ناصر اللحام يكتب : والعالم العربي امّا نعجة مذبوحة أو حاكم قصّاب

تشهد المنطقة العربية حالة فرز غير مسبوقة ، تستنزف الشعوب العربية وتدمر حالة التوازن والاعتدال .

انها حرب عالمية بكل معنى الكلمة .

ولكننا لم نعرف ذلك بعد ، ويخسر العالم العربي كل يوم الاف القتلى ومئات ملايين الدولارات اقتصاديا وحربيا وتعليميا وتربويا وزراعيا وصناعيا ، حتى وصل القتال الى كتاب الله وصار الذبح على الملة ووفق المذهب .

وكأن ما يحدث لم يعد يكفي فدخلت الدول العظمى بكل بوارجها وجوارحها ودبّت في دمنا دبيب النمل ، تارة على شكل طائرات وتارة على شكل قاذفات وبوارج وأساطيل ، فوقفنا وراء حكامنا وجلادينا ندافع عنهم حتى يموت اطفالنا .

 وانقسمنا الى فسطاطين مذبوحين ، فسطاط يموت وهو يقتل الاخر ، وفسطاط يقاتل اخوته حتى يموت .

 اما فلسطين فقد حسمت نفسها مع احد الفسطاطين وان كانت تحاول ان تحصل على مقعد استثنائي الا ان ذلك لم يعد بمستطاع ، فقد حسم الأمر .

الشهر القادم سيكون أكثر نارا وأكثر دما وأكثر تدميرا ، وستدخل جيوش عربية لتقاتل جيوش عربية اخرى ، وستدخل اسرائيل لتقوي طرف على طرف اّخر ، وستغرز سيفها في ظهر شعب الأرض المحتلة أكثر وأكثر .

اليمن تحولت الى برميل بارود ، والسعودية تحوّلت الى منصة اطلاق للطائرات والصواريخ ، وقطر والكويت تحولتا الى خزائن حربية ، والامارات غرفة عمليات التخطيط للحرب العالمية القائمة ، اما العراق فتحترق فوق الرماد بعد ان نهبها الاصدقاء والاعداء ، ومصر بلا هيكل ، يريد الجميع دوليا وعربيا أن يبتز مواقفها وهي تحارب التماسيح التي تسللت الى نهر النيل ، سوريا تحولت الى قنبلة ستنفجر في وجه الجميع ، الاردن تسند الخليج بيسارها وسوريا بيمينها والعين بصيرة على القدس ، والسودان تبحث عن لون يتناسب مع البحر الاحمر ، والجحافل تنتقل الى ليبيا لملاحقة الخليفة الذي ذبح الخليقة ، والمغرب العربي يبدو كأميرة تبكي على شرفة القصر .

 والانتفاضة الفلسطينية مستمرة من دون استراتيجية معلنة ووسط ضباب كثيف ، والقادة هنا قد تحوّلوا الى متعدي جنازات الاطفال ، والجميع يعيب على الجميع ، والأيام القادمة صعبة والقيادات الفلسطينية غامضة وصامتة ومن الاجدر ان تعلن الانتقال لنظام التوفير الذاتي .

حرب دولية ساحقة ، حرب عربية ماحقة ، وانتفاضة صادقة … والايام القادمة صعبة وتحتاج الى حكومات صادقة وشعوب واثقة .

أو ينطبق علينا قول الشاعر العراقي مظفر النواب  ” سنصبح نحن يهود التاريخ ونعوي في الصحراء بلا مأوى ” .

وقول الشاعر السوري نزار قباني  :

من أين يأتي الشعر ؟ حين نهارنا

قمعٌ ، وحين مساؤنا إرهاب

سرقوا أصابعنا .. وعطر حروفنا

فبأي شيء يكتب الكُـتـَّاب ؟

والحُكم شرطيٌ يسير وراءنا

سراً .. فنكهة خبزنا استجواب

يا تونس الخضراء .. هذا عالمٌ

يثرى به الأمي .. والنصاب ..

فمن الخليج إلى المحيط .. قبائل

بَطِرَت فلا فكر ولا آداب

في عصر زيت الكاز .. يطلب شاعر

ثوباً وترفل بالحرير قـِحاب !!!

أنا يا صديقة متعب بعروبتي

فهل العروبة لعنة وعقاب ؟

أمشي على ورق الخريطة خائفاً

فعلى الخريطة كلنا أغراب ..

أتكلم الفصحى أمام عشيرتي

وأعيد .. لكن ما هناك جواب

لولا العباءات التي التفوا بها

ما كنت أحسب أنهم أعراب ..

يتقاتلون على بقايا تمرة

فخناجر مرفوعة وحراب

قبلاتهم عربية .. مَن ذا رأى

فيما رأى قــُـبَلاً لها أنياب

وخريطة الوطن الكبير فضيحة

فحواجز .. ومخافر .. وكلاب

والعالم العربي .. إما نعجة

مذبوحة أو حاكم قصَّاب

والعالم العربي يرهن سيفه

فحكاية الشرف الرفيع سراب

والعالم العربي يخزن نفطه

في خصيتيه .. وربك الوهاب

والناس قبل النفط أو من بعده

مستنزفون فسادة ودواب

أنا متعب .. ودفاتري تعبت معي

هل للدفاتر يا ترى أعصاب ؟

حزني بنفسجة يبللها الندى

وضفاف جرحي روضة مِعشاب

وإذا قسوتُ على العروبة مرة

فلقد تضيق بكحلها الأهداب

فلربما تجد العروبة نفسها

ويضيء في قلب الظلام شهاب

ولقد تطير مِن العقال حمامة

ومِن العباءة تطلع الأعشاب

لا تغضبي مني .. إذا غلب الهوى

إن الهوى في طبعه غلاب

فذنوب شعري كلها مغفورة

والله جل جلاله التواب ..

بقلم : د. ناصر اللحام

شكرا للتعليق على الموضوع