الحرب على غزة ومعاناة ذوو الاحتياجات الخاصة

تقارير – التلغراف

يعاني أكثر من مليوني فلسطيني في قطاع غزة من ويلات الحرب الإسرائيلية المستمرة منذ السابع من تشرين الأول من العام الماضي، إلّا أن 58 ألف شخص من ذوي الاحتياجات الخاصة، أي 2.6% من السكان يواجهون تحديات أكثر حدة، حيث إنهم يعانون من عدم توفر الضروريات الأساسية مثل السلامة والغذاء والسكن والحصول على المواد الأساسية للحفاظ على صحتهم في ظل الحصار الخانق الذي يفرضه الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة.

بدأت معاناة ذوي الاحتياجات الخاصة في قطاع غزة تتفاقم منذ بداية الحرب الإسرائيلية، كما أدت الحرب إلى ازدياد أعداد ذوي الاحتياجات الخاصة بشكل ملحوظ، ويشير تقرير منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) إلى أن “1000 طفل في غزة فقدوا إحدى ساقيهم أو كلتيهما” منذ بداية العدوان الإسرائيلي.

 كما أوضحت منظمة “هيومن رايتس ووتش” أن القصف والحصار والهجوم البري الكبير من جانب الاحتلال الإسرائيلي على غزة يتسبب في خسائر فادحة في صفوف المدنيين الفلسطينيين ذوي الاحتياجات الخاصة، كما أنهم يواجهون صعوبات أكبر في الفرار من الهجمات وتلبية الاحتياجات الأساسية والحصول على المساعدات الإنسانية التي هم في أمس الحاجة إليها.

تتضمن “اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة”، التي دخلت حيز التنفيذ في 3 أيار 2008 حالات الخطر والطوارئ الإنسانية، حيث تتعهد الدول الأطراف وفقا لمسؤولياتها الواردة في القانون الدولي، بما فيها القانون الإنساني الدولي وكذلك القانون الدولي لحقوق الإنسان، باتخاذ كافة التدابير الممكنة لضمان حماية وسلامة الأشخاص ذوي الإعاقة الذين يوجدون في حالة تتسم بالخطورة، بما في ذلك حالات النـزاع المسلح والطوارئ الإنسانية والكوارث الطبيعية، وهذا تماماً عكس ما يجري على أرض الواقع في غزة.

1-4

وفي ظل حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة، يتأثر ذوو الاحتياجات الخاصة بشكل أكبر من غيرهم من انقطاع الاتصالات والإنترنت في قطاع غزة، والذي من شأنه تعريض حياتهم للخطر وتعذر وصولهم إلى المعلومات الحيوية والخدمات الضرورية التي يحتاجونها للبقاء على قيد الحياة في مثل هذه الحرب.

لعل إحدى أبرز العقبات التي تواجه ذوي الاحتياجات الخاصة خلال فترات انقطاع الاتصالات والإنترنت في غزة هي صعوبة الوصول إلى المعلومات الضرورية للبقاء على قيد الحياة، فيمكن أن يودي ذلك بحياتهم عند وجود تحذيرات مبكرة، أو تعليمات بإخلاء مكان أو منطقة معينة أو توجيهات أمنية، فيعتمد الأفراد في مثل هذه اللحظات على المعلومات الفورية من أجل النجاة.

ويحتاج ذوو الاحتياجات الخاصة إلى رعاية بشكل مستمر وتوفير الأدوية والمستلزمات الطبية بشكل دائم للبقاء على قيد الحياة وعدم حدوث تفاقم في حالتهم الصحية، وتتطلب هذه العمليات تواصلاً مستمراً بين الأفراد والمنظمات والمؤسسات التي توفر الرعاية لذوي الاحتياجات الخاصة، لكن يحول انقطاع الاتصالات والإنترنت دون وصول المنظمات إلى الأفراد لتوفير الرعاية اللازمة.

وفاقم انقطاع الاتصالات والإنترنت في قطاع غزة، خاصةً في ظل الحروب الإسرائيلية المستمرة، من التحديات التي يواجهها ذوو الاحتياجات الخاصة في الوصول إلى الخدمات الضرورية والإسعاف عند الحاجة.

وبينما يعتمد الأفراد في حالات الطوارئ على الوصول السريع والمباشر إلى الخدمات الطبية والإسعافية للحفاظ على سلامتهم وسلامة أسرهم، ومع انقطاع الاتصالات، يصبح من الصعب على هؤلاء الأفراد الحصول على المساعدة بشكل فوري، مما يعرضهم لمخاطر صحية جسيمة.

كما يعرقل وصول ذوي الاحتياجات الخاصة إلى أماكن وجود متطلباتهم التي قد يتغير مكانها باستمرار نظراً لتغير الأوضاع السريع بسبب الإخلاءات القسرية التي يتسبب بها الاحتلال الإسرائيلي في القطاع المحاصر، مما يعرقل حصولهم على مستلزماتهم الضرورية.

وتواجه الجمعيات والمؤسسات المختصة بمساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة في غزة صعوبات في التواصل مع الأفراد في ظل الحرب الإسرائيلية. واكتشفنا من خلال مقابلات أجريناها مع موظفي جمعية إغاثة أطفال فلسطين أن ظروف الحرب الجارية وصعوبة التواصل تعيق وصول الجمعية إلى ذوي الاحتياجات الخاصة لتزويدهم بمتطلباتهم الضرورية والأدوية اللازمة التي كانت الجمعية توفرها بشكل دائم، وكذلك تم فقدان الاتصال مع بعض الأفراد منذ بداية الحرب حتى الآن.

في غضون ذلك، أجرى فريق صدى سوشال في قطاع غزة، مقابلات ميدانية مع عدد من ذوي الاحتياجات الخاصة في قطاع غزة، حيث قدموا عن الصعوبات التي يواجهونها في الوصول إلى الخدمات الضرورية خلال فترات الحروب، وأكدوا على أهمية توفير وسائل الاتصال الفعالة والمستمرة خلال تلك الفترات الحرجة للتمكن من الحصول على المساعدة والخدمات الصحية والإسعافية في الوقت المناسب.

شهادات عدد من ذوي الاحتياجات الخاصة في قطاع غزة

“أعيش في غزة منذ ولادتي وأعاني من ضمور عضلي. خلال الحروب، يزداد الخوف والقلق بسبب عدم القدرة على التنقل بسهولة أو الوصول إلى المساعدة عند الحاجة. انقطاع الاتصالات والإنترنت يعزز هذا الشعور بالعزلة والضعف.”

“كطالب جامعي مكفوف، يعتمد الكثيرون منا على تكنولوجيا المساعدة للوصول إلى المواد الدراسية والمعلومات الضرورية. خلال الحروب، يفقدنا انقطاع الاتصالات والإنترنت الوصول إلى هذه المواد، مما يعرقل مسار تعليمنا ويجعلنا نشعر بالإحباط والعجز.”

“ابني معاق ويحتاج إلى رعاية مستمرة وعلاج دوري، وخلال الحرب، كان من الصعب علينا الحصول على الأدوية والمستلزمات الطبية اللازمة، وتزداد الصعوبة عندما ينقطع الاتصال والإنترنت”

 “كمصاب بإعاقة سمعية، يعتمد الكثيرون منا على وسائل الاتصال البصرية والإلكترونية للتواصل والتفاعل مع الآخرين. خلال الحروب، يصبح من الصعب جداً على الأشخاص ذوي الإعاقات السمعية التواصل والحصول على المعلومات الحيوية التي يحتاجونها للبقاء آمنين ومطلعين على الأحداث.”

“ابني يعاني من التوحد، وهو يحتاج إلى بيئة مستقرة وداعمة لتطوير مهاراته والحصول على العلاج اللازم، وخلال الحروب، يتعرض الأشخاص ذوو التوحد للضغوط النفسية بشكل خاص، وتزداد هذه الضغوط بسبب انقطاع الاتصالات والإنترنت، مما يؤثر سلباً على صحتهم النفسية وتطورهم الشخصي.”

 “أعيش في مخيم الشاطئ في غزة وأعاني من إعاقة حركية منذ ولادتي. وخلال الحروب الإسرائيلية، يصعب عليّ الوصول إلى الأماكن الآمنة، وكثيراً ما وجدت نفسي محاصرة في منزلي دون وسائل الاتصال، مما يجعلني غير قادرة على الحصول على المساعدة عند الحاجة.”

“كممارس للعلاج الطبيعي، أدرك تماماً أهمية الوصول السريع إلى المرضى خلال الأوقات الطارئة. لكن خلال الحروب، يكون الاتصال المستمر والإنترنت ضروريين لتنسيق الجهود وتقديم الرعاية اللازمة. لسوء الحظ، يصبح ذلك أمراً صعباً جداً، مما يؤثر بشكل كبير على قدرتنا على تقديم الخدمات الطبية.”

“أنا متطوع ظل لذوي الإعاقة البصرية، كنا دائماً نعمل على تقديم الدعم والمساعدة لذوي الاحتياجات الخاصة في قطاع غزة، ولكن خلال الحروب، يصبح من الصعب علينا التواصل معهم وتقديم الدعم اللازم، ويجب أن تكون هناك جهود متواصلة لتوفير وسائل الاتصال والإنترنت لضمان الوصول السريع إلى الخدمات الضرورية.”

اقرأ ايضاً

هل بدأت الحرب على غزة وتنفيذ “صفقة القرن”

شكرا للتعليق على الموضوع