الا انهم كانوا عمليا يواجهون كل العالم تقريبا (وليس فقط الحركة الصهيونية)، بين داعم ماليا وعسكريا وبشريا وداعم في الموقف وصامت، وبهذا الدعم ارتكبت العصابات الصهيونية جرائم الإبادة والتطهير العرقي ضد الشعب الفلسطيني، تماما كما يحصل الان في قطاع غزة والضفة والقدس.

وتأسست إسرائيل وبدأت معركة جديدة وهي مسح اسم فلسطين نهائيا من خارطة العالم، كأحد الشروط لإنجاح دولة إسرائيل. فقامت الأنظمة العربية المجاورة بضم ما تبقى من أراضي فلسطين، ومنعت حكومة عموم فلسطين التي انشأها الفلسطينيون من العمل. وحاولت منع الفلسطينيين الذين لجأوا الى أراضيها من العمل ضد إسرائيل وقمعتهم. بل وقامت بعض الحكومات العربية بالتنسيق مع الحركة الصهيونية بترحيل اليهود من مواطنيها الى إسرائيل، لدعمها وهي التي كانت بحاجة الى زيادة عدد مواطنيها، إضافة الى كل ذلك قامت حركة الاخوان المسلمين العالمية والتي كانت نشيطة في دعم الشعب الفلسطيني سياسيا وعسكريا، وخاصة في الثلاثينيات بمنع أعضائها في فلسطين من تشكيل حزب الاخوان المسلمين الفلسطيني، على غرار الدول الأخرى ومنعتهم من النضال ضد إسرائيل، واستمر ذلك الى حين اندلاع الانتفاضة الفلسطينية في النصف الثاني من الثمانينيات. كما قام الاتحاد السوفياتي بمنع الشيوعيين الفلسطينيين من تشكيل حزب شيوعي فلسطيني ومنعهم من استخدام الكفاح المسلح ضد إسرائيل. وفرض على من بقي منهم في داخل ما أصبح إسرائيل الانضمام الى الحزب الشيوعي الإسرائيلي، الشيوعيون في قطاع غزة فقط رفضوا وتمردوا على القرار السوفياتي، وواصلوا نضالهم السياسي والمسلح ضد إسرائيل. بل وحتى القوميون الفلسطينيون نشطوا من خلال حركة القوميين العرب، ولم يشكلوا حركة فلسطينية، كل ذلك كان يساعد في اختفاء الهوية الفلسطينية.

الحركة الصهيونية من جهتها ومعها الدول الامبريالية فرضت على وسائل الاعلام التوقف عن استخدام كلمة فلسطين. لكن الشعب الفلسطيني لا يوجد في قاموسه، اليأس والإحباط والاستسلام، واصل نضاله، فمن تشردوا في الدول المجاورة بدأوا دون أي تأخير بمحاولات العودة الى وطنهم، ورغم قتل الكثيرين منهم على الحدود الا انهم واصلوا ونجح البعض في العودة، اما من صمدوا وبقوا في ارضهم رغم تأسيس دولة إسرائيل عليها، فقد قاموا بدور هام جدا في الحفاظ على الهوية الفلسطينية بمواصلة صمودهم وتنظيم انفسهم رغم القمع الشديد وفرض الاحكام العسكرية واحكام الطوارئ عليهم.

اما الفلسطينيون في الدول المجاورة وفي قطاع غزة والقدس والضفة، فلم يتأخروا في التخلص من صدمة النكبة والنهوض والبدء في تنظيم أنفسهم والقيام بعمليات عسكرية ضد الدولة الصهيونية فخلال العشر سنوات الأولى بعد النكبة، تشكلت العديد من الخلايا المنفردة والمتشابكة، في اكثر من منطقة وفي اكثر من دولة، استمر هذا المخاض الى ان ولدت حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح في عام 1958، وبدأت في تجميع الشباب الفلسطيني حولها وتنظيمهم للنضال من اجل تحرير الوطن. وفي النصف الأول من الستينيات تأسست منظمة التحرير الفلسطينية. تأسيس فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية حمى الهوية الفلسطينية من الاندثار، ووجه صفعة قوية الى المخطط الصهيوني.

بعد احتلال باقي فلسطين

شكل الاحتلال صدمة للأنظمة العربية. لكن بالنسبة للشعب الفلسطيني كان دفعة قوية لتوسيع النضال ضد إسرائيل والذي بدت ملامحه في

اعادة التواصل بين الضفة وقطاع غزة وبدأ تبادل الخبرات العسكرية في النضال.

شكل القوميون الفلسطينيون تنظيما فلسطينيا مستقلا عن حركة القوميين العرب، الجبهة الشعبية، ولاحقا تشكلت جبهات وتنظيمات أخرى. وشكل الشيوعيون في الضفة تنظيما فلسطينيا مستقلا.

سيطرت تنظيمات الثورة الفلسطينية المسلحة على منظمة التحرير الفلسطينية وحولتها من هيئة سياسية دبلوماسية الى منظمة ثورية سياسية مسلحة.

اتسع انتشار التنظيمات في أوساط الشعب الفلسطيني أينما وجد وخاصة بعد معركة الكرامة التي أعطت نشوة ودفعة قوية للشعب الفلسطيني. مثلما فعلت عملية طوفان الأقصى الان.

والانجاز الأكبر هو بقاء الأغلبية الساحقة من الفلسطينيين في الضفة والقطاع والقدس. وفشلت إسرائيل في تهجيرهم الى الخارج.

وبدأت تقوى علاقات الثورة الفلسطينية مع قوى التحرر واليسار العالمية في مختلف القارات وكذلك علاقات مع الصين والاتحاد السوفياتي والدول الاشتراكية مما اعطى دفعة قوية جدا للثورة.

خلال السبعينيات استطاعت الثورة الفلسطينية تحقيق إنجازات كثيرة، حيث اعتُرف بالمنظمة كممثل للشعب الفلسطيني. وحصلت على مقعد يمثل فلسطين في هيئة الأمم المتحدة، وفي كثير من المؤسسات الدولية. وهذا الإنجاز وما تبعه قضى نهائيا على الهدف الصهيوني الامبريالي الغربي بإزالة اسم فلسطين عن الخارطة في العالم، كذلك أصبحت ساحة الضفة وغزة منبعا للثوار وشوكة كبيرة في حلق الصهاينة. وعاد الشعب الفلسطيني وحدة واحدة في كل أماكن تواجده تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية. وكل ذلك تطلب الكثير من التضحيات (شهداء وجرحى واسرى).

إسرائيل التي اعتقدت انها باحتلالها باقي فلسطين زادت قوة واستقرارا وجدت ان ما حصل هو العكس. فبدأت بالتخطيط للتخلص من منظمة التحرير، ولإضعاف الدول العربية المناوئة لها وللغرب. والتفكير في إيجاد حل للفلسطينيين في الأراضي التي احتلتها عام 1967 ولم تستطع تهجيرهم.

حاولت من خلال اتفاقية كامب ديفيد مع مصر وضع الأراضي المحتلة تحت حكم ذاتي تحت سيادتها وفشلت فشلا ذريعا. وحاولت الفصل بين الفلسطينيين في الضفة وباقي الفلسطينيين من خلال تشكيل ما سمته روابط القرى لحكم الضفة تحت سيطرتها، وفشلت في ذلك فشلا ذريعا. فلجأت الى تنفيذ خطتها باحتلال اجزاء من لبنان بهدف تدمير قوة منظمة التحرير العسكرية، وابعادها عن حدودها. واستطاعت ذلك بدعم كامل من القوى الامبريالية وعلى رأسها الولايات المتحدة، وتواطئ من دول الإقليم.

ولكنها لم تفرح طويلا، فقد فاجأها الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة بانتفاضة شاملة، قلبت الطاولة على كل مخططاتها، واعادت القضية الفلسطينية على رأس الاجندة السياسية الدولية والإقليمية. ووقفت عاجزة امامها رغم القمع الوحشي.

ومع بداية الانتفاضة تعددت تأثيراتها على قطاعات واسعة من الشعب الفلسطيني، حيث شارك فيها قطاعات وفئات من الشعب لم يكن لها دور في النضال الفلسطيني، واهم تأثير كان على جماعة الاخوان المسلمين الذين لم يكونوا مشاركين في حركة التحرر الفلسطيني بعد النكبة، واقتصر عملهم على الدعوة الدينية. حيث فهموا ان الشعب الفلسطيني لا يؤيد الا من يناضل ضد الاحتلال. وهذا بالفطرة المنتمية للوطن، والتي تتوق للحرية. فقاموا بتأسيس حركة حماس التي بدأت تشارك في الانتفاضة بفعالية. وبذلك أصبحت الانتفاضة شاملة لكل الشعب. واستمرت لسنوات حتى انعقاد مؤتمر مدريد للتفاوض. 

امام عجزها خلال الانتفاضة، رغم القمع الوحشي. لجأت إسرائيل الى داعميها الأمريكيين والأوروبيين، والحركة الصهيونية العالمية، الذين جمعوا خبرائهم للتخطيط لمستقبل إسرائيل، وكيفية التخلص من خطر الانتفاضة، كان ذلك في تل ابيب في مركز دراسات كان اسمه مركز يافي. وبعد بحثهم في جميع الخيارات الممكنة، اتفقوا على تنفيذ ما أصبح لاحقا يسمى اتفاق أوسلو الذي بدأت أولى حلقاته في مدريد، وكذلك اتفقوا على ضرورة فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية، بافتعال خلافات داخلية بين حماس التي أصبحت قوية في قطاع غزة، وبين السلطة والقائمين عليها. وهذا ما قاموا به (اتفاق أوسلو وفصل غزة عن الضفة) مستغلين انهيار الاتحاد السوفياتي والضعف العربي العام وضعف منظمة التحرير ومحاصرتها، وهيمنة الولايات المتحدة على النظام العالمي.

أمريكا ومعسكرها الرأسمالي الغربي، ومعها الصهيونية العالمية واداتهم إسرائيل، لم يريدوا يوما الوصول الى قيام دولة فلسطينية الى جانب إسرائيل. وكل ما قاموا به خلال المفاوضات مع منظمة التحرير هو إدارة للصراع لكسب الوقت واطالة عمر إسرائيل، ولذلك لم يعترف أي منهم بالدولة الفلسطينية واستمرت إسرائيل بالاستيطان، بل وزادت منه.

بعد سنوات من التفاوض وبعد تأسيس السلطة الفلسطينية. اعتقدوا ان عملهم على تدجين منظمة التحرير يسير جيدا. فاجأهم الشعب الفلسطيني مرة أخرى بانتفاضة واسعة ومسلحة، شارك فيها المقاومون من مختلف التنظيمات، وكذلك من افراد الأجهزة الأمنية للسلطة. اثبتت هذه الانتفاضة كما التي قبلها في الثمانينيات ان الوضع الاقتصادي لا يؤثر على مقاومة الشعب للاحتلال، فكلتا الانتفاضتين انطلقتا في وقت كان الوضع الاقتصادي جيدا، لان نضال الفلسطينيين ليس لتحسين أوضاعهم المعيشية، بل للتحرر والاستقلال. فعادت إسرائيل للتخبط، واعتقدت انها إذا اغتالت عرفات تحل المشكلة، حاولوا في البداية اغتياله سياسيا بتقليص صلاحياته وحصاره، وفرضت عليه تغيير بنية السلطة لسحب البساط من تحته. لكن كل ذلك لم ينجح فاغتالوه جسديا.

ثم مهدوا وعملوا على فصل قطاع غزة عن الضفة بعد ان فصلوا القدس عن الضفة. وسرعوا في توسيع الاستيطان وزادوا من نشاطهم في افساد السلطة واضعافها الى اقصى حد حتى لم تعد مفيدة لا لنا ولا لهم.    

ما بعد عرفات الى ما قبل 7 أكتوبر.

في هذه الفترة انتهجت السلطة في رام الله نهجا يعتمد على قناعة رئيسها ومن حوله ان كل أوراق الحل بيد أمريكا. وان نبذها للنضال ضد إسرائيل، باي شكل فيه ولو الحد الأدنى من العنف، سيرضي أمريكا وإسرائيل وتمنح الشعب الفلسطيني الحد الأدنى من حقوقه. وأصبحت كل علاقات السلطة مع أمريكا وأوروبا الغربية وإسرائيل والأنظمة العربية التابعة لأمريكا. وابتعدت عن حركات التحرر والقوى المناوئة لأمريكا في العالم وفي الدول العربية والاقليم، التي كانت دوما تدعم وتساند الشعب الفلسطيني وثورته. وبذلك قدمت نفسها لقمة سائغة لأمريكا وإسرائيل لتضعفها وتستبيح الضفة الغربية.

في قطاع غزة الذي تحكمه حماس، جرت تحولات بنيوية تدريجية على حركة حماس، تسارعت مع الوقت. حيث كان واضحا لها ان النضال ضد إسرائيل ومواصلة مقاومتها هو الطريق لالتفاف الجماهير حولها. وان هذا يتطلب بالضرورة التحول من حركة دينية الى حركة وطنية. مما يعني الانفتاح على حركات أخرى فلسطينية وغير فلسطينية معادية لإسرائيل، ومن يدعمها. وكذلك الابتعاد عن النهج الكلاسيكي للإخوان المسلمين.

التحولات في الشرق الأوسط (2004-2023).

استمر الضعف العربي، والتبعية للولايات المتحدة، بل وأصبحت بعض الدول العربية تتسابق في إقامة علاقات مع إسرائيل. وضعفت الأحزاب والحركات العربية المعادية للإمبريالية الاستعمارية. واغرقت الولايات المتحدة واتباعها بعض الدول العربية المعادية لها ولاسرائيلها، في حروب أهلية وانهيارات اقتصادية.

في المقابل ظهرت في المنطقة قوتان اقليميتان تركيا وإيران إضافة لإسرائيل. واحتد التنافس بين هذه الدول الإقليمية على مد نفوذها في المنطقة العربية، إيران المعادية للمعسكر الغربي الذي يحاصرها، استطاعت مد نفوذها وبناء جبهة قوية معادية للغرب ولإسرائيل. تركيا التي تعتبر نفسها لأسباب متعددة انها الاجدر والاقدر على ان تكون القوة الإقليمية الأكبر والاقوى في منطقة الشرق الأوسط، تحاول مد نفوذها من خلال جماعات الاخوان المسلمين، وتحاول كسب الرأي العام الشعبي العربي من خلال القضية الفلسطينية. وتستخدم قوتها الاقتصادية. وتبقي على علاقات جيدة مع إسرائيل لتتأهل لهذا الدور.

تختلف هذه الدول الثلاث عن الدول العربية بانها تجري انتخابات ديموقراطية دورية، وتغير زعمائها وتبني لنفسها اقتصاد قوي وجيش قوي لتحافظ على امنها القومي، ايران وتركيا إضافة لذلك تتقنان استخدام موازين القوى والمصالح في السياسة الدولية، وفي علاقاتهما مع الدول العظمى المنافسة لأمريكا.

بالعودة الى الفلسطينيين، السلطة حسمت نفسها في الخندق الأمريكي واتباعه وأصبحت شبيهة بالأنظمة العربية التابعة لأمريكا بل وربما اسوء من بعضها، اما حماس ومعها حركة الجهاد الإسلامي المحاصرتين بشكل قاسي، هما والشعب الفلسطيني في قطاع غزة منذ 16 سنة. تحالفتا مع المعسكر الإيراني المعادي لإسرائيل ومن يدعمها، واستفادتا من ذلك كثيرا. وفي نفس الوقت استغلت حماس أصولها الاخوانية واقامت علاقات متزنة مع تركيا واستفادت من ذلك أيضا. واقامت علاقات قوية مع دولة قطر، التي تلعب دور السمسار السياسي في الشرق الأوسط بين أمريكا وإسرائيل من جهة، والمعسكر المعادي لهما من جهة أخرى. وأيضا استفادت من ذلك ماليا وسياسيا. اما باقي التنظيمات الفلسطينية فقد ضعفت الى حد كبير، لأسباب كثيرة، ولم تعد مؤثرة.

وهذا كله جعل الشعب الفلسطيني الذي لم يتوقف عن النضال بكل اشكاله منذ قرن من السنين، بأغلبيته، لا يثق بان السلطة تلعب دورا في تحريره. ومن جهة اخرى يرى فيما تقوم به حماس في غزة والضفة والقدس عبارة عن تراكمات لمواصلة النضال على طريق التحرير. خاصة وان الشعوب المحتلة تعرف ان عليها تغيير موازين القوى وليس الخضوع لها.

التحولات الدولية

اشتد الصراع بين الدول العظمى وبدأت مرحلة التحولات في النظام العالمي، هذه التحولات التي ستفقد خلالها الولايات المتحدة هيمنتها المنفردة. مما يعني بالضرورة ازدياد حاجتها لإسرائيل، من اجل حسم هيمنتها الكاملة على الشرق الأوسط، خلال عملية تقاسم النفوذ العالمي بين الدول العظمى. ولكن من جهة أخرى سيكسب الشعب الفلسطيني داعمين له. وسيدخل العالم في مرحلة توازن الى حد ما، كان مفقودا خلال الهيمنة الامريكية.

هذا ما كان عليه الوضع عشية عملية طوفان الأقصى.

تابعونــــــــــــــــــــــــا

اقرأ ايضاً

عملية طوفان الأقصى – 7 أكتوبر 2023 وما بعدها (1-4)

شكرا للتعليق على الموضوع