مدحت العزب يكتب: الذكاء الاصطناعي بين التطبيق والواقع والوهم

تزايدت في الآونة الاخيرة أخبار انتشار استخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في الدول الصناعية المتقدمة، والبدء في استخدام نماذج روبوتات الانسان الآلى بهذه التقنية في مجالات متعددة، مثل المصانع والمطاعم وغيرها من المجالات، بل تعدى الأمر إلى تنظيم مؤتمرات صحفية لنماذج من هذه الروبوتات وهى ترد على أسئلة الصحافة والإعلام، في إشارة وتأكيد إلى قدرة هذه الأجهزة على التفكير والرد، وتعدت الأخبار عن هذه التقنية إلى انها تستطيع قراءة افكار او مشاعر الانسان.

وهناك اتجاه إلى استخدام هذا الانسان الآلي بهذه التقنية، في إجراء العمليات الجراحية، ووصف الدواء والعلاج كالطبيب، وغيرها من مجالات المهن البشرية التي تحتاج إلى الفكر والإبداع.

والمؤيدون لهذا الاتجاه، يرون أن هذه التقنية، ستوفر بدائل ذكية للملايين من الأيدي العاملة البشرية، مما يوفر رواتب هؤلاء، مع دقة و أداء على مستوى عال من الكفاءة و الجودة ،مما يوفر الكثير من ميزانيات كبرى الشركات و المصانع ،مع تحسين الأداء في كثير من المجالات الصناعية و المهنية بدخول هذه التقنية  سوق العمل.

ويمكن التعليق على استخدام تقنية الذكاء الاصطناعي بديلا للإنسان، في عدة نقاط أولها

أن استخدام تكنولوجيا متقدمة مثل تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، يعتبر بالتأكيد انتصاراً للتقدم العلمي والتكنولوجي، ويمكن أن يفيد البشرية ان أحسن استخدامها وتطبيقها بما يفيد البشرية، وليس العكس.

يمكن استخدام هذه التقنية في المجالات ذات الخطورة العالية على العمالة البشرية، مثل اعمال الحفر والتنقيب، و أعماق البحار والمحيطات ،و مصانع الأسلحة والمفرقعات ،و المفاعلات النووية ،و غيرها من المجالات ذات الخطورة العالية ،مما يعتبر استخدام هذه التقنية بديل مثالي للعمالة البشرية.

وأما فكرة استخدام هذه التقنية كبديل تام عن العمالة البشرية، و تسريح ملايين الأيدي العاملة البشرية، فهذا يمثل تهديدا اقتصادياً واجتماعياً خطيراً على المجتمع العالمي،  فمن أساسيات علم الاقتصاد ،أن المال له دورة ،بمعنى ان توفير ملايين العمالة البشرية و تسريحها من سوق العمل ، سيؤدى إلى حرمان هؤلاء من رواتبهم التي كانوا يصبونها في الاقتصاد العالمي في صورة مشتريات اخرى و مستلزمات لهم ،مما يؤدى الى انكماش حاد في الاقتصاد العالمي في كثير من المجالات.

و بالتأكيد فإن بطالة الملايين من الأيدي العاملة، سيؤدى إلى الكثير من المشكلات الاجتماعية، و الاخلاقية و السلوكية، والنفسية والقانونية، بما يعانيه هؤلاء من بطالة وفراغ و احتياج و انكسار نفسى امام آلة احتلت مكانهم في العمل.

هناك مجالات إبداعية تستدعي تفكير ومهارة و فكر الانسان، مثل الجراحات الطبية، و العلاجات الدوائية، و الهندسة، والفكر و الفنون الجميلة و غيرها مما لا يستغنى فيه عن أكرم مخلوق خلقه الله تعالى وهو الانسان بفكره وابداعه والذى مهما تقدمت التكنولوجيا لن تصل إلى إبداع الانسان ،لأنها ببساطة من صنع هذا الإنسان.

الادعاء بان تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي قادرة بصورة ما أو في وقت ما، على تصنيع أجهزة قادرة على قراءة افكار أو مشاعر الانسان، فهو ادعاء، أراه كاذبا زائفاً، فلا يعلم السر و ما يخفي الإ الله تعالى ،ولا يعلم ما في القلوب و الأفئدة الا الخالق سبحانه، فما هى الإ شطحة من شطحات العلم الغربى ،يحمل جناحي الإلحاد و الحوكمة ،إلحاد العلم اللا متناهى ،و نوع من الحوكمة والسيطرة العلمية على الانسان ،قد تكون لأغراض  أمنية ،أو سياسية ،او علمية ،للسيطرة على العقول والأفكار.

و لن يتفوق مصنوع من صنع الإنسان على الإنسان، لأنه ببساطة من خلق الله القادر الحكيم الذى كرم الانسان بالعقل و الخلق.

فعلى العالم الغربي المتقدم علمياً و تكنولوجيا أن يعمل إلى توجيه اهتماماته البحثية و الصناعية، إلى ما يفيد البشرية ولا يضرها، ولا ينافس الانسان في مجال رزقه أو فكره ،او يؤدى إلى الكثير من المشكلات الاجتماعية و الاقتصادية والنفسية مما يدمر الانسانية و البشرية نفسها.

فالأجدر بالعلم، أن يبحث عن علاج لمرضى الإعاقات الذهنية، وصعوبات التعلم والتوحد، بدلا من الادعاء بتكنولوجيا تقرأ أفكار الانسان، أو اكتشاف علاج ناجع للأورام والأمراض المعدية التى يذهب ضحيتها الملايين سنويا.

و سيظل الانسان في صورته و عقله أكرم مخلوقات الله ، وسيظل لا يعلم الغيب والسر و ما يخفي الا. الله تعالى.

اقرأ للكاتب

مدحت العزب يكتب: الديجيتال.. النرد.. والكون

شكرا للتعليق على الموضوع