مصطفى جودة يكتب: هي والكاميرا «1 ــ 2»
أ.د: مصطفي جودة
رئيس الجامعة البريطانية بالقاهرة – سابقا
فى يوم الإثنين الموافق 25 نوفمبر الماضى، تم عرض فيلم تسجيلى بعنوان «هى والكاميرا – صانعات السينما المصرية» فى دار سينما زاوية، وذلك فى نطاق استراتيجية ما تقوم به مؤسسة المرأة والذاكرة التى أنشئت عام 1995، لتوثق الأعمال الأدبية والفنية والتاريخية والاجتماعية وغيرها من وجهة نظر نسائية والى إعادة قراءة التاريخ والثقافة من منظور نسوى ودور النساء فى المراحل التاريخية المختلفة لمصر. كما أصدرت هذه المؤسسة مجلة نسائية بعنوان «هاجر» الى جانب إعادة نشر العديد من الكتب الأساسية الخاصة بالمرأة وكل ما يرتبط بها.
إضافة الى تنظيمها العديد من المؤتمرات والعديد من ورش العمل فى كثير من المحافظات المصرية فى المجال النسوى. كما أنشأت المؤسسة مكتبة نسوية عالمية، إضافة الى طبعها كتبا عن نصوص مغمورة فى التاريخ الإسلامى مثل الفقيهات والصوفيات والطبيبات. أهم من ذلك كله أن المؤسسات الأوليات لتلك المؤسسة هن مجموعة من الأكاديميات الباحثات والرائدات اللائى أنشأن تلك المؤسسة، قمن بتجهيز وإعداد أجيال جديدة قادرة على حمل راية ما قامت المؤسسة ولضمان استدامة تحقيق الهدف الذى أنشئت من أجله.
كان الفيلم عن قصص عن أربع منهن ويتبعه أفلام أخرى عن بقية السينمائيات موجود على موقع المؤسسة. قامت داليا الحمامصى وآية يوسف من الجيل الثانى من مؤسسة المرأة والذاكرة بتجهيز وإعداد المقابلات وعمليات الإخراج لها بطريقة ممتازة. قائمة السينمائيات التى تم توثيقهن تشمل مريم نعوم ونادين خان وهالة جلال وهالة خليل وآيتن أمين وأمل رمسيس وتغريد العصفورى وتهانى راشد وداليا الناصر ورحمة منتصر وشيرين فرغل وصفاء الليثى وماجى مرجان ومنال خالد ومنى ربيع ونادية كامل وندى رياض وهالة القوصى وهالة كامل. المشاهد للفيلم سيشعر بالفخر بهؤلاء المصريات المبدعات وبالأمل أن السينما المصرية على وشك انطلاقة كبيرة غير مسبوقة بسببهن. عرض الفيلم من خلال حوارات معهن واستعراض مشاويرهن ومعاناتهن وطموحاتهن والتحديات العائلية والمجتمعية التى كانت فى طريق كل واحدة منهن، والتغلب على تلك التحديات.
حقيقة الأمر أن الحضور شاهد شيئا بالغ الجمال عن مبدعات مصريات على أعلى مستويات الكفاءة والجودة العالمية، وشاهد مفاخر مصرية تهز المشاعر وحياة شخصية ثرية ورائعة وقدوات.
شمل العرض حياة كل واحدة منهن عرضا تلقائيا شديد البساطة ليسجل مسيرتهن، والتى تشترك جميعها فى صعوبة المسار ومخالفة رغبة الأسرة فى كثير من الأمر وسيطرة عشق السينما عليهن وكأنهن مدفوعات بقوة دافعة قدرية مكنتهن فى النهاية من التغلب على كل الصعاب وتغيير الدراسة التى تضمن الوظيفة التقليدية الميرى والتى تريدها الأسرة.
منهن المخرجة تهانى راشد وصانعة الأفلام التسجيلية والحاصلة على ليسانس الفنون الجميلة من جامعة مونتريال الكندية ومنهن داليا الناصر المونتيرة ورحمة منتصر المونتيرة وشيرين فرغل المخرج المساعد ونادين خان ابنة المخرج الكبير محمد خان عليه رحمة الله والتى قدمت لنا لحظات مبهجة فى الفيلم من خلال خفة ظلها وطاقة روحها العظيمة، والتى حكت لنا أنها لم تك تحب المذاكرة وأنها فشلت فى كلية الفنون الجميلة، ثم التحقت بمعهد السينما.
تحكى لنا أنها بدأت مسيرتها الفنية كمساعدة مخرج فى عدة مسلسلات، وأنها قدمت فى عام 2013، أول تجربة إخراجية لها فى فيلم «هرج ومرج» وفى عام 2021، قدمت فيلم «أبو صدام». اللافت أن أعمالها تركز على التفاصيل الإنسانية والواقع الإجتماعى. ومنهن المخرجة هالة القوصى التى درست إدارة الأعمال فى الجامعة الأمريكية ثم غيرت المسار وعملت فى مجال الإخراج السينمائى، ومنهن المخرجة هالة جلال التى درست الإعلام ثم عملت فى الإخراج السينمائى.
ومنهن المخرجة هالة خليل التى حكت لنا أنها كانت متفوقة فى دراستها مما مكنها للالتحاق بكلية الهندسة، غير أن عشقها للسينما جعلها تطارد حلمها فغيرت الهندسة بكلية الإعلام ومعهد السينما وحصلت على شهادة من الإثنين.
تحكى عن الصعوبات التى واجهتها عقب التخرج وأنها ظلت بالبيت حتى رأت إعلانا تطلب فيه وزارة التربية والتعليم مخرجين فتقدمت ونجحت فى الامتحان وعملت مخرجة لمدة ثلاث سنوات بالوزارة. كان «طيرى ياطيارة»،
أول أفلامها وحصل على جائزة عالمية. عملت بعد ذلك سبعين حلقة سيت كوم وفيلم «أحلى الأوقات». تحكى أنها حاولت الهجرة الى نيوزيلاندا غير أن طلبها تم رفضه، وهو الأمر الذى ألهمها لعمل فيلم « قص ولزق».
بعدها عملت ثلاثة أفلام هى نوارة وبالحجم العائلى وأحلام سعيدة. ختمت مقابلتها بقول حكيم لها: « السينما هى الحياة التى أريد أن أعيشها دون أن أتورط فيها».
ومنهن المخرجة المبدعة ماجى مرجان التى ولدت فى الإسكندرية ثم سافرت مع الأسرة لتعيش فى الكويت 18 سنة لتعود بعدها الى القاهرة وتلتحق بالجامعة الأمريكية وتحصل على ليسانس فى الأدب المقارن، ثم تحصل على ماجستيرعنوانها: «السيرة الذاتية فى السينما والأدب».
تحكى أن مريم خورى هى قدوتها وهى التى مدت لها يد العون ومنحتها الفرصة. تحكى لنا أنها عملت مع شركة هولندية وصنعت أفلاما قصيرة منها ماتش على الهوى، وأنها كانت تقوم بالتدريس فى الجامعة الأمريكية، أثناء ذلك. أخرجت فيلم «من والى مير» المشهور والذى حصلت من خلاله على جوائز عالمية. أيضا أبدعت كثيرا فى إخراجها فيلم: « محمد عبدالله دراز»، والذى أحدث ويحدث ضجة كبيرة عن هذا الإنسان المصرى الفذ. خرجت من الفيلم منبهرا أردد: « تحيا مصر الولادة التى دائما تجد طريقا وحلا».
الحل والطريق الذى أعنيه أن صناعة السينما المصرية، والتى كانت ثانى أهم صناعة فى مصر بعد القطن فى مساهمتها فى الاقتصاد المصرى قادمة.
gate.ahram
اقرأ للكاتب
مصطفى جودة يكتب: الفيتو الأخير والسلاح الخطير