مصطفى جودة يكتب: هي والكاميرا «2 ــ 2»

أ.د: مصطفي جودة

رئيس الجامعة البريطانية بالقاهرة – سابقا

تحل علينا اليوم ذكرى 113 سنة على ميلاد نجيب محفوظ رحمه الله، ولو أن محفوظ بيننا اليوم لشعر بالفخر لأن المخرجة كاملة أبو ذكرى وكاتبة السيناريو مريم نعوم بدأتا منذ 2019 في كتابة وإعداد فيلم عن المجموعة القصصية القصيرة له «تحت المظلة»، والتي أبدع فيها محفوظ وشخص عقب نكسة 1967، مباشرة وهو مصدوم ينزف مثل بقيتنا، الأسباب التي أدت للنكسة ووضع يده على الجراح الغائرة الناتجة وسجلها في قصته القصيرة «تحت المظلة» ليلفت نظر الجميع إلى أن الإهمال واللامبالاة والعجز قد يتسببان في ضياع كل شيء، ومن خلال ذلك التشخيص قدم لنا الحلول الناجعة واللائقة بمصر لتنهض وتأخذ مكانها المستحق بين الأمم.

لا يسع الإنسان إلا أن يشعر بالفخر أيضا بأن اثنتين من نوابغ سينمائيات مصر المعاصرات، هما المسئولتان عن ذلك العمل القادم. ولو أن نجيب محفوظ كان على قيد الحياة لشعر بالفخر أن المخرجة كاملة أبو ذكرى والسيناريست مريم نعوم هما اللتان تقومان منذ عام 2019، بالعمل على صنع فيلم «تحت المظلة» طبقا لما جاء في تصريحهما في 5 فبراير 2020 للصحافة المصرية: «تتعاون المخرجة الكبيرة كاملة أبو ذكرى والكاتبة مريم نعوم في فيلم بعنوان «تحت المظلة» مأخوذ عن رواية لنجيب محفوظ التي كتبها عقب نكسة 67، محورها الإنسان الجبان الذي يرى الفساد بأم عينيه ويأبى أن يصدق إلا خياله ويخاف أن يبلله المطر الذى لم يقتل أحدا.

وأكدت أبو ذكرى في تصريحاتها أنها حصلت على حقوق الرواية لتنفيذها سينمائيا وأن الفيلم سيكون من أضخم الإنتاجات السينمائية العربية، خاصة أن الرواية تضم عدة قصص مختلفة وحكايات منفصلة، وأكدت أن الفيلم سيضم 5 قصص إضافة الى القصة الرئيسية «تحت المظلة».

في البداية لا بد من ذكر الدور الذي تلعبه كل من السينمائيتين في النهوض بالسينما المصرية. كتبت في المقال السابق عن عملية التوثيق التي تقوم بها مؤسسة المرأة والذاكرة والتي جعلت فيها مريم نعوم من أول المتحدثين كما جاء في الفيلم.

قصة مريم نعوم المؤلفة وكاتبة السيناريو والتي تركت اسرتها ودراستها في مجال الاقتصاد لتعود الى القاهرة وتتصل بالأسرة في باريس وتبلغها بأنها قررت الإقامة في القاهرة ولتبلغهم أيضا بتغيير مسار حياتها وأنها ستدرس السينما.

كانت هناك قوة دافعة كبيرة لها لتفعل ذلك.

عملت بعد تخرجها في مجال الدعاية الإعلانية، ثم عادت لكتابة السيناريو وتعاونت مع مخرجين كبار أمدوا لها يد العون وعلموها «سحر المهنة»، كما تقول في سردها في الفيلم ومنهم المخرجة كاملة أبو ذكرى حيث عملتا سويا فيلم «واحد صفر»، الذى أخرجته كاملة وكتبت مريم السيناريو له، بعدها اتجهت لكتابة المسلسلات التليفزيونية والتى «أكسبتها الشهرة الواسعة ومنها مسلسلات ذات وسجن النساء وتحت السيطرة».

يوضح لنا اختيار كاملة أبو ذكرى ومريم نعوم قصة نجيب محفوظ لتقدماها للشاشة مدى قدراتهما الإبداعية وحسهما الوطني الطاغي.

كتبها محفوظ في أكتوبر 1967، ومصر كلها أوجاع وقلبها يدمى وكله جراح عقب النكسة. كانت تلك النكسة هي القوة الدافعة التي جعلته يصيغها لتخرج مركزة مثلها مثل دواء مر لا بد من تناوله.

 للأسف لم يلتفت المخرجون وصناع السينما من قبل الى تلك القصة التى ستثير وستنال كثيرا من الثناء والشهرة بمجرد ظهورها وأنها حتما ستكون فيلما عالميا من تأليف محفوظ وكاملة أبو ذكرى مخرجة ومريم نعوم كاتبة سيناريو، ولو أن الفيلم سينتج بما يستحقه، فإنه سينال «أوسكار» حتما.

هذه قصة لا يوجد لها مثيل في أى أدب عالمي وحقيق بها أن تصير فيلما مصريا خالصا يضاف الى قائمة الأفلام الكثيرة التي كتب قصصها محفوظ والتي جعلت منه الفارس المغوار الذى جعل السينما المصرية أكثر إبداعا وعظمة.

لم يكن محفوظ مجرد روائي حاصل على جائزة نوبل في الأدب عام 1988، بل كان سينمائيا خالصا وصاحب دور محورى في تطوير السينما المصرية من خلال أصالة قصصه وكتاباته للعديد من السيناريوهات وعمله الإدارى الذى أسند إليه لإنقاذ صناعة السينما في عهد وزير الثقافة العظيم ثروت عكاشة والذى أسند إليه إدارة مؤسسة دعم السينما، وهو الأمر الذى لم يرده نجيب محفوظ ولم يقبله إلا عقب إصرار ثروت عكاشة فقبله على مضض ونجح فيه واستطاع إنقاذ السينما المصرية حينها.

بدأت علاقة محفوظ بالسينما عام 1945، بكتابة سيناريو فيلم مغامرات عنتر وعبلة والذى تأخر ظهوره الى عام 1948، والفتوة عام 1947، وزال الشر 1949، ولك يوم يا ظالم 1951، وريا وسكينة عام 1954، وجعلونى مجرما 1954، والوحش عام 1954، ودرب المهابيل عام 1955، وشباب امرأة عام 1956، والنمرود عام 1956، والطريق المسدود عام 1957، ومجرم في إجازة عام 1958، جميلة أبو حريد عام 1958، والهاربة عام 1958، وأنا حرة عام 1959، والله أكبر عام 1959، وإحنا التلامذة عام 1959، وبين السما والأرض عام 1960، والناصر صلاح الدين 1963، ثمن الحرية 1967، شىء من العذاب 1969 وبئر الحرمان 1969، ودلال المصرية 1970، والاختيار عام 1971.

أما القصص التي أصبحت أفلاما فهي: بداية ونهاية عام 1960، وزقاق المدق 1963، واللص والكلاب عام 1963، بين القصرين عام 1964، والطريق عام 1965، والقاهرة عام 1966، قصر الشوق 1967، والسمان والخريف عام 1968، ميرامار عام 1969، والسراب عام 1970، ثرثرة فوق النيل عام 1971، والسكرية عام 1973، والشحاذ عام 1973، والكرنك عام 1975، الحب تحت المطر 1975، والشيطان يعظ 1981، وسمارة الأمير 1992.

gate.ahram

اقرأ للكاتب

مصطفى جودة يكتب: هي والكاميرا «1 ــ 2»

شكرا للتعليق