تفجير اسطنبول وعودة الامن المفقود

على الرغم ان تفجيراسطنبول لم يوقع عدد كبير من الضحايا كما هو الحال في تفجير سروج الذي اوقع 33 قتيل و تفجير انقرة المزدوج الذي اوقع اكثر من 100 قتيل الا انه اصاب الحكومة التركية بالصدمة بسبب حساسية المكان المستهدف و التوقيت والرسائل القريبة و البعيدة الموجهة و فتح باب التساؤلات من الفاعل ؟ومن المستفيد ومن الخاسر؟

بالنسبة للفاعل تم الاجابة عنه بسرعة و اراحنا من التخمينات اذا صدق الخبر المنشور على وكالة الاناضول التركية بتبني تنظيم داعش ولاية اسطنبول للتفجير .

اما بالنسبة للرسائل الموجهة تنقسم الى قسمين :

رسائل قريبة

– ان ضرب السياحة في تركيا في متناول ايدينا وخير دليل على ذلك ضرب اهم الاماكن السياحية في اسطنبول.

– الرسالة الثانية موجهة للمؤسسة الامنية رغم كل الاجراءات المشددة ونظام المراقبة الالكتروني واجهزة التعقب سواء على الحدود او في قلب تركيا تم اختراقها وضربها في العمق .

رسائل بعيدة

هي موجهة للساسة الاتراك وتكمن في مغزى ودلالة استخدام انتحاري سوري فاذا استمرت تركيا في اجراءاتها التصعيدية تجاه التنظيم الذي كان يغض الطرف عنه في السابق سيكون تكرار لهذه العملية وباجساد انتحاريين سوريين لعمل شرخ بين الاتراك ومئات الاف اللاجئين السوريين وما ينتج عنه من احتقان واحتكاكات ومن ثم اشتباكات واضطرابات والمغذي لها جاهز وموجود في الداخل التركي والاوضاع الحالية لا تسمح لتركيا بالمغامرة وفتح جبهات اخرى تضاف لجبهات التوتر شرق  وجنوب شرق البلاد مع الاكراد في ظل ازمة متصاعدة مع روسيا وتوتر مع الحكومة العراقية وجبهات ساخنة على حدود سورية

لكن هذا التكتيك الجديد في استخدام انتحاريين سوريين واستهداف مواطنين المان سوف يضربتواجد اللاجئين  السوريين ومعاناتهم في اوروبا وخاصة المانيا التي قدمت تسهيلات اكثر من غيرها وهي فرصة ذهبية لليمين المتطرف الالماني لاحراج الحكومة الالمانية وتصعيد حملته ضد اجراءات الحكومة لاستقبال اللاجئين السوريين كونهم اصبحوا في نظر الالمان انتحاريين محتملين

لكن من جهة المستفيد لا تحتاج لتفكير لانهم كثر سواء من داخل تركيا من الاكراد الى زعيم المعارضة كمال قليجدار اوغلو رئيس حزب الشعب الجمهورى  الذي وصف الحكومة بالتقصير الامني الى الخصم العنيد رئيس حركة خدمة فتح الله كولن اما خارجيا بالرغم من تنديد كل من روسيا وايران والعراق والنظام السوري وحزب الله الا انهم يعتبرونها فرصة سانحة لابعاد تركيا عن دعم المعارضة المسلحة والبدء بفتح قنوات جديدة لزيادة التنسيق كما حدث في تفجيرات باريس وزيادة التنسيق بين روسيا وفرنسا لمحاربة الارهاب

لكن اوردوغان بالرغم من غضبه وتصريحاته القوية ضد العملية واطلاق التحذيرات بانه لن يسمح باستمرار الخيانة الداخلية وهو تحريض الشعب التركي على المعارضة بشكل مبطن الا انه في قرارة نفسه راضي عن انتقاد المعارضة للحكومة ووصفها بالتقصير الامني لانه يضع المواطن التركي في المقارنة بينه وبين رئيس الحكومة الحالية احمد داوود اوغلو واخفاقاته الامنية وهو على راس السلطة التنفيذية وتذكير المواطنين الاتراك لفترة حكمه اثناء تواجده على راس السلطة التنفيذية وذلك يصب في صالحه ويدعم سعيه للتحول الى النظام الرئاسي ليضعوا بيده الصلاحيات الكاملة لاعادة ادارة البلاد وعودة الامن المفقود .

الكاتب : باحث فى العلاقات الدولية

شكرا للتعليق على الموضوع

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *