مصطفى التوني يكتب: لا تحدثني عن الحضارة إذا انعدمت الأخلاق!

إن الأخلاق الحسنة هي أعظم ما تعتز به الأمم وتمتاز به عن غيرها من الامم، والأخلاق تعكس ثقافة الأمة وحضارتها، وبقدر ما تعلو أخلاق الأمة تعلو حضارتها وتتجه الأنظار اليها ويتحير أعداؤها فيها، وبقدر ما تنحط أخلاقها وتضيع قيمها تنحط حضارتها وتذهب هيبتها بين الأمم.

إن ما نلاحظه اليوم من تدني في المستوى الأخلاقي الذى لا يفرق بين مستوى اجتماعي وآخر ولا بين فئة عمرية وأخرى في شعوبنا العربية خاصة يجعلنا نتساءل متى تعود لنا اخلاقنا؟ لقد وصلنا الى أزمة أخلاقية كبرى تكاد تفتك بحضارتنا وتهدد القيم العليا والأهداف السامية في المجتمع.

أزمه أخلاقية ما عهدناها حتى في عصور الجاهلية وما نراها الان في دول الغرب فلو تأملتُ في العصر الذي بُعِث فيه رسولُ الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – للاحظت أمرًا عجيبًا، هو أنَّ أكثر الناس لم يكن لديهم دِين ينظِّم حياتهم، لكن كانت عندَهم منظومة مِن مكارم الأخلاق؛ مثل: الصِّدق والأمانة، والوفاء بالعهود والعقود، والكرم والنجدة وغيرها، وقد توارثوها كابرًا عن كابر، فصارتْ ثقافة تتناقلها الأجيال وتعتزُّ بها، وينتقصون مَن لا يُقيمها، بل يُعيِّرون مَن لا يلتزم بها، فها هو أبو جهل المشرك عنده من النخوة ما جعله يندم على فعلة دنيئة بإقدامه على ضرب أسماء بنت أبى بكر ذات مرة، متخوفاً ان ينتشر الخبر بين العرب فيعايرونه بفعلته، فيما غابت النخوة من كثيرين مدعين أنهم مثقفون شرفاء… وها هو أبو سفيان قبل أن يُسلم، خرج مع قافلة من قريش في أرض الروم، فاستدعاهم هرقل ملك الروم ليسألهم عن محمد.. سألهم: هل تتهمونه بالكذب؟ هل يغدر؟ هل يقتل؟

أبو سفيان يقول: “فوالله، لولا الحياء من أن يُقال عني كذاب لكذبت”. خشي أن يُطلق عليه لقب الكذاب بعد عودته إلى مكة، مع أنه كان كافرًا، وما أكثر الكذابين والمنافقين في مجتمعاتنا، حتى وإن كانوا مسلمين. لقد انعدمت لدى الكثيرين كلتا الصفتين، فلا دين يلتزمون به ويعودون إليه، ولا قيم وأخلاق تحكمهم، بحيث يمكن للناس التعايش بالاعتماد عليها. إن ما وصلت إليه مجتمعاتنا العربية من تدني في الأخلاق وانعدام للقيم لا يُمكن العثور عليه في الدول الغربية. إذا تأملت في المجتمعات الغربية، ستجد أنهم يتعايشون بقواسم مشتركة من القيم ومكارم الأخلاق، وهي ما يُطلق عليها مبادئ حقوق الإنسان، إلى الدرجة التي لا يُمكن معها تصور إهانة فرد منهم في مجتمعهم أو خارجه، فتقوم الدنيا ولا تقعد حتى يُنصف، سواء كان صغيرًا أو كبيرًا، ذكرًا أو أنثى، وليس ذلك فحسب، بل إنهم يُلحقون بحقوقهم من يحمل جنسياتهم من الأجانب.(التلغراف)مع التحفُّظ الشديد على انعدام خُلق العَفاف وسياسات الدُّول الغربيَّة تُجاه المسلمين، فلديهم أزمةٌ أخلاقيَّة حقيقيَّة، وانحرافات خطيرة، لا سيَّما في سياساتهم الخارجيَّة، فإنها تُبنى على قاعدة المصالح، لكنِّي أعني الحديثَ عن سياساتهم الداخليَّة تجاه رَعاياهم، وكل مَن أقرُّوا له بحق الرعاية..

إذا كان هذا حال الناس في الجاهلية سابقا وحال الناس فى الدول الغربية الان فاين نحن يا عرب من هذه الاخلاق التي نحن اولى بها والتي جاء بها رسولنا الكريم إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق.

إن مظاهر التدني الأخلاقي كثيرة وواضحة للجميع حتى اتخذها البعض أسلوب حياة ولست بصدد الحديث عنها فلقد سئمت العيون قراءتها وملت مشاهدتها انما اردت ان القى الضوء على صورة الأخلاق في الجاهلية سابقاً واخلاق الغرب حالياً “يمكن نحس على دمنا”.

يا سادة ان نهضة الشعوب ورفعتِها وعلو قدرها بين الامم لهى نتاج أخلاق أبنائها اولاً فإذا أردتم رفعه وطنكم وعلو قدر بلدكم، فاستقيموا يرحمكم الله.

اقرأ للكاتب

مصطفى التوني يكتب: “تكوين” مركز لسرقة العقيدة

شكرا للتعليق على الموضوع