هشام شعبان لـ”التلغراف”: “رجل العباءة” حاولت كشف الكهنوت في الإسلام
جاء من غيابة القرية البعيدة النائية.. باحثا عن الوجود في مدينة صعبة المراس، أبراجها شاهقة وهوائها خانق.. كـريشة تطاير هنا وهناك في زحام الوادي الضيق مؤمنا بقدرته على النجاح مهما كلفه الأمر.. هشام شعبان.. صحفي مصر شاب تخرج في كلية الإعلام جامعة القاهرة، ورغم انشغاله بالبحث عن لقمة العيش من العمل هنا وهناك في آن معا، ثابر على حلمه في الأدب وكان له ما أراد، والتقى موقع “التلغراف“، به في هذا الحوار ليحدثنا أكثر عن المجموعة القصصية “رجل العباءة” ورواية “الإفطار الأخير”.
بداية كيف تنظر إلى الواقع الأدبي الراهن..؟
في رأيي ما يسري على بقية المجالات يسري على الأدب أيضًا.. انظر إلى السينما والمسرح والذوق العام وستدرك أن الحياة الأدبية حاليا في مستوى متدني كثيرًا.
من المسئول في رأيك عن هذا التدني..؟
المسألة لها الكثير من الأبعاد فهناك جانب تتحمله وزارة الثقافة وجانب أخر تتحمله دور النشر والموزعين وجانب ثالث متعلق بالكتاب أنفسهم.. تشعر أن هناك فقر في الإبداع أو التجديد، ودليل صغير على ذلك غياب الكتاب المصريين الكبار عن منصات التتويج للجوائز الأدبية الدولية.
تقول هذا الكلام وأنت أحد هؤلاء الكتاب..؟
مبدئيًا أنا قاص وروائي شاب لم يصدر لي سوى عملين أدبيين، وهذا في رأيي ليس كافيًا لمنافسة كتاب لهم باع طويل وأعمال لها جمهورها.. لازلت في البداية وأطمح في فرض أسلوبي الذي أراه أقرب من كثيرين للجمهور العريض، أضف إلى ذلك أننا في مصر لا نلتفت إلى الأعمال الأدبية لمحتواها وما تقدمه من أفكار ولكن لمدى تسويق الكاتب لنفسه واسمه في السوق.. وهذا خطأ لأنه يؤدي لاندثار العديد من الأعمال العظيمة.
حدثنا عن روايتك الأخيرة.. “الإفطار الأخير”.. ولماذا اخترت هذا الاسم..؟
“الإفطار الأخير” رواية تغوص في أبعاد المجتمع ببيئتيه سواء المدينة أو القرية، من خلال مجموعة من الشخصيات الرئيسية والثانوية التي تتصارع معًا في مناخ يغلفه الفساد بأنواعه الأخلاقي والديني والاجتماعي والسياسي.. هي في رأيي محاولة لتعرية المجتمع وإزالة الرداء الهش الذي لم يعد يستر أي شيء.. أبطال الرواية هم أناس يمارسون البغاء والغش والنفاق، وتتلاقى أرواحهم الشريرة الخبيئة مع أرواح أخرى مريضة تهب عليهم، فيكون اللقاء في ذروته.. في شوارع القرية ومساجدها.. في الغيطان والبيوت.. في صخب المدينة وقسوتها، اتفق أبطال الرواية في نفوسهم الأمارة بالسوء دون أن يتعارفوا.. اسم الرواية نابع من البيئة التي تدور فيها الأحداث وهي شهر رمضان.
في حديثك عن الرواية نجدها تسير في نفس اتجاه كتابك الأول “رجل العباءة”..؟
البعض يرى ذلك.. لكن دعني أوضح شيئًا.. في “رجل العباءة” كان تركيزي أكثر على قضية قدسية رجال الدين ونفوسهم العفنة وحاولت من خلال فرضية المرض النفسي أن أذهب بعيدًا في خلجاتهم حتى أصل للنتيجة، نتيجة البغض والكراهية والتقييد الذي يضعون فيه العامة والبسطاء في سجن لا مفر منه.. أما “الإفطار الأخير” فالفكرة تبتعد لأكبر من ذلك لتشمل فساد الساسة والأخلاق وليس فساد الشيوخ فقط وإن كان حاضرًا أيضًا في شخصية “عيسوي”.
لماذا هذه النظرة التشاؤمية في كتاباتك..؟
أكاد أجزم أنني أحاول استشراف ما هو آت في حال تنامي نفوذ تلك الفئة.. فئة الكهنة المسلمين.. هذا ما أتصوره عندما يحين وقتهم الذي بالقطع لا أريده أن يأتي مطلقًا.. أما في المطلق فالوقع يفرض على قلمك مسار كلما زغت منه تراك تعود إله مكفيا.. لا يمكن أن نرى القمة وسط الغيوم.
هل حقق “رجل العباءة” النجاح الذي انتظرته..؟
إذا حسبتها من ناحية المبيعات فقد نفذ 50% من إصدارات الكتاب، وهذا أمر جيد لكاتب لايزال مغمورا يشق طريقه بصعوبة وسط بيئة لا تساعده كثيرًا.
لماذا لا تسعى لتحويل قصصك وروايتك الأخيرة إلى أعمال فنية في التليفزيون أو السينما..؟
في الحقيقة أنا لا أعرف سوى أن أكتب فقط وليس لي حيلة في أمور الأعمال الفنية وما إلى ذلك.. وإن كنت أتمنى يومًا أن تتحول “الإفطار الأخير” إلى مسلسل تليفزيوني لأنها تحمل كل مقومات المسلسل المشوق والناجح.
ما الجائزة التي تحلم بها في المستقبل..؟
أنا لا أولي أهمية أن أحصل على جائزة من عدمه، فهدفي الوحيد هو وصول كتاباتي وأفكاري إلى أكبر عدد ممكن من القراء خصوصًا الشباب.. لكن مسألة الجوائز التقديرية فهي ستأتي عاجلًا او آجلًا وفى الحالتين سيكون الأمر جيد.. تذكر أن العقاد وتوفيق الحكيم لم يحصلا على نوبل ونجيب محفوظ حصل عليها وهذا بالطبع لا يقلل من شأنهما أو بعني تفوق محفوظ عليها.
تلغراف ترسله لابناء جيلك ….ماذا تقول فيه ..؟
أقول لأبناء جيلي اقرأوا وشاهدوا التليفزيون واذهبوا إلى السينما وسافروا كثيرا وادخلوا في علاقات انجحوا وافشلوا وتعلموا من التجارب.. الحياة أقصر مما نتصور.