ناصر اللحام يكتب : بعد انتهاء الحرب الدينية سيبقى الشيعي شيعيا ويبقى السني سنيا

لا يمكن ولا بأي شكل من الاشكال ان يكون المخطط الارهابي الاخير في الاردن عشوائيا ، او انه محض صدفة . وانما هي محاولة اخرى من جهات الظلام لنشر خطة شيطانية ، ولنقل الصراع الدموي الدائر في عدة دول عربية مجاورة الى الاردن ، وان سرعة وقوة الامن الاردني كسر شوكة هذا المخطط منذ بدايته ، كما أن ما يمنع توفر مناخات نجاح هذا المخطط هو عدم وجود طوائف مختلفة في الاردن فالغالبية الساحقة هم سنة ، ومع ذلك تخطط وتهدد جهات دولية واقليمية بنقل رحى الصراع الى دول اخرى .

الشارع الاردني عاش اللحظة العربية بقوة ، ومعه الاعلام الاردني وكبار المثقفين عاشوا ازمة الانقسام الفلسطيني والعراقي والسوري بكل جوارحهم ، ومثل اي مجتمع عربي انقسم المثقفون الى هنا وهناك ، ويجدر التنويه الى ان عدم وجود طوائف شيعية وسنية ليس ضامنا كافيا لعدم وقوع انقسام , لان فلسطين وليبيا لا يوجد بهما شيعة ومع ذلك كان الانقسام اسرع وأقوى وأشد وأدى الى انقسام جغرافي وأمني وسياسي لم يتوقعه احد .

من الناحية العسكرية تعيش منظمات داعش حالة تقهقر وانحسار ، وهي تولّي الادبار من ناحية الرقة في سوريا الى العراق ، لكن المعارك في الفالوجة والانبار تضغط الدواعش للهروب الى الاردن والسعودية بعدما أغلقت تركيا حدودها بشكل محكم في وجوههم .

وقد نجح المخطط في العراق وسوريا وليبيا واليمن ولكنه فشل حتى الان في لبنان وفلسطين والاردن ، ولا تزال السعودية ودول الخليج الغنية في المهداف ، فالجماعات المسلحة تحاول هنا وهناك ، وحين تجد جبهة داخلية مهلهلة وقوات امن مذعورة وصحافة فاقدة لرشدها تزرع اوتادها وترفع خيمتها وتنشر ” ثقافة الاستئصال ” دون رحمة .

لغاية الان لم نشاهد قائدا للعالم السني ، ولم نر قيادة موحدة للاحداث القومية باستثناء جامعة الدول العربية التي تشبه مكانا للاجتماع ولكنها لا تعتبر قيادة بأي معنى من المعاني .

قد تستمر حرب الطوائف والمذاهب الدينية ( وهي ليست كذلك أبدا وانما هي حرب استعمارية ضد العرب بأدوات دينية ) ، قد تستمر لاشهر او سنوات ، لكنها لن تغير في الواقع المذهبي او الطائفي ، وسيبقى السني سنيا ويبقى الشيعي شيعيا ، بل سيزداد تمسك كل طرف بمذهبه سواء في البحرين او الطائف او اليمن أو مصر او فلسطين او ليبيا او سوريا .

الى ذلك الحين ، سيذكر التاريخ بحروف من ذهب ، أن قادة وادباء وفنانين وصحافيين وكتابا ووزراء وطلبة جامعات وناشطات مناضلات وأئمة مساجد ومفكرين رفضوا ان ينغمسوا في صراع الطوائف وحافظوا على دينهم وعقولهم وشرفهم وكرامتهم ، وسيذكر التاريخ هامات عالية رفضت ان تبيع نفسها بالمال او الجاه وقاومت الترهيب والترغيب ورفضت التشظي كما خطط المحتل .

سيذكر التاريخ مواطنين دافعوا عن وطنهم وحملوا مفتاح الامانة ورفضوا شتم هذه الدولة او تلك ، حتى لا يبيعوا ارواحهم الى شيطان الطائفية لقاء مبلغ من المال او برنامج تلفزيوني فاقع

بعد اسابيع ، بعد أشهر ، أو بعد سنوات ستنتهي هذه الحروب ، وسيكتب التاريخ من دافع عن القدس وناضل من أجلها ، ومن باع القدس من اجل ان يشتري رصاصة ليذبح جاره او يفجر مسجد أخيه .

شكرا للتعليق على الموضوع